الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          [ ص: 455 ] 761 \ 2 - حدثنا الحسين بن إسماعيل ، نا علي بن مسلم ، نا أبو داود ، نا عباد بن راشد ، سمعت أبا رجاء العطاردي ، قال : سمعت عمران بن حصين يقول : سار بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة ، ثم عرسنا فلم نستيقظ إلا بحر الشمس ، فاستيقظ منا ستة قد نسيت أسماءهم ، ثم استيقظ أبو بكر - رضي الله عنه - فجعل يمنعهم أن يوقظوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ويقول لعل الله أن يكون احتبسه في حاجته فجعل أبو بكر يكثر التكبير ، فاستيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : يا رسول الله ، ذهبت صلاتنا ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم تذهب صلاتكم ، ارتحلوا من هذا المكان " . فارتحل فسار قريبا ، ثم نزل فصلى . فقال : " أما إن الله قد أتم صلاتكم " . فقالوا : يا رسول الله ، فإن فلانا لم يصل معنا . فقال له : " ما يمنعك أن تصلي ؟ " . قال : يا رسول الله ، أصابتني جنابة . قال : " فتيمم الصعيد ، وصله ، فإذا قدرت على الماء فاغتسل " . ، وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليا في طلب الماء ، ومع كل إنسان منا إداوة ، مثل أذنى الأرنب ، بين جلده ، وثوبه فإذا عطش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابتدرناه بالماء ، فانطلق حتى ارتفع عليه النهار ، ولم يجد ماء فإذا شخص ، قال علي - رضي الله عنه - مكانكم حتى ننظر ما هذا . قال : فإذا امرأة بين مزادتين من ماء ، فقيل لها : يا أمة الله ، أين الماء ؟ قالت : لا ماء والله لكم استقيت أمس فسرت نهاري وليلتي جميعا ، وقد أصبحنا إلى هذه الساعة . قالوا لها : انطلقي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : ومن رسول الله ؟ قالوا : محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : مجنون قريش ! . قالوا : إنه ليس بمجنون ، ولكنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . قالت : يا هؤلاء ، دعوني فوالله لقد تركت صبية لي صغارا في غنيمة ، قد خشيت أن لا أدركهم حتى يموت بعضهم من العطش ، فلم يملكوها من نفسها شيئا حتى أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها ، فأمر بالبعير فأنيخ ، ثم حل المزادة من أعلاها ، ثم دعا بإناء عظيم ، فملأه من الماء ، ثم دفعه إلى الجنب ، فقال : " اذهب فاغتسل " . قال : وايم الله ما تركنا من [ ص: 456 ] إداوة ولا قربة ولا إناء إلا ملأه من الماء وهي تنظر ، قال : ثم شد المزادة من أعلاها ، وبعث بالبعير ، وقال : " يا هذه ، دونك ماءك ، فوالله إن لم يكن الله زاد فيه ما نقص من مائك قطرة " . ودعا لها بكساء فبسط ، ثم قال لنا : " من كان عنده شيء فليأت به " . فجعل الرجل يأتي بخلق النعل ، وخلق الثوب ، والقبضة من الشعير ، والقبضة من التمر ، والفلقة من الخبز حتى جمع لها ذلك ، ثم أوكاه لها فسألها عن قومها ، فأخبرته ، قال : فانطلقت حتى أتت قومها ، قالوا : ما حبسك ؟ قالت : أخذني مجنون قريش ، والله إنه لأحد الرجلين : إما أن يكون أسحر من بين هذه وهذه - تعني السماء والأرض - ، أو إنه لرسول الله حقا . قال : فجعلت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تغير على من حولهم وهم آمنون ، قال : فقالت المرأة لقومها : أي قوم ، والله ما أرى هذا الرجل إلا قد شكر لكم ما أخذ من مائكم ، ألا ترون أنه يغار على من حولكم وأنتم آمنون لا يغار عليكم . هل لكم في خير ؟ قالوا : وما هو ؟ قالت : نأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فنسلم . قال : فجاءت تسوق بثلاثين أهل بيت حتى بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلموا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية