الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( فرع ) إذا نسي التشهد الأخير حتى سلم فذكر ذلك فقال في التهذيب : إنه يرجع إلى الصلاة ويتشهد ويسلم ثم يسجد بعد السلام ، وتقدم نحوه في كلام النوادر عن ابن حبيب . قال ابن عرفة : وهذا معارض لقول المازري في المدونة : إن ذكر تارك التشهد الأخير وهو بمكانه سجد لسهوه وإن طال فلا شيء عليه ونحوه للصقلي فيكون فيها قولان ، انتهى .

                                                                                                                            ذكر ذلك في كلامه على نقص السنة ( قلت ) لفظ ابن يونس قال مالك : ومن سها في الرابعة فلم يجلس مقدار التشهد حتى صلى خامسة رجع فجلس وتشهد وسلم وسجد لسهوه وصلاته تامة وإن نسي التشهد الأخير وقد جلس وسلم فإن كان بالقرب تشهد وسلم وسجد بعد السلام وإن تطاول فلا شيء عليه إذا ذكر الله وليس كل الناس يعرف التشهد انتهى . ونقل في التوضيح في الكلام على التشهدين عن مالك في ذلك روايتين ، وقال ابن ناجي قال ابن العربي : انظر كيف جعله يرجع للتشهد وهو سنة وقد حصل ركنا من أركان الصلاة وهو السلام .

                                                                                                                            والقاعدة أنه إذا فات محل فعل السنة فإنه لا يرجع كمن نسي السورة حتى ركع انتهى .

                                                                                                                            ص ( وإعلان بكآية )

                                                                                                                            ش : قال ابن غازي الذي ينبغي أن يحمل عليه أنه ليس بتكرار مع قوله قبله ويسير جهر أو سر ; لأن مراده يسير الجهر والسر ما لم يبالغ فيه منهما ولو كان ذلك في كل القراءة على ما في مختصر أبي محمد بن أبي زيد حسبما رجح في توضيحه في فهم كلام ابن الحاجب ولكن يلزم عليه أن يكون سكت عن الإسرار بنحو الآية ، انتهى كلام ابن غازي .

                                                                                                                            وقال في توضيحه عند قول ابن الحاجب : ونحو الآية ويسير الجهر مغتفر خليل ، والأقرب أن يريد ما ذكره ابن أبي زيد في مختصره فإنه ذكر بعد أن قرر السجود في الجهر في السرية وعكسه وإن أسر إسرارا خفيفا أو جهر يسيرا فلا شيء عليه وكذلك إعلانه بالآية فيكون مراده يسير الجهر والإسرار إذا لم يبالغ فيهما ولو كان ذلك في كل قراءته ، انتهى . كلامه في التوضيح وجعله الشارح بهرام احتمالا في كلام المصنف ، وانظر عزوهم الجميع هذا الفرع لمختصر ابن أبي زيد مع أنه في المدونة ونصها عنه ابن يونس .

                                                                                                                            ومن المدونة قال مالك ومن سها فأسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام ، وإن جهر فيما يسر فيه سجد بعد السلام وإن كان شيئا خفيفا من جهر أو إسرار وكإعلانه بالآية ونحوها في الإسرار فلا سجود عليه ، انتهى .

                                                                                                                            ولذلك لم يعزه ابن عرفة إلا للمدونة والله أعلم .

                                                                                                                            وأما الإسرار بنحو الآية فلا يؤخذ من كلامه وقد صرح به ابن الجلاب ونص ما في مختصر ابن أبي زيد ومن سها فأسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام ومن جهر فيما يسر فيه سجد بعد السلام ، وإن كان شيئا خفيفا من إجهار وإسرار فلا سجود عليه وكذا إعلانه بالآية في الإسرار انتهى . ونحوه لابن يونس وقد ذكر سند الاحتمالين في شرح المدونة فقال في شرح قولها فيمن جهر فيما يسر فيه إن كان جهرا خفيفا لم أر به بأسا ، يحتمل أمرين : أحدهما ، أن يكون جهره ليس بالمرتفع وإنما هو يسمع من يليه . والثاني ، أن يكون يجهر بالآية وكلاهما خفيف وكذلك قول ابن القاسم فيمن أسر فيما يجهر فيه سجد قبل السلام إلا أن يكون شيئا خفيفا يحتمل الوجهين .

                                                                                                                            ص ( وإعادة سورة فقط لهما )

                                                                                                                            ش : يعني أنه إذا قرأ السورة على غير سنتها ثم تذكر فأعادها على سنتها فلا سجود عليه وقوله [ ص: 26 ] فقط يفهم منه أن هذا الحكم مختص بإعادة السورة وحدها ، وأما لو قرئت هي والفاتحة على غير سنتها من الجهر أو الإسرار فأعيدتا أو قرئت الفاتحة وحدها على غير سنتها فأعيدت لسجد وهو كذلك . أما الأول فواضح قال ابن الحاجب وإن جهر في السرية سجد بعد وعكسه قبله فإن ذكره قبل الركوع أعاد وسجد بعده فيهما ، انتهى .

                                                                                                                            وأما الثاني فقال في التوضيح : وقال أصبغ فيمن ترك الجهر في قراءة الفاتحة ثم ذكر فأعادها جهرا لا سجود عليه وحسن أن يسجد ، وقال مالك في العتبية : يسجد والأول رواه أشهب قال في البيان : والقولان قائمان من المدونة ، انتهى . قال المازري في شرح التلقين بعد أن ذكر القول بالسجود بعد السلام واختاره بعض أشياخي ; لأن من أخل ببعض أركان الفريضة يقضيه ومع هذا لا يسقط السهو فيه ، انتهى .

                                                                                                                            وفي النوادر من العتبية من سماع أشهب عن مالك ومن قرأ في الجهر سرا ثم ذكره فأعاد القراءة فلا سجود عليه ولو قرأ أم القرآن فقط في ركعة من الصبح فأسر بها فلا يعيد الصلاة لذلك ويجزئه ولا سجود عليه . قال عيسى عن ابن القاسم : وإن قرأها سرا ثم أعادها جهرا فليسجد بعد السلام قال ابن المواز عن أصبغ : لا يسجد وإن سجوده لخفيف حسن ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية