الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
333 - وعن عمر بن عبد العزيز ، عن تميم الداري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( الوضوء من كل دم سائل ) . رواهما الدارقطني ، وقال : عمر بن عبد العزيز لم يسمع من تميم الداري ولا رآه ، ويزيد بن خالد ، ويزيد بن محمد مجهولان .

التالي السابق


333 - ( وعن عمر بن عبد العزيز ) : هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، يكنى أبا حفص الأموي القرشي ، أمه أم عاصم بنت عمر بن الخطاب ، واسمها ليلى ، روى عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، وروى عنه الزهري ، وأبو بكر بن حزم ، ولي الخلافة بعد سليمان بن عبد الملك سنة تسع وتسعين ، ومات سنة إحدى ومائة في رجب بدير سمعان من أرض حمص ، وكانت مدة ولايته سنتين وخمسة أشهر وأياما ، وله من العمر أربعون سنة . وقيل : لم يستكملها ، وكان على صفة من الزهد والعبادة والتقى والعفة وحسن السيرة ، لا سيما أيام ولايته . قيل : لما أفضت إليه الخلافة سمع من منزله بكاء عال فسئل عن ذلك ؟ فقالوا : إن عمر خير جواريه فقال : نزل بي ما شغلني عنكم ، فمن أحب أن أعتقه أعتقت ، ومن أحب أن أمسكه أمسكت ولم يكن لي إليها شيء وسأل عقبة بن نافع زوجته فاطمة بنت عبد الملك فقال : ألا تخبريني عن عمر ؟ فقالت : لا أعلم أنه اغتسل من جنابة ولا من احتلام منذ استخلفه [ ص: 372 ] الله تعالى حتى قبضه . وقالت : قد يكون من الرجال من هو أكثر صلاة وصياما من عمر ، ولكن لم أر من الناس أحدا قط أشد خوفا من ربه منه ، كان إذا دخل البيت ألقى نفسه في مسجده فلا يزال يبكي ويدعو حتى تغلبه عيناه ثم يستيقظ ويفعل مثل ذلك ليله أجمع ، ومناقبه كثيرة ظاهرة ( عن تميم الداري ) : نسبة إلى الجد فإن الدار اسم واحد من أجداده ، وهو أبو رقية مصغرا تميم بن خارجة صحابي ، كان يختم القرآن في ركعة ، وربما ردد الآية الواحدة في الليل كله ، لزم العبادة وسكن الشام ومات بها كذا في الأنساب للسمعاني . قال المصنف : هو تميم بن أوس الداري ، أسلم سنة تسع . قال محمد المنكدر : إن تميما الداري نام ليلة لم يقم يتهجد فيها فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع سكن المدينة ثم انتقل منها إلى الشام بعد قتل عثمان وأقام بها إلى أن مات ، وهو أول من أسرج السراج في المسجد ، روى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - قصة الدجال والجساسة ، وروى عنه أيضا جماعة . ( قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : الوضوء من كل دم سائل ) أي : إلى ما يجب تطهيره كما هو مذهب أبي حنيفة ( رواهما ) : أي : الحديثين السابقين ( الدارقطني ) : وروى الحديث الثاني ابن عدي في كامله عن زيد بن ثابت ، كذا ذكره الشمني يعني من طريق أخرى ، وقال ابن عدي : لا نعلمه إلا من طريق أحمد بن فروخ ، وهو ممن لا يحتج بحديثه ولكنه يكتب ، فإن الناس مع ضعفه قد احتملوا حديثه اهـ .

لكن قال ابن أبي حاتم في كتاب العلل : قد كتبنا عنه ومحله عندنا الصدق . قال ابن الهمام : وقد تظافر معه حديث البخاري عن عائشة : جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إليه - صلى الله عليه وسلم - وقالت : يا رسول الله إني امرأة أستحاض فلا أطهر أفأدع الصلاة : ( قال : لا إنما ذلك عرق وليست بالحيضة فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ) قال هشام بن عروة . قال أبي : ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت أي : وقت الحيض ، واعترض بأنه من كلام عروة ودفع بأنه خلاف الظاهر ، وقد رواه الترمذي كذلك ولم يحمله على ذلك ، ولفظه : وتوضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت وصححه ، وما رواه الدارقطني من أنه - صلى الله عليه وسلم - احتجم وصلى ولم يتوضأ ولم يزد على غسل محاجمه فضعيف اهـ . كلام المحقق ابن الهمام في شرح الهداية ، والله أعلم . ( وقال ) : أي : الدارقطني ( عمر بن عبد العزيز لم يسمع ) : أي : بلا واسطة ( من تميم الداري ولا رآه ) في شرح الهداية لخواجه عصام الدين ، أما كون الحديث مرسلا فليس بطعن عندنا لأنا نقبل المراسيل ذكره الأبهري وفي شرح الهداية لابن الهمام والمراسيل عندنا وعند جمهور العلماء حجة ( ويزيد بن خالد ، ويزيد بن محمد مجهولان ) . قال ميرك : أي الراويان عن عمر بن عبد العزيز قال السمعاني : هما ضعيفان مجهولان . وقال ابن الهمام رواه الدارقطني من طريق ضعيفة اهـ . وتقدم أن له طريقا آخر رواه ابن عدي في كامله ومع ذلك اعتماد المذهب ليس على هذا الحديث ، بل على حديث البخاري عن عائشة كما سبق .




الخدمات العلمية