الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            [ ص: 11 ] ص ( وإن جهل عين منسية مطلقا صلى خمسا وإن علمها دون يومها صلاها ناويا له وإن نسي صلاة وثانيتها صلى ستا وندب تقديم ظهر وفي ثالثتها أو رابعتها أو خامستها كذلك يثني بالمنسي وصلى الخمس مرتين في سادستها وحادية عشرتها [ ص: 12 ] وفي صلاتين من يومين معينتين لا يدري السابقة صلاهما وأعاد المبتدأة ومع الشك في القصر أعاد إثر كل حضرية سفرية وثلاثا كذلك سبعا وأربعا وثلاث عشرة وخمسا إحدى وعشرين وصلى في ثلاثة مرتبة من يوم لا يعلم الأولى سبعا وأربعا ثمانيا وخمسا تسعا )

                                                                                                                            ش : اعلم أن الصلوات المنسية لا تخلو إما أن تكون واحدة أو أكثر فإن كانت واحدة فلا يخلو إما أن تكون معلومة أو مجهولة فإن كانت مجهولة فإما أن تكون مجهولة في صلاة الليل أو في صلاة [ ص: 13 ] النهار أو فيهما معا وعلى كل حال فإما أن يكون يومها معلوما أو مجهولا لا في الأسبوع أو مشكوكا في بعض الأسبوع وعلى كل حال فإنه يصلي في المجهولة في صلاة الليل صلاتين وفي المجهولة من صلاة النهار ثلاث صلوات وفي المجهولة في الليل والنهار خمس صلوات ولا يعتبر تعيينها ليومها في الأسبوع وإنما المعتبر في الفوائت تيقن براءة الذمة فإن شك أوقع عددا يحيط بحالات الشكوك قاله ابن الحاجب قال في التوضيح مقتضى كلامه أنه لا يكتفى بالظن وهو الأصل ; لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تبرأ الذمة منها إلا بيقين قوله : فإن شك أي في الإتيان أو في الأعيان أو في الترتيب ، انتهى .

                                                                                                                            فقوله عين منسية مطلقا يعني سواء علم يومها أو جهله في يومين أو في ثلاثة أو في الأسبوع كله على المنصوص ويحتمل أن يريد بقوله مطلقا أي جهل عينها في الخمس واحترز به مما لو جهل عينها من صلاة الليل أو من صلاة النهار كما تقدم ، وقال الشارح سواء كانت صلاة حضر أو صلاة سفر وإن كانت الصلاة المنسية معلومة بعينها فلا يخلو إما أن يكون يومها معلوما أيضا أو مجهولا فإن كان اليوم معلوما صلاها ناويا بها القضاء عنه وإن كان مجهولا صلاها ناويا له وهذا معنى قوله وإن علمها دون يومها صلاها ناويا له وسكت عن الأول لوضوحه ، وإن كان المنسي أكثر من صلاة فلا يخلو إما أن يكون صلاتين أو أكثر فإن كان صلاتين فلا يخلو إما أن تكونا معينتين أو لا فإن لم تكونا معينتين فلا يخلو إما أن يعرف مرتبة إحدى الصلاتين من الأخرى أو لا يعرف ذلك فإن كان يعرف فلا يخلو إما أن يكونا من يوم أو أكثر فإن كانتا من يوم فهي إما ثانيتها أو ثالثتها أو رابعتها أو خامستها ، وإن لم يكونا من يوم فالثانية إما مماثلتها وهي سادستها وحادية عشرتها وسادسة عشرتها وحادية عشرينها وسادسة عشرينها وحادية ثلاثينها وإلا فهي قسيمة لثانيتها أو ثالثتها أو رابعتها أو خامستها ، وضابط ذلك كما قال ابن عرفة وهو أن تقسم عدد المعطوف على خمس فإن انقسم فهي إما خامستها أو المماثلة لخامستها ، وإن بقي واحد فهي مماثلتها ، وإن بقي أكثر من واحد فهي السمية للبقية يعني فهي المماثلة لواحد من البقية ويعني بالبقية ثانيتها وثالثتها ورابعتها . مثال ذلك صلاة وسابعتها فعدد المعطوفة سبعة اقسمه على خمسة يبقى اثنان فهي مماثلة لثانيتها ولو قيل : صلاة وثامنتها لكان عدد المعطوف ثمانية ففاضل القسمة ثلاثة فهي المماثلة لثالثتها ورابعتها .

                                                                                                                            ولو قيل : صلاة وعاشرتها فعدد المعطوفة وهي عشرة منقسمة على خمسة فهي المماثلة لخامستها . ولو قيل : صلاة وحادية عشرتها فعدد المعطوفة أحد عشر ففاضل قسمته على خمسة واحد فهي مماثلتها فيصلي الخمس مرتين في المماثلتين . وقال ابن عرفة عن المازري : يصلي ظهرين وعصرين ومغربين وعشاءين وصبحين واختار أنه يصلي الخمس ثم يعيدها قال وهذا أولى لانتقال النية فيه من يوم لآخر مرة فقط وفي الأولى تنتقل خمسا هذا هو المفهوم من كلام المصنف وفي غير المتماثلتين يصلي ست صلوات يبدأ بالظهر استحبابا ; لأنها أول صلاة بدأ بها جبريل عليه الصلاة والسلام وقال أبو الطاهر وقيل يبدأ بالصبح ; لأنها أول النهار وأي صلاة بدأ بها أعادها ، وإذا بدأ بصلاة يثني بالمنسي ففي صلاة وثانيتها يثني بثالثة الصلاة التي بدأ بها ويثلث بثالثة التي ثنى بها ، وعلى هذا القياس وهو معنى قوله وإن نسي صلاة وثانيتها صلى ستا ، وندب تقديم ظهر وفي ثالثتها أو رابعتها أو خامستها كذلك يثني بالمنسي وصلى الخمس مرتين في سادستها وحادية عشرتها يريد ومماثلة ثانيتها وهي سابعتها ومماثلة ثالثتها وهي ثامنتها ومماثلة رابعتها وهي تاسعتها ومماثلة خامستها وهي عاشرتها يصلي في ذلك ستا يثني بالمنسية ، وكذا في ثانية عشرتها وثالث عشرتها ورابع عشرتها وخامسة عشرتها ويصلي الخمس مرتين في سادستها وحادية عشرتها وسادسة [ ص: 14 ] عشرتها وحادية عشرينها وسادسة عشرينها ، وقال البساطي في شرح قول المصنف : وصلى الخمس مرتين في سادستها وحادية عشرتها يعني أنه إذا ذكر أنه نسي صلاة وسادستها أو سابعتها أو ثامنتها أو تاسعتها أو عاشرتها أو حادية عشرتها فإنه يصلي في الكل عشر صلوات ، انتهى . وهذا الذي قاله غير ظاهر والصواب ما قدمناه .

                                                                                                                            وإن كان لا يعرف نسبتها للصلاة الثانية فلا يخلو إما أن يكون يعلم أنهما من يوم واحد أو يومين أو لا يعرف ذلك فإن كان يعلم أنهما من يوم واحد ولكن لا يدري أهي صبح وظهر ؟ أو صبح ومغرب ؟ أو صبح وعصر ؟ أو صبح وعشاء ؟ أو ظهر وعصر ؟ أو ظهر ومغرب ؟ أو ظهر وعشاء ؟ أو عصر ومغرب أو عصر وعشاء ؟ أو مغرب وعشاء ؟ فيصلي خمس صلوات يبدأ بالصبح ويختم بالعشاء وإن كانتا من يومين أو لا يعرف ذلك فيصلي الخمس مرتين وإن كان يعلم أنهما من يوم وليلة ولا يدري صلاة اليوم قبل صلاة الليل أو صلاة الليل قبل صلاة اليوم فإنه يصلي ست صلوات قال في الجواهر فيصلي ظهرين وعصرين ومغربين وعشاءين وصبحين ; لأن السادسة والحادية عشرة والسادسة عشرة هي الأولى بعينها فكانتا صلاتين متماثلتين من يومين وهو معنى قوله وفي صلاتين من يومين معينين لا يدري السابقة صلاهما وأعاد المبتدأة ، وما ذكره جار على ما صححه ابن الحاجب وفي نوازل سحنون من كتاب الصلاة وسئل عمن نسي خمس صلوات مختلفات من خمسة أيام لا يدري أي الصلوات هي قال سحنون ويصلي خمسة أيام قال محمد بن رشد هذا على القول المشهور في المذهب من اعتبار التعيين في الأيام وقد مضى تحصيل القول في ذلك في رسم أوصى من سماع عيسى ، انتهى . فتأمله والله تعالى أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية