الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4130 4391 - حدثنا عبدان، عن أبي حمزة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال: كنا جلوسا مع ابن مسعود، فجاء خباب فقال: يا أبا عبد الرحمن، أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرءوا كما تقرأ؟ قال أما إنك لو شئت أمرت بعضهم يقرأ عليك. قال: أجل. قال اقرأ يا علقمة. فقال زيد بن حدير: أخو زياد بن حدير: أتأمر علقمة أن يقرأ وليس بأقرئنا؟! قال: أما إنك إن شئت أخبرتك بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في قومك وقومه. فقرأت خمسين آية من سورة مريم، فقال عبد الله: كيف ترى؟ قال: قد أحسن. قال

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 562 ] عبد الله: ما أقرأ شيئا إلا وهو يقرؤه، ثم التفت إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال: ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى؟ قال: أما إنك لن تراه علي بعد اليوم. فألقاه. رواه غندر، عن شعبة. [فتح: 8 \ 100]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حدثنا عبد الله بن محمد وإسحاق بن نصر قالا: ثنا يحيى بن آدم، ثنا ابن أبي زائدة، [عن أبيه] ، عن أبي إسحاق، عن الأسود، عن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: قدمت أنا وأخي من اليمن، فمكثنا حينا ما نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل البيت; من كثرة دخولهم ولزومهم له.

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في مناقب عبد الله بن مسعود بإسناد آخر ولم يذكر أمه -وسقط من نسخة أبي زيد شيخا البخاري، وابتدأ الإسناد بقوله: (حدثنا يحيى بن آدم) والصواب ثبوتهما - وأمه أم عبد بنت عبد ود بن سواء بن قريم ، وأمها: هند بنت عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: فضل ابن مسعود وأمه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 563 ] ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي موسى، وقد سلف في الخمس.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: (لما قدم أبو موسى أكرم هذا الحي من جرم) يريد أنه نزل على الرية .

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث عمران بن حصين: جاءت بنو تميم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال: "أبشروا ... " الحديث، سلف قريبا في باب: وفد بني تميم .

                                                                                                                                                                                                                              رابعها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي مسعود: "الإيمان ها هنا -وأشار بيده إلى اليمن- والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين، عند أصول أذناب الإبل من حيث يطلع قرنا الشيطان ربيعة ومضر".

                                                                                                                                                                                                                              وسلف في مناقب قريش مع طريق آخر من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                                              خامسها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث ابن أبي عدي، عن شعبة، عن سليمان، عن ذكوان، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان، والحكمة يمانية".

                                                                                                                                                                                                                              قال غندر: قال شعبة: عن سليمان: سمعت ذكوان، عن أبي هريرة، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 564 ] سادسها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي الغيث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - (قال) : "الإيمان يمان، والفتنة ههنا، ههنا يطلع قرن الشيطان".

                                                                                                                                                                                                                              سابعها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - رضي الله عنه -أيضا، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أتاكم أهل اليمن، أضعف قلوبا وأرق أفئدة، الفقه يمان، والحكمة يمانية".

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: ثناء على أهل اليمن; لمبادرتهم إلى الدعوة وإسراعهم إلى قبول الإيمان، وفي قوله: "الحكمة يمانية" ثناء على الأنصار، ومعنى الحكمة: الفقه كقوله: ويعلمهم الكتاب والحكمة [البقرة: 129] قال أهل التأويل: يعني الفقه، وأكثر فقهاء الصحابة الأنصار، ذكره كله الخطابي، قال: ووصف الأفئدة بالرقة، والقلوب باللين، وذلك أنه يقال: إن الفؤاد غشاء القلب، فإذا رق نفذ القول وخلص إلى ما وراءه، وإذا غلظ تعذر وصوله إلى داخله، فإذا صادف القلب لينا علق به وتجمع فيه .

                                                                                                                                                                                                                              قلت: وقيل: أراد بقوله: "الإيمان يمان" أن ابتداء الإيمان من اليمن; لأن مكة يمانية، وهي مولد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو قول أبي عبيد، وقيل: كان - عليه السلام - حين قال هذا بتبوك، والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن، وهو يريد مكة والمدينة. وقيل: أراد الأنصار; لأنهم يمانيون.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 565 ] وقيل: يمان، وأصله يماني، فخففوا ياء النسبة، كما قالوا: تهامون والأشعرون والسعدون، وقيل: إنما قال ذلك حين صرفت القبلة إلى مكة .

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثامن:

                                                                                                                                                                                                                              حديث علقمة: كنا جلوسا مع ابن مسعود، فجاء خباب فقال: يا أبا عبد الرحمن، أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرءوا كما تقرأ .. إلى آخره.

                                                                                                                                                                                                                              رواه غندر، عن شعبة، عن سليمان، هو كما تقدم، وليس هذا موضعه، وقول ابن مسعود لخباب: (ألم يأن لهذا الخاتم أن يلقى) يعني: خاتم الذهب الذي رآه في يد خباب.

                                                                                                                                                                                                                              فيه: الرفق في الموعظة، وتعليم من لم يعلمه، وأن بعض الصحابة كان يخفى عليه بعض أمر الشارع، وأن على من وعظ قبول الموعظة.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: تحريم لباس الذهب على الرجال، إنما [حرم] للتشبيه بالنساء أو للكبر والتيه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية