الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
377 - وعن شريح بن هانئ - رضي الله عنه - قال : سألت عائشة بأي شيء كان يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل بيته ؟ قالت : بالسواك . رواه مسلم .

التالي السابق


377 - ( وعن شريح ) : مخضرم ثقة كذا في التقريب ( ابن هانئ ) : بالهمز . قال المصنف : هو أبو المقدام الحارثي أدرك زمن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، وكنى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أباه هانئ بن يزيد وقال أنت أبو شريح ، وشريح من جملة أصحاب علي رضي الله تعالى عنه ابنه المقدام اهـ . وفيه إشارة إلى أنه تابعي كما هو مصرح في متن منار الأصول بقوله : وأما التابعي فإن ظهرت فتواه في زمان الصحابة كشريح كان مثلهم عند البعض اهـ . فعد المصنف أباه في الصحابة لأنه من المخضرمين كما فعله ابن عبد البر في الاستيعاب اهـ . والحاصل أنه من أجلاء التابعين والمجتهدين . ( قال : سألت عائشة بأي شيء ) ؟ أي : من الأفعال ( كان يبدأ رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم إذا دخل بيته ؟ قالت : بالسواك ) : أي : يبدأ به ، وفي السواك فوائد كثيرة منها إزالة التغير الحاصل بالسكوت قال الطيبي : إذ الغالب أنه عليه الصلاة والسلام لا يتكلم في الطريق . قال ابن الملك : وفيه نظر ; لأن الطريق من المسجد إلى حجرته ريب ، فالأولى حمله على المبالغة في النظافة أو غيرها من الفوائد ، فإنه قيل فيه سبعون فائدة أدناها أن يذكر الشهادة عند الموت ، وفي الأفيون سبعون مضرة أقلها نسيان الشهادة ، نسأل الله العافية ، ثم رأيت ابن حجر قال : فيتأكد لكل من دخل منزله أن يبدأ بالسواك فإنه أزيد في طيب فمه ، وأدعى لمعاشرة أهله ، وأذهب بما عساه حدث بفمه من تغير كريه ، سيما إذا طال سكوته ، وهذا أولى [ ص: 396 ] من قول بعضهم : إنما فعل عليه الصلاة والسلام ذلك لأن الغالب أنه كان لا يتكلم في طريق ، والفم يتغير بالسكوت فيستاك ليزيله وهو تعليم لأمته ، فمن سكت ثم أراد التكلم مع صاحبه يستاك لذلك لئلا يتأذى من رائحة فمه اهـ .

ومما يرد ذلك أن أصحابنا جعلوا التأكيد للداخل المنزل غير التأكيد للسكوت فجعلوهما سببين مختلفين ، فدل على أن العلة في الأول غير السكوت وهو ما قدمته فتأمله . قلت : وكذا صرح أصحابنا به . قال ابن الهمام : الحق أن السواك من مستحبات الوضوء أي : لا من سننه كما ذكره الجمهور ، ويستحب في خمسة مواضع : اصفرار السن ، وتغير الرائحة ، والقيام من النوم ، والقيام إلى الصلاة ، وعند الوضوء ، والاستقراء يفيد غيرها . ومنها أول ما يدخل البيت ، مما يدل على محافظته على السواك استياكه السواك عبد الرحمن بن أبي بكر عند وفاته في الصحيحين ( رواه مسلم ) .




الخدمات العلمية