nindex.php?page=treesubj&link=28723_32204_32672_34091_34370_3679_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا أن الله يعلم ما في [ ص: 429 ] السماوات وما في الأرض وأن الله بكل شيء عليم nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_30532_30538_34090_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جعل الله الكعبة "جعل" بمعنى: صير ، وفي تسمية
"الكعبة" كعبة قولان .
أحدهما: لأنها مربعة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
والثاني: لعلوها ونتوئها ، يقال: كعبت المرأة كعابة ، وهي كاعب: إذا نتأ ثديها . ومعنى تسمية البيت بأنه حرام: أنه حرم أن يصاد عنده ، وأن يختلى ما عنده من الخلا ، وأن يعضد شجره ، وعظمت حرمته . والمراد بتحريم البيت سائر
الحرم ، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هديا بالغ الكعبة وأراد: الحرم . والقيام:
[ ص: 430 ] بمعنى: القوام . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر: قيما بغير ألف . قال
أبو علي: وجهه على أحد أمرين ، إما أن يكون جعله مصدرا ، كالشبع ، أو حذف الألف وهو يريدها ، كما يقصر الممدود . وفي معنى الكلام ستة أقوال .
أحدها: قياما للدين ، ومعالم للحج ، رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: قياما لأمر من توجه إليها ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: كان الرجل لو جر كل جريرة ، ثم لجأ إليها ، لم يتناول ، [ولم يقرب . وكان الرجل لو لقي قاتل أبيه في الشهر الحرام ، لم يعرض له ولم يقربه ، وكان الرجل إذا أراد البيت تقلد قلادة من شعر ، فأحمته ومنعته من الناس ، وكان إذا نفر تقلد قلادة من الإذخر أو من لحاء السمر فمنعته من الناس حتى يأتي أهله . حواجز ألقاها الله بين الناس في الجاهلية] .
والثالث: قياما لبقاء الدين ، فلا يزال في الأرض دين ما حجت واستقبلت ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
والرابع: قوام دنيا وقوام دين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة .
والخامس: قياما للناس ، أي: مما أمروا أن يقوموا بالفرض فيه ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
والسادس: قياما لمعايشهم ومكاسبهم بما يحصل لهم من التجارة عندها ، ذكره بعض المفسرين .
فأما الشهر الحرام ، فالمراد به
nindex.php?page=treesubj&link=8193الأشهر الحرم ، كانوا يأمن بعضهم بعضا فيها ، فكان ذلك قواما لهم ، وكذلك إذا أهدى الرجل هديا أو قلد بعيره أمن
[ ص: 431 ] كيف تصرف ، فجعل الله تعالى هذه الأشياء عصمة للناس بما جعل في صدورهم من تعظيمها .
قوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97ذلك لتعلموا ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري في المشار إليه بذلك أربعة أقوال .
أحدها: أن الله تعالى أخبر في هذه السورة بغيوب كثيرة من أخبار الأنبياء وغيرهم ، وأطلع على أشياء من أحوال اليهود والمنافقين ، فقال: ذلك لتعلموا ، أي: ذلك الغيب الذي أنبأتكم به عن الله يدلكم على أنه يعلم ما في السموات وما في الأرض ، ولا تخفى عليه خافية .
والثاني: أن
العرب كانت تسفك الدماء بغير حلها ، وتأخذ الأموال بغير حقها ، ويقتل أحدهم غير القاتل ، فإذا دخلوا
البلد الحرام ، أو دخل الشهر الحرام ، كفوا عن القتل . والمعنى: جعل الله
الكعبة أمنا ، والشهر الحرام أمنا ، إذ لو لم يجعل للجاهلية وقتا يزول فيه الخوف لهلكوا ، فذلك يدل على أنه يعلم ما في السموات وما في الأرض .
والثالث: أن الله تعالى صرف قلوب الخلق إلى
مكة في الشهور المعلومة فإذا وصلوا إليها عاش أهلها معهم ، ولولا ذلك ماتوا جوعا ، لعلمه بما في ذلك من صلاحهم ، وليستدلوا بذلك على أنه يعلم ما في السموات وما في الأرض .
والرابع: أن الله تعالى جعل
مكة أمنا ، وكذلك الشهر الحرام ، فإذا دخل الظبي الوحشي الحرم ، أنس بالناس ، ولم ينفر من الكلب ، ولم يطلبه الكلب ، فإذا خرجا عن حدود
الحرم ، طلبه الكلب ، وذعر هو منه ، والطائر يأنس بالناس في
الحرم ، ولا يزال يطير حتى يقرب من البيت ، فإذا قرب منه عدل عنه ، ولم
[ ص: 432 ] يطر فوقه إجلالا له ، فإذا لحقه وجع طرح نفسه على سقف البيت استشفاء به ، فهذه الأعاجيب في ذلك المكان ، وفي ذلك الشهر قد دللن على أن الله تعالى يعلم ما في السموات وما في الأرض .
nindex.php?page=treesubj&link=28723_32204_32672_34091_34370_3679_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي [ ص: 429 ] السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ nindex.php?page=treesubj&link=28723_29694_30532_30538_34090_28976nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=98اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ "جَعَلَ" بِمَعْنَى: صَيَّرَ ، وَفِي تَسْمِيَةِ
"الْكَعْبَةِ" كَعْبَةً قَوْلَانِ .
أَحَدُهُمَا: لِأَنَّهَا مُرَبَّعَةٌ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عِكْرِمَةُ ، nindex.php?page=showalam&ids=16879وَمُجَاهِدٌ .
وَالثَّانِي: لِعُلُوِّهَا وَنُتُوئِهَا ، يُقَالُ: كَعَبَتِ الْمَرْأَةُ كَعَابَةً ، وَهِيَ كَاعِبٌ: إِذَا نَتَأَ ثَدْيُهَا . وَمَعْنَى تَسْمِيَةِ الْبَيْتِ بِأَنَّهُ حَرَامٌ: أَنَّهُ حَرُمَ أَنْ يُصَادَ عِنْدَهُ ، وَأَنْ يُخْتَلَى مَا عِنْدَهُ مِنَ الْخَلَا ، وَأَنْ يُعَضَدَ شَجَرُهُ ، وَعَظُمَتْ حُرْمَتُهُ . وَالْمُرَادُ بِتَحْرِيمِ الْبَيْتِ سَائِرُ
الْحَرَمِ ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=95هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ وَأَرَادَ: الْحَرَمَ . وَالْقِيَامُ:
[ ص: 430 ] بِمَعْنَى: الْقِوَامُ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابْنُ عَامِرٍ: قِيَمًا بِغَيْرِ أَلِفٍ . قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ: وَجْهُهُ عَلَى أَحَدِ أَمْرَيْنِ ، إِمَّا أَنْ يَكُونَ جَعْلَهُ مَصْدَرًا ، كَالشِّبَعِ ، أَوْ حَذَفَ الْأَلِفَ وَهُوَ يُرِيدُهَا ، كَمَا يُقْصَرُ الْمَمْدُودُ . وَفِي مَعْنَى الْكَلَامِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: قِيَامًا لِلدِّينِ ، وَمَعَالِمَ لِلْحَجِّ ، رَوَاهُ
ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ .
وَالثَّانِي: قِيَامًا لِأَمْرِ مِنْ تَوَجَّهَ إِلَيْهَا ، رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14836الْعَوْفِيُّ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16815قَتَادَةُ: كَانَ الرَّجُلُ لَوْ جَرَّ كُلَّ جَرِيرَةٍ ، ثُمَّ لَجَأَ إِلَيْهَا ، لَمْ يُتَنَاوَلْ ، [وَلَمْ يُقْرَبْ . وَكَانَ الرَّجُلُ لَوْ لَقِيَ قَاتِلَ أَبِيهِ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ ، لَمْ يَعْرِضْ لَهُ وَلَمْ يَقْرَبْهُ ، وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرَادَ الْبَيْتَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنْ شَعْرٍ ، فَأَحْمَتْهُ وَمَنَعَتْهُ مِنَ النَّاسِ ، وَكَانَ إِذَا نَفَرَ تَقَلَّدَ قِلَادَةً مِنَ الْإِذْخِرِ أَوْ مِنْ لِحَاءِ السَّمُرِ فَمَنَعَتْهُ مِنَ النَّاسِ حَتَّى يَأْتِيَ أَهْلَهُ . حَوَاجِزُ أَلْقَاهَا اللَّهُ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ] .
وَالثَّالِثُ: قِيَامًا لِبَقَاءِ الدِّينِ ، فَلَا يَزَالُ فِي الْأَرْضِ دِينٌ مَا حُجَّتْ وَاسْتُقْبِلَتْ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الْحَسَنُ .
وَالرَّابِعُ: قِوَامُ دُنْيَا وَقِوَامُ دِينٍ ، قَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=12078أَبُو عُبَيْدَةَ .
وَالْخَامِسُ: قِيَامًا لِلنَّاسِ ، أَيْ: مِمَّا أُمَرُوا أَنْ يَقُومُوا بِالْفَرْضِ فِيهِ ، ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ .
وَالسَّادِسُ: قِيَامًا لِمَعَايِشِهِمْ وَمَكَاسِبِهِمْ بِمَا يَحْصُلُ لَهُمْ مِنَ التِّجَارَةِ عِنْدَهَا ، ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ .
فَأَمَّا الشَّهْرُ الْحَرَامُ ، فَالْمُرَادُ بِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=8193الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ ، كَانُوا يَأْمَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِيهَا ، فَكَانَ ذَلِكَ قِوَامًا لَهُمْ ، وَكَذَلِكَ إِذَا أَهْدَى الرَّجُلُ هَدْيًا أَوْ قَلَّدَ بَعِيرَهُ أَمِنَ
[ ص: 431 ] كَيْفَ تَصَرَّفَ ، فَجَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأَشْيَاءَ عِصْمَةً لِلنَّاسِ بِمَا جَعَلَ فِي صُدُورِهِمْ مِنْ تَعْظِيمِهَا .
قَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=97ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا ذَكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمُشَارِ إِلَيْهِ بِذَلِكَ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ .
أَحَدُهَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَخْبَرَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ بِغُيُوبٍ كَثِيرَةٍ مِنْ أَخْبَارِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ ، وَأَطْلَعَ عَلَى أَشْيَاءَ مِنْ أَحْوَالِ الْيَهُودِ وَالْمُنَافِقِينَ ، فَقَالَ: ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا ، أَيْ: ذَلِكَ الْغَيْبُ الَّذِي أَنْبَأْتُكُمْ بِهِ عَنِ اللَّهِ يَدُلُّكُمْ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ، وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ .
وَالثَّانِي: أَنَّ
الْعَرَبَ كَانَتْ تَسْفِكُ الدِّمَاءَ بِغَيْرِ حِلِّهَا ، وَتَأْخُذُ الْأَمْوَالَ بِغَيْرِ حَقِّهَا ، وَيَقْتُلُ أَحَدُهُمْ غَيْرَ الْقَاتِلِ ، فَإِذَا دَخَلُوا
الْبَلَدَ الْحَرَامَ ، أَوْ دَخْلَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ ، كَفُّوا عَنِ الْقَتْلِ . وَالْمَعْنَى: جَعَلَ اللَّهُ
الْكَعْبَةَ أَمْنًا ، وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ أَمْنًا ، إِذْ لَوْ لَمْ يَجْعَلْ لِلْجَاهِلِيَّةِ وَقْتًا يَزُولُ فِيهِ الْخَوْفُ لَهَلَكُوا ، فَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ .
وَالثَّالِثُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى صَرَفَ قُلُوبَ الْخَلْقِ إِلَى
مَكَّةَ فِي الشُّهُورِ الْمَعْلُومَةِ فَإِذَا وَصَلُوا إِلَيْهَا عَاشَ أَهْلُهَا مَعَهُمْ ، وَلَوْلَا ذَلِكَ مَاتُوا جُوعًا ، لِعِلْمِهِ بِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِهِمْ ، وَلِيَسْتَدِلُّوا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ .
وَالرَّابِعُ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعْلَ
مَكَّةَ أَمْنًا ، وَكَذَلِكَ الشَّهْرُ الْحَرَامُ ، فَإِذَا دَخَلَ الظَّبْيُ الْوَحْشِيُّ الْحَرَمَ ، أَنِسَ بِالنَّاسِ ، وَلَمْ يَنْفِرْ مِنَ الْكَلْبِ ، وَلَمْ يَطْلُبْهُ الْكَلْبُ ، فَإِذَا خَرَجَا عَنْ حُدُودِ
الْحَرَمِ ، طَلَبَهُ الْكَلْبُ ، وَذُعِرَ هُوَ مِنْهُ ، وَالطَّائِرُ يَأْنَسُ بِالنَّاسِ فِي
الْحَرَمِ ، وَلَا يَزَالُ يَطِيرُ حَتَّى يَقْرُبَ مِنَ الْبَيْتِ ، فَإِذَا قَرُبَ مِنْهُ عَدَلَ عَنْهُ ، وَلَمْ
[ ص: 432 ] يَطِرْ فَوْقَهُ إِجْلَالًا لَهُ ، فَإِذَا لَحِقَهُ وَجَعٌ طَرَحَ نَفْسَهُ عَلَى سَقْفِ الْبَيْتِ اسْتِشْفَاءً بِهِ ، فَهَذِهِ الْأَعَاجِيبُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ ، وَفِي ذَلِكَ الشَّهْرِ قَدْ دَلَلْنَ عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ .