الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 525 ] ذكر بعض أذى المشركين رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عند دعوته إياهم إلى الإسلام

                                                                                                                          6567 - أخبرنا أبو يعلى حدثنا أبو خيثمة حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني يحيى بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمرو ، قال : قلت : ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيما كانت تظهر من عداوته ؟ قال : قد حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم في الحجر ، فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقالوا : ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط ، سفه أحلامنا ، وشتم آباءنا ، وعاب ديننا ، وفرق جماعتنا ، وسب آلهتنا ، لقد صبرنا منه [ ص: 526 ] على أمر عظيم ، أو كما قالوا ، فبينا هم في ذلك ، إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل يمشي حتى استلم الركن ، فمر بهم طائفا بالبيت ، فلما أن مر بهم غمزوه ببعض القول ، قال : وعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى صلى الله عليه وسلم ، فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها ، فعرفت ذلك في وجهه ، ثم مضى صلى الله عليه وسلم ، فمر بهم الثالثة ، غمزوه بمثلها ، ثم قال : أتسمعون يا معشر قريش ، أما والذي نفس محمد بيده ، لقد جئتكم بالذبح . قال : فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا لكأنما على رأسه طائر واقع ، حتى إن أشدهم فيه وطأة قبل ذلك يتوقاه بأحسن ما يجيب من القول ، حتى إنه ليقول : انصرف يا أبا القاسم ، انصرف راشدا ، فوالله ما كنت جهولا . فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان من الغد اجتمعوا في الحجر وأنا معهم ، فقال بعضهم لبعض : ذكرتم ما بلغ منكم ، وما بلغكم عنه ، حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه ، وبينا هم في ذلك ، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فوثبوا إليه وثبة رجل واحد ، وأحاطوا به ، يقولون له : أنت الذي تقول كذا وكذا - لما كان يبلغهم عنه من عيب آلهتهم ودينهم ؟ قال : نعم ، أنا الذي أقول ذلك . قال : فلقد [ ص: 527 ] رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه ، وقال : وقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه دونه يقول وهو يبكي : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم انصرفوا عنه ، فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا بلغت منه قط .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية