الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 577 ] روح بن عبادة : حدثنا حجاج الأسود ، قال : تمنى رجل فقال : ليتني بزهد الحسن ، وورع ابن سيرين ، وعبادة عامر بن عبد قيس ، وفقه سعيد بن المسيب ، وذكر مطرف بن الشخير بشيء . قال : فنظروا في ذلك ، فوجدوه كله كاملا في الحسن .

                                                                                      عيسى بن يونس ، عن الفضيل أبي محمد : سمعت الحسن يقول : أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة ، جمعت القرآن ، أنظر إلى طلحة بن عبيد الله . الفضيل : لا يعرف .

                                                                                      يعقوب الفسوي : سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول : حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة .

                                                                                      وقال حماد بن سلمة : أنبأنا علي بن زيد ، قال : رأيت سعيد بن المسيب ، وعروة ، والقاسم في آخرين ; ما رأيت مثل الحسن .

                                                                                      وقال جرير بن حازم ، عن حميد بن هلال ، قال لنا أبو قتادة : ما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن .

                                                                                      ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : دخلنا على الحسن وهو نائم ، وعند رأسه سلة ، فجذبناها فإذا خبز وفاكهة ، فجعلنا نأكل ، فانتبه فرآنا ، فسره ، فتبسم وهو يقرأ : أو صديقكم لا جناح عليكم .

                                                                                      حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء .

                                                                                      [ ص: 578 ] وقال السري بن يحيى : كان الحسن يصوم البيض ، وأشهر الحرم ، والاثنين والخميس .

                                                                                      يونس بن عبيد ، عن الحسن ، قال : كنا نعاري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      غالب القطان ، عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا ، فلينظر إلى الحسن .

                                                                                      وقال قتادة : كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام .

                                                                                      روى أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود ، قال : لم يحج الحسن إلا حجتين ، وكان يكون بخراسان ! وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة ، والمهلب بن أبي صفرة ، وكان من الشجعان .

                                                                                      قال هشام بن حسان : كان الحسن أشجع أهل زمانه .

                                                                                      وقال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج .

                                                                                      فضيل بن عياض ، عن رجل ، عن الحسن ، قال : ما حليت الجنة لأمة ما حليت لهذه الأمة ، ثم لا ترى لها عاشقا .

                                                                                      أبو عبيدة الناجي ، عن الحسن ، قال : ابن آدم ، ترك الخطيئة أهون عليك من معالجة التوبة ; ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة فأنت في غير معمل .

                                                                                      [ ص: 579 ] سلام بن مسكين ، عن الحسن ، قال : أهينوا الدنيا ; فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها .

                                                                                      وقال جعفر بن سليمان : كان الحسن من أشد الناس ، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه .

                                                                                      وقال أبو سعيد بن الأعرابي في " طبقات النساك " : كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ، ويسمعون كلامه ، ويذعنون له بالفقه ، في هذه المعاني خاصة .

                                                                                      وكان عمرو بن عبيد ، وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له ، وكان له مجلس خاص في منزله ، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن ، فإن سأله إنسان غيرها ، تبرم به وقال : إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر .

                                                                                      فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث ، والفقه ، وعلم القرآن ، واللغة ، وسائر العلوم ; وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب ، وكان منهم من يصحبه للحديث ، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان ، ومنهم من يصحبه للبلاغة ، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص ، كعمرو بن عبيد وأبي جهير ، وعبد الواحد بن زيد ، وصالح المري ، وشميط ، وأبي عبيدة الناجي ; وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال - يعني في العبادة .

                                                                                      حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : كذب على الحسن ضربان من [ ص: 580 ] الناس : قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن ، وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن . وأنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوفته بالسلطان ، فقال : لا أعود فيه بعد اليوم . فلا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به ، وقد أدركت الحسن - والله - وما يقوله .

                                                                                      قال الحمادان ، عن يونس قال : ما استخف الحسن شيء ما استخفه القدر .

                                                                                      حماد بن زيد ، أن أيوب وحميدا خوفا الحسن بالسلطان ، فقال لهما : ولا تريان ذاك ؟ قالا : لا . قال : لا أعود .

                                                                                      قال حماد : لا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به .

                                                                                      وروى أبو معشر ، عن إبراهيم ، أن الحسن تكلم في القدر . رواه مغيرة بن مقسم ، عنه .

                                                                                      وقال سليمان التيمي : رجع الحسن عن قوله في القدر .

                                                                                      حماد بن سلمة ، عن حميد ، سمعت الحسن يقول : خلق الله الشيطان ، وخلق الخير ، وخلق الشر . فقال رجل : قاتلهم الله ، يكذبون على هذا الشيخ .

                                                                                      أبو الأشهب : سمعت الحسن يقول في قوله : وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال : حيل بينهم وبين الإيمان .

                                                                                      وقال حماد ، عن حميد ، قال : قرأت القرآن كله على الحسن ، ففسره [ ص: 581 ] لي أجمع على الإثبات ، فسألته عن قوله : كذلك سلكناه في قلوب المجرمين قال : الشرك سلكه الله في قلوبهم .

                                                                                      حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء ، قال : سأل الرجل الحسن فقال : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ؟ قال : أهل رحمته لا يختلفون ، ولذلك خلقهم ، خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره . فقلت : يا أبا سعيد ، آدم خلق للسماء أم للأرض ؟ قال : للأرض خلق . قلت : أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال : لم يكن بد من أن يأكل منها ; لأنه خلق للأرض . فقلت : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم ؟ قال : نعم ، الشياطين لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلى الجحيم .

                                                                                      أبو هلال محمد بن سليم : دخلت على الحسن يوم الجمعة ولم يكن جمع ، فقلت : يا أبا سعيد ، أما جمعت ؟ قال : أردت ذلك ، ولكن منعني قضاء الله .

                                                                                      منصور بن زاذان : سألنا الحسن عن القرآن ، ففسره كله على الإثبات .

                                                                                      ضمرة بن ربيعة ، عن رجاء ، عن ابن عون ، عن الحسن ، قال : من كذب بالقدر فقد كفر .

                                                                                      حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال : لما ولي الحسن القضاء كلمني [ ص: 582 ] رجل أن أكلمه في مال يتيم يدفع إليه ويضمه ، فكلمته فقال : أتعرف الرجل ؟ قلت : نعم . قال : فدفعه إليه .

                                                                                      رجاء بن سلمة ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين - وقيل له في الحسن : وما كان ينحل إليه أهل القدر ؟ قال : كانوا يأتون الشيخ بكلام مجمل ، لو فسروه لهم لساءهم .

                                                                                      ابن أبي عروبة : كلمت مطرا الوراق في بيع المصاحف ، فقال : قد كان حبرا الأمة - أو فقيها الأمة - لا يريان به بأسا : الحسن والشعبي .

                                                                                      ابن شوذب ، عن مطر ، قال : دخلنا على الحسن نعوده ، فما كان في البيت شيء ; لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه .

                                                                                      عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، قال : ولي وهب القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه ، فحدثت به معمرا ، فتبسم وقال : ولي الحسن القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه .

                                                                                      وقال أبو سعيد بن الأعرابي : كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء ، فيتكلم في الخصوص ، حتى نسبته القدرية إلى الجبر ، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر ; كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس [ ص: 583 ] عنده ، وتفاوتهم في الأخذ عنه ، وهو بريء من القدر ومن كل بدعة .

                                                                                      قلت : وقد مر إثبات الحسن للأقدار من غير وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه ، فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد .

                                                                                      كما نقل أحمد الأبار في " تاريخه " : حدثنا مؤمل بن إهاب ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : الخير بقدر ، والشر ليس بقدر .

                                                                                      قلت : قد رمي قتادة بالقدر .

                                                                                      قال غندر ، عن شعبة : رأيت على الحسن عمامة سوداء .

                                                                                      وقال سلام بن مسكين : رأيت على الحسن طيلسانا كأنما يجري فيه الماء ، وخميصة كأنها خز .

                                                                                      وقال ابن عون : كان الحسن يروي بالمعنى .

                                                                                      أيوب : قيل لابن الأشعث : إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة ، فأخرج الحسن . فأرسل إليه ، فأكرهه .

                                                                                      قال سليم بن أخضر : حدثنا ابن عون : قالوا لابن الأشعث : أخرج الحسن ، قال ابن عون : فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء ، فغفلوا عنه ، فألقى نفسه في نهر حتى نجا منهم ، وكاد يهلك يومئذ .

                                                                                      وقال القاسم الحداني : رأيت الحسن قاعدا في أصل منبر ابن الأشعث .

                                                                                      هشام ، عن الحسن ، قال : كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره .

                                                                                      [ ص: 584 ] حماد : سمعت ثابتا يقول : لولا أن تصنعوا بى ما صنعتم بالحسن حدثتكم أحاديث مونقة . ثم قال : منعوه القائلة ، منعوه النوم .

                                                                                      حميد الطويل : كان الحسن يقول : اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم ; فإنهم سيصحبونك بمثله .

                                                                                      قال أيوب : ما وجدت ريح مرقة طبخت أطيب من ريح قدر الحسن .

                                                                                      وقال أبو هلال : قلما دخلنا على الحسن إلا وقد رأينا قدرا يفوح منها ريح طيبة .

                                                                                      مسلم بن إبراهيم : حدثنا إياس بن أبي تميمة : شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة ، والفرزدق إلى جنبه على بعير ، فقال له الفرزدق : قد استشرفنا الناس ، يقولون : خير الناس وشر الناس ; قال : يا أبا فراس ، كم من أشعث أغبر ، ذي طمرين ، خير مني ، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه ، ما أعددت للموت ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله . قال : إن معها شروطا ، فإياك وقذف المحصنة . قال : هل من توبة ؟ قال : نعم .

                                                                                      ضمرة ، عن أصبغ بن زيد ، قال : مات الحسن وترك كتبا فيها علم .

                                                                                      موسى بن إسماعيل : حدثنا سهل بن الحصين الباهلي ، قال : بعثت إلى عبد الله بن الحسن البصري : ابعث إلي بكتب أبيك ، فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي : اجمعها لي ، فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها ، فأتيت بها فقال للخادم : اسجر التنور ، ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث بها إلي وأخبرني أنه كان يقول : ارو ما في هذه الصحيفة . ثم لقيته بعد فأخبرني به مشافهة بمثل ما أدى الرسول .

                                                                                      [ ص: 585 ] وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين ، قال : وأما الحسن فما رأينا أحدا أطول حزنا منه ; ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة . ثم قال : نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا . وقال : لا أقبل منكم شيئا ; ويحك يا ابن آدم ، هل لك بمحاربة الله - يعني قوة - والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ، ولقد رأيت أقواما يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا ، فيقول : لا أجعل هذا كله في بطني ، فيتصدق ببعضه ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه . .

                                                                                      قال أيوب السختياني : لو رأيت الحسن لقلت : إنك لم تجالس فقيها قط .

                                                                                      وعن الأعمش ، قال : ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها ، وكان إذا ذكر الحسن عند أبي جعفر الباقر قال : ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء .

                                                                                      صالح المري ، عن الحسن قال : ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ، ذهب بعضك .

                                                                                      مبارك بن فضالة : سمعت الحسن يقول : فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لب فرحا .

                                                                                      وروى ثابت عنه ، قال : ضحك المؤمن غفلة من قلبه .

                                                                                      [ ص: 586 ] أبو نعيم في " الحلية " حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد ، حدثنا أحمد بن زياد ، حدثنا عصمة بن سليمان الخزاز حدثنا فضيل بن جعفر ، قال : خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال : ما يجلسكم هاهنا ؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء ، أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار ; تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم ، قد فرطحتم نعالكم ، وشمرتم ثيابكم ، وجززتم شعوركم ; فضحتم القراء فضحكم الله ، والله لو زهدتم فيما عندهم ، لرغبوا فيما عندكم ، ولكنكم رغبتم فيما عندهم ، فزهدوا فيكم ، أبعد الله من أبعد .

                                                                                      وعن الحسن ، قال : ابن آدم ، السكين تحد ، والكبش يعلف ، والتنور يسجر .

                                                                                      ابن المبارك : حدثنا طلحة بن صبيح ، عن الحسن ، قال : المؤمن من علم أن ما قال الله كما قال ، والمؤمن أحسن الناس عملا ، وأشد الناس وجلا ، فلو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين ، لا يزداد صلاحا وبرا إلا ازداد فرقا ، والمنافق يقول : سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي ، فيسيء العمل ويتمنى على الله .

                                                                                      الطيالسي في " المسند " الذي سمعناه : حدثنا جسر أبو جعفر ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ " يس " في ليلة التماس وجه الله غفر له .

                                                                                      [ ص: 587 ] رواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن .

                                                                                      خالد بن خداش : حدثنا صالح المري ، عن يونس ، قال : لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع ، فقام إليه ابنه فقال : يا أبت قد غممتنا ، فهل رأيت شيئا ؟ قال : هي نفسي لم أصب بمثلها .

                                                                                      قال هشام بن حسان : كنا عند محمد عشية يوم الخميس ، فدخل عليه رجل بعد العصر ، فقال : مات الحسن . فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام ، فما تكلم حتى غربت الشمس ، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه .

                                                                                      قلت : وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مائة يوم .

                                                                                      قال ابن علية : مات الحسن في رجب سنة عشر ومائة .

                                                                                      وقال عبد الله بن الحسن : إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة .

                                                                                      قلت : مات في أول رجب ، وكانت جنازته مشهودة ، صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة ، فشيعه الخلق ، وازدحموا عليه ، حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع .

                                                                                      ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة ، فقال : لقد نبهتموني من جنات وعيون ، ومقام كريم .

                                                                                      قلت : اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن ، عن سمرة ، وهي نحو من خمسين حديثا ، فقد ثبت سماعه من سمرة ، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة .

                                                                                      وقال عفان : حدثنا همام ، عن قتادة ، حدثني الحسن ، عن هياج بن [ ص: 588 ] عمران البرجمي ، أن غلاما له أبق ، فجعل عليه إن قدر عليه أن يقطع يده فلما قدر عليه بعثنى إلى عمران فسألته ، فقال : أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة فليكفر عن يمينه ، ويتجاوز عن غلامه . قال : وبعثني إلى سمرة ، فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة ليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه .

                                                                                      قال قائل : إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن : عن فلان ، وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلان المعين ; لأن الحسن معروف بالتدليس ، ويدلس عن الضعفاء ، فيبقى في النفس من ذلك ; فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة ، يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة . والله أعلم .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية