الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا فيجعله في جهنم أولئك هم الخاسرون

                                                                                                                                                                                                قيل : نزلت في المطعمين يوم بدر ، كان يطعم كل واحد منهم كل يوم عشر جزائر ، وقيل : قالوا لكل من كان له تجارة في العير : أعينوا بهذا المال على حرب محمد ; لعلنا ندرك منه ثأرنا بما أصيب منا ببدر ، وقيل : نزلت في أبي سفيان ، وقد استأجر ليوم أحد ألفين من الأحابيش سوى من استجاش من العرب ; وأنفق عليهم أربعين أوقية ، والأوقية : اثنان وأربعون مثقالا ليصدوا عن سبيل الله أي : كان غرضهم في الإنفاق الصد عن اتباع محمد وهو سبيل الله ، وإن لم يكن عندهم كذلك ثم تكون عليهم حسرة أي : كان غرضهم في الإنفاق الصد عن اتباع محمد وهو سبيل الله ، وإن لم يكن عندهم كذلك ثم تكون عليهم حسرة أي : تكون عاقبة إنفاقها ندما وحسرة ، فكأن ذاتها تصير ندما وتنقلب حسرة ثم يغلبون : آخر الأمر ، وإن كانت الحرب بينهم وبين المؤمنين سجالا قبل ذلك فيرجعون طلقاء كتب الله لأغلبن أنا ورسلي [المجادلة : 21] والذين كفروا : والكافرون منهم إلى جهنم يحشرون ; لأن منهم من أسلم وحسن إسلامه ليميز الله الخبيث : الفريق الخبيث من الكفار ، "من" ، الفريق ، "الطيب" : من المؤمنين ، فيجعل الفريق الخبيث بعضه على بعض فيركمه جميعا : عبارة عن الجمع والضم ، حتى يتراكبوا ; كقوله تعالى : كادوا يكونون عليه لبدا [الجن : 12] يعني : [ ص: 580 ] لفرط ازدحامهم ، "أولائك" : إشارة إلى الفريق الخبيث ، وقيل : ليميز المال الخبيث الذي أنفقه المشركون في عداوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المال الطيب الذي أنفقه المسلمون كأبي بكر وعثمان في نصرته ، "فيركمه" : فيجعله في جهنم في جملة ما يعذبون به ; كقوله : فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنـزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون [التوبة : 35] ، واللام على هذا متعلقة بقوله : ثم تكون عليهم حسرة [الأنفال : 36] ، وعلى الأول ، وأولئك : إشارة إلى الذين كفروا ، وقرئ : "ليميز" على التخفيف .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية