الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          3423 حدثنا الحسن بن علي الخلال حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة رفع يديه حذو منكبيه ويصنع ذلك أيضا إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعها إذا رفع رأسه من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد فإذا قام من سجدتين رفع يديه كذلك فكبر ويقول حين يفتتح الصلاة بعد التكبير وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت سبحانك أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك وسعديك أنا بك وإليك ولا منجا ولا ملجأ إلا إليك أستغفرك وأتوب إليك ثم يقرأ فإذا ركع كان كلامه في ركوعه أن يقول اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت وأنت ربي خشع سمعي وبصري ومخي وعظمي لله رب العالمين فإذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده ثم يتبعها اللهم ربنا ولك الحمد ملء السموات والأرض وملء ما شئت من شيء بعد فإذا سجد قال في سجوده اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ويقول عند انصرافه من الصلاة اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت إلهي لا إله إلا أنت قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند الشافعي وبعض أصحابنا وأحمد لا يراه وقال بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم يقول هذا في صلاة التطوع ولا يقوله في المكتوبة سمعت أبا إسمعيل يعني الترمذي محمد بن إسمعيل بن يوسف يقول سمعت سليمان بن داود الهاشمي يقول وذكر هذا الحديث فقال هذا عندنا مثل حديث الزهري عن سالم عن أبيه

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( أخبرنا سليمان بن داود ) بن داود بن علي بن عبد الله بن عباس أبو أيوب البغدادي الهاشمي الفقيه ، ثقة جليل قال أحمد بن حنبل ، يصلح للخلافة ، من العاشرة . قوله : ( لا منجى منك ولا ملجأ إلا إليك ) يأتي شرحه في الباب الذي بعد باب انتظار الفرج .

                                                                                                          قوله : ( والعمل على هذا [ ص: 269 ] الحديث عند الشافعي وبعض أصحابنا ) قال النووي في شرح مسلم : في هذا الحديث استحباب دعاء الافتتاح في كل الصلوات حتى في النافلة وهو مذهبنا ومذهب كثيرين وفيه استحباب الاستفتاح بما في هذا الحديث إلا أن يكون إماما لقوم لا يؤثرون التطويل ، وفيه استحباب الذكر في الركوع والسجود والاعتدال والدعاء قبل السلام انتهى .

                                                                                                          قلت : القول الراجح المعول عليه هو ما ذهب إليه الشافعي ومن تبعه من العمل على هذا الحديث والله أعلم ( وقال بعض أهل العلم من أهل الكوفة وغيرهم يقول هذا في صلاة التطوع ولا يقوله في المكتوبة ) وهو مذهب الحنفية ، وأجاب بعضهم عن هذا الحديث بأنه كان في أول الأمر . قلت : القول بأنه كان في أول الأمر ادعاء محض لا دليل عليه فهو مما لا يلتفت إليه ، وقد تقدم الكلام في هذا مفصلا في باب ما يقول عند افتتاح الصلاة ( سمعت أبا إسماعيل يعني الترمذي ) اسمه محمد بن إسماعيل بن يوسف ( فقال هذا عندنا مثل حديث الزهري عن سالم عن أبيه ) يعني أن حديث علي هذا من أصح الأحاديث سندا وأقواها مثل حديث الزهري عن سالم عن أبيه .

                                                                                                          اعلم أن أهل العلم بالحديث قد اختلفوا في تعيين أصح الأسانيد ، قال الحافظ ابن الصلاح في مقدمته : روينا عن إسحاق بن راهويه أنه قال : أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه وروينا نحوه عن أحمد بن حنبل ، وروينا عن عمرو بن علي الفلاس أنه قال : أصح الأسانيد كلها [ ص: 270 ] محمد بن سيرين عن عبيدة عن علي ، وروينا نحوه عن علي بن المديني . وروي ذلك عن غيرهما ثم منهم من عين الراوي عن محمد وجعله أيوب السختياني ومنهم من جعله ابن عون ، وفيما نرويه عن يحيى بن معين أنه قال : أجودها الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله ، وروينا عن أبي بكر بن أبي شيبة أنه قال : أصح الأسانيد كلها الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي ، روينا عن أبي عبد الله البخاري صاحب الصحيح أنه قال : أصح الأسانيد كلها مالك عن نافع عن ابن عمر ، وبنى الإمام أبو منصور عبد القاهر بن طاهر التيمي على ذلك أن أجل الأسانيد الشافعي عن مالك عن نافع عن ابن عمر واحتج بإجماع أصحاب الحديث على أنه لم يكن في الرواة عن مالك أجل من الشافعي رضي الله عنهم انتهى .




                                                                                                          الخدمات العلمية