الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 855 ) مسألة : قال : ( ويؤدب الغلام على الطهارة والصلاة إذا تمت له عشر سنين . ) معنى التأديب ، الضرب والوعيد والتعنيف ، قال القاضي : يجب على ولي الصبي أن يعلمه الطهارة والصلاة إذا بلغ سبع سنين ويأمره بها ، ويلزمه أن يؤدبه عليها إذا بلغ عشر سنين . والأصل في ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم { : علموا الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر } رواه الأثرم ، وأبو داود ، والترمذي ، وقال : حديث حسن . وهذا لفظ رواية الترمذي ، ولفظ حديث غيره : { مروا الصبي بالصلاة لسبع سنين واضربوه عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع } .

                                                                                                                                            وهذا الأمر والتأديب المشروع في حق الصبي لتمرينه على الصلاة ، كي يألفها ويعتادها ، ولا يتركها عند البلوغ ، وليست واجبة عليه في ظاهر المذهب . ومن أصحابنا من قال : تجب عليه لهذا الحديث ، فإن العقوبة لا تشرع . إلا لترك واجب ، ولأن حد الواجب : ما عوقب على تركه ، ولأن أحمد قد نقل عنه في ابن أربع عشرة : إذا ترك الصلاة يعيد .

                                                                                                                                            ولعل أحمد ، رحمه الله أمر بذلك على طريق الاحتياط ; فإن الحديث قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : { رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يبلغ } . ولأنه صبي فلم يجب عليه كالصغير ، يحققه أن الصبي ضعيف العقل والبنية ، ولا بد من ضابط يضبط الحد الذي تتكامل فيه بنيته وعقله ، فإنه يتزايد تزايدا خفي التدريج ، فلا يعلم ذلك بنفسه ، والبلوغ ضابط لذلك ، ولهذا تجب به الحدود ، وتؤخذ به الجزية من الذمي إذا بلغه ، ويتعلق به أكثر أحكام التكليف ، فكذلك الصلاة . وقول أحمد في ذلك يحمل على سبيل الاحتياط ، مخافة أن يكون قد بلغ ، ولهذا قيده بابن أربع عشرة ، ولو أراد ما قالوا لما اختص بابن أربع عشرة دون غيره . وهذا التأديب هاهنا للتمرين والتعويد ، كالضرب على تعلم الخط والقرآن والصناعة وأشباهها ، ولا خلاف في أنها تصح من الصبي العاقل ، ولا فرق بين الذكر والأنثى فيما ذكرناه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية