الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 923 ) مسألة : قال : وإن نسي أربع سجدات من أربع ركعات ، وذكر وهو في التشهد ، سجد سجدة تصح له ركعة ، ويأتي بثلاث ركعات ، ويسجد للسهو في إحدى الروايتين عن أبي عبد الله رحمه الله والرواية الأخرى ، قال : كان هذا يلعب ، يبتدئ الصلاة من أولها هذه المسألة مبنية على من ترك ركنا من ركعة فلم يذكره إلا في التي بعدها ، وقد ذكرنا أنه إذا لم يذكره حتى شرع في قراءة التي بعدها ، بطلت ، فلما شرع في قراءة الثانية هاهنا قبل ذكر سجدة الأولى ، بطلت الأولى ، ولما شرع في قراءة الثالثة قبل ذكر سجدة الثانية ، بطلت الثانية ، وكذلك الثالثة ، تبطل بالشروع في قراءة الرابعة ، فلم يبق إلا الرابعة ، ولم يسجد فيها إلا سجدة فيسجد الثانية حين ذكر وتتم له ركعة ، ويأتي بثلاث ركعات .

                                                                                                                                            وهذا قول مالك ، والليث لأن كل ركعة بطلت بشروعه في الثانية قبل إتمام الأولى . وفيه رواية أخرى عن أحمد ، أن صلاته تبطل ، ويبتدئها ; لأن هذا يؤدي إلى أن يكون متلاعبا بصلاته ، ثم يحتاج إلى إلغاء عمل كثير في الصلاة ، فإن بين التحريمة والركعة المعتد بها ثلاث ركعات لاغية . وهذا قول إسحاق ، وأبي بكر الآجري وقال الشافعي : يصح له ركعتان ; لأنه لما قام إلى الثانية سهوا قبل إتمام الأولى ، كان عمله فيها لاغيا ، فلما سجد فيها ، انضمت سجدتها إلى سجدة الأولى ، فكملت له ركعة ، وهكذا الثالثة والرابعة يحصل له منها ركعة .

                                                                                                                                            وحكى أبو عبد الله هذا القول عن الشافعي ، ثم قال : هو أشبه بما يقول هؤلاء - يعني أصحاب الرأي - قال الأثرم : فقلت له ، فإنه إذا فعل لا يستقيم ، لأنه إنما نوى بهذه السجدة عن الثانية ، لا عن الأولى . قال : فكذلك أقول إنه يحتاج أن يسجد لكل ركعة سجدتين . ويحتمل أن يكون هذا القول المحكي عن الشافعي هو الصحيح ، وأن يكون مذهبا لأحمد ; لأنه قد حسنه ، وإنما اعتذر عن المصير إليه ، لكونه إنما نوى بالسجدة الثانية عن الركعة الثانية ، وهذا لا يمنع جعلها عن الأولى ، كما لو سجد في الركعة الأولى يحسب أنه في الثانية ، أو سجد في الثانية يحسب أنه في الأولى . والله أعلم .

                                                                                                                                            وقال الثوري وأصحاب الرأي : يسجد في الحال أربع سجدات . وقال الحسن بن صالح ، فيمن نسي من كل ركعة سجدتيها : يسجد في الحال ثماني سجدات . وهذا فاسد ; لأن ترتيب الصلاة شرط فيها ، فلا يسقط بالنسيان ، كما لو قدم السجود على الركوع ناسيا وإن لم يذكر حتى سلم ، ابتدأ الصلاة ; فإنه لم يبق له غير ركعة تنقص سجدة فإذا سلم بطلت أيضا . نص أحمد على بطلانها في رواية الأثرم ، فحينئذ يستأنف الصلاة

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية