الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                فإن قيل : إذا كان التوسل بالإيمان به ومحبته وطاعته على وجهين - تارة يتوسل بذلك إلى ثوابه وجنته ( وهذا أعظم الوسائل وتارة يتوسل بذلك [ ص: 221 ] في الدعاء كما ذكرتم نظائره - فيحمل قول القائل : أسألك بنبيك محمد على أنه أراد : أني أسألك بإيماني به وبمحبته وأتوسل إليك بإيماني به ومحبته ونحو ذلك وقد ذكرتم أن هذا جائز بلا نزاع . قيل : من أراد هذا المعنى فهو مصيب في ذلك بلا نزاع وإذا حمل على هذا المعنى كلام من توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد مماته من السلف - كما نقل عن بعض الصحابة والتابعين وعن الإمام أحمد وغيره كان هذا حسنا . وحينئذ فلا يكون في المسألة نزاع . ولكن كثير من العوام يطلقون هذا اللفظ ولا يريدون هذا المعنى فهؤلاء الذين أنكر عليهم من أنكر . وهذا كما أن الصحابة كانوا يريدون بالتوسل به التوسل بدعائه وشفاعته وهذا جائز بلا نزاع ثم إن أكثر الناس في زماننا لا يريدون هذا المعنى بهذا اللفظ . فإن قيل : فقد يقول الرجل لغيره بحق الرحم قيل : الرحم توجب على صاحبها حقا لذي الرحم كما قال الله تعالى : { واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام } وقال النبي صلى الله عليه وسلم { الرحم شجنة من الرحمن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله } وقال { لما خلق الله الرحم تعلقت بحقوي الرحمن وقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة فقال : ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قد رضيت } وقال صلى الله عليه وسلم { يقول الله تعالى : أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها بتته } . [ ص: 222 ] وقد روي عن علي أنه كان إذا سأله ابن أخيه بحق جعفر أبيه أعطاه لحق جعفر على علي . وحق ذي الرحم باق بعد موته كما في الحديث { أن رجلا قال : يا رسول الله هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد موتهما ؟ قال نعم الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ وعدهما من بعدهما وصلة رحمك التي لا رحم لك إلا من قبلهما } وفي الحديث الآخر حديث ابن عمر { من أبر البر أن يصل الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي } . فصلة أقارب الميت وأصدقائه بعد موته هو من تمام بره .

                التالي السابق


                الخدمات العلمية