الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده ثم أنتم تمترون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: هو الذي خلقكم من طين يعني: آدم ، وذلك أنه لما شك [ ص: 3 ] المشركون في البعث ، وقالوا: من يحيي هذه العظام ، أعلمهم أنه خلقهم من طين ، فهو قادر على إعادة خلقهم .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده فيه ستة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أن الأجل الأول: أجل الحياة إلى الموت ، والثاني: أجل الموت إلى البعث ، روي عن ابن عباس ، والحسن ، وابن المسيب ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني أن الأجل: الأول النوم الذي تقبض فيه الروح ، ثم ترجع في حال اليقظة ، والأجل المسمى عنده: أجل موت الإنسان .

                                                                                                                                                                                                                                      رواه العوفي عن ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أن الأجل الأول: أجل الآخرة متى يأتي ، والأجل الثاني: أجل الدنيا ، قاله مجاهد في رواية .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أن الأول: خلق الأشياء في ستة أيام ، والثاني: ما كان بعد ذلك إلى يوم القيامة ، قاله عطاء الخراساني .

                                                                                                                                                                                                                                      والخامس: أن الأول: قضاه حين أخذ الميثاق على خلقه ، والثاني: الحياة في الدنيا ، قاله ابن زيد ، كأنه يشير إلى أجل الذرية حين أحياهم وخاطبهم .

                                                                                                                                                                                                                                      والسادس: أن الأول: أجل من قد مات من قبل . والثاني: أجل من يموت بعد ، ذكره الماوردي .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: ثم أنتم أي بعد هذا البيان تمترون وفيه قولان .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدهما: تشكون ، قاله قتادة ، والسدي . وفيما شكوا فيه قولان . أحدهما: الوحدانية ، والثاني: البعث .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: يختلفون ، مأخوذ من المراء ، ذكره الماوردي . [ ص: 4 ] وهو الله في السماوات وفي الأرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: وهو الله في السماوات وفي الأرض فيه أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: هو المعبود في السماوات وفي الأرض ، قاله ابن الأنباري .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: وهو المنفرد بالتدبير في السماوات وفي الأرض ، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: وهو الله في السماوات ، ويعلم سركم وجهركم في الأرض ، قاله ابن جرير .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أنه مقدم ومؤخر . والمعنى: وهو الله يعلم سركم وجهركم في السماوات والأرض ، ذكره بعض المفسرين .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية