الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 522 ] ذكر تكذيب المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهم عليه ما آتاهم به من الله عز وجل

                                                                                                                          6564 - أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى حدثنا وهب بن بقية أخبرنا خالد عن محمد بن عمرو عن أبيه عن جده ، قال : قال عمرو بن العاص : خرج جيش من المسلمين أنا أميرهم ، حتى نزلنا الإسكندرية ، فقال عظيم من عظمائهم : أخرجوا إلي رجلا يكلمني وأكلمه ، فقلت : لا يخرج إليه غيري ، فخرجت ومعي ترجماني ومعه ترجمانه حتى وضع لنا منبر ، فقال : ما أنتم ؟ فقلت : إنا نحن العرب ، ونحن أهل الشوك والقرظ ، ونحن أهل بيت الله ، كنا أضيق الناس أرضا ، وأشدهم عيشا ، نأكل الميتة والدم ، ويغير بعضنا على بعض بأشد عيش عاش به الناس ، حتى خرج فينا رجل ليس بأعظمنا - يومئذ - شرفا ، ولا أكثرنا مالا ، وقال : أنا رسول الله إليكم ، يأمرنا بما لا نعرف ، وينهانا عما كنا عليه ، وكانت عليه آباؤنا ، فكذبناه ، ورددنا عليه مقالته ، حتى خرج إليه قوم من غيرنا ، فقالوا : نحن نصدقك ، ونؤمن بك ، ونتبعك ، ونقاتل من قاتلك ، فخرج إليهم ، وخرجنا إليه ، فقاتلناه ، فقتلنا ، [ ص: 523 ] وظهر علينا ، وغلبنا ، وتناول من يليه من العرب ، فقاتلهم حتى ظهر عليهم ، فلو يعلم من ورائي من العرب ما أنتم فيه من العيش لم يبق أحد إلا جاءكم حتى يشرككم فيما أنتم فيه من العيش ، فضحك ، ثم قال : إن رسولكم قد صدق ، قد جاءتنا رسلنا بمثل الذي جاء به رسولكم ، فكنا عليه حتى ظهرت فينا ملوك ، فجعلوا يعملون بأهوائهم ، ويتركون أمر الأنبياء ، فإن أنتم أخذتم بأمر نبيكم لم يقاتلكم أحد إلا غلبتموه ، ولم يشارككم أحد إلا ظهرتم عليه ، فإذا فعلتم مثل الذي فعلنا ، وتركتم أمر نبيكم وعملتم مثل الذي عملوا بأهوائهم ، فخلى بيننا وبينكم ، لم تكونوا أكثر عددا منا ، ولا أشد منا قوة . قال عمرو بن العاص : فما كلمت رجلا قط أمكر منه .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية