الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        ثم قال : [ ص: 300 ] قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما ؛ فأعلمهم - صلى الله عليه وسلم - أن التحريم؛ والتحليل؛ إنما يقبله بالوحي؛ أو التنزيل؛ فقال : قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا ؛ و " المسفوح " : المصبوب؛ فكأنه إذا ذبحوا أكلوا الدم؛ كما يأكلون اللحم؛ أو لحم خنـزير ؛ فإنه رجس؛ و " الرجس " : اسم لما يستقذر؛ وللعذاب؛ أو فسقا أهل لغير الله به ؛ أي : رفع الصوت على ذبحه باسم غير الله؛ وكانوا يذكرون أسماء أوثانهم على ذبائحهم؛ فـ " فسقا " ؛ عطف على " لحم خنزير " ؛ المعنى : " إلا أن يكون المأكول ميتة أو دما مسفوحا؛ أو لحم خنزير؛ أو فسقا " ؛ فسمي ما ذكر عليه غير اسم الله " فسقا " ؛ أي : خروجا من الدين؛ فمن اضطر غير باغ ؛ أي : دعته الضرورة إلى أكله؛ فأكله غير باغ؛ أي : غير قاصد لتحليل ما حرم الله؛ ولا عاد ؛ أي : ولا مجاوز للقصد؛ وقدر الحاجة؛ و " العادي " : الظالم؛ فإن ربك غفور رحيم ؛ أي : يغفر لمن لم يتعد؛ فأما إعراب " آلذكرين " ؛ فالنصب بـ " حرم " ؛ وتثبت ألف المعرفة مع ألف الاستفهام؛ لئلا يلتبس الاستفهام بالخبر؛ [ ص: 301 ] لأنه لو قيل : " ألذكرين حرم " ؛ بألف واحدة؛ لالتبس الاستفهام بالخبر؛ وقد يجوز مع " أم " ؛ حذف الألف؛ لأن " أم " ؛ تدل على الاستفهام؛ لأنه لو قيل : " ألرجل ضربت أم الغلام " ؛ لدلت " أم " ؛ على أن الأول داخل في الاستفهام؛ وقد أجاز سيبويه أن يكون البيت على ذلك؛ وهو قوله :


                                                                                                                                                                                                                                        لعمرك ما أدري وإن كنت داريا ... شعيث بن سهم أم شعيث بن منقر



                                                                                                                                                                                                                                        فأجاز أن يكون على " أشعيث بن سهم؟ " ؛ ولكن القراءة بتبيين الألف الثانية في قوله : " آلذكرين " .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية