الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        392 حدثنا عثمان قال حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة قال قال عبد الله صلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إبراهيم لا أدري زاد أو نقص فلما سلم قيل له يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء قال وما ذاك قالوا صليت كذا وكذا فثنى رجليه واستقبل القبلة وسجد سجدتين ثم سلم فلما أقبل علينا بوجهه قال إنه لو حدث في الصلاة شيء لنبأتكم به ولكن إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن منصور ) هو ابن المعتمر ، وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي ، وأخطأ من قال إنه غيره .

                                                                                                                                                                                                        وهذه الترجمة من أصح الأسانيد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال إبراهيم ) أي الراوي المذكور ( لا أدري زاد أو نقص ) أي النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 601 ] والمراد أن إبراهيم شك في سبب سجود السهو المذكور هل كان لأجل الزيادة أو النقصان ، لكن سيأتي في الباب الذي بعده من رواية الحكم عن إبراهيم بإسناده هذا أنه صلى خمسا ، وهو يقتضي الجزم بالزيادة ، فلعله شك لما حدث منصورا وتيقن لما حدث الحكم .

                                                                                                                                                                                                        وقد تابع الحكم على ذلك حماد بن أبي سليمان وطلحة بن مصرف وغيرهما ، وعين في رواية الحكم أيضا وحماد أنها الظهر ، ووقع للطبراني من رواية طلحة بن مصرف عن إبراهيم أنها العصر ، وما في الصحيح أصح .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أحدث ) بفتحات ومعناه السؤال عن حدوث شيء من الوحي يوجب تغيير حكم الصلاة عما عهدوه ، ودل استفهامهم عن ذلك على جواز النسخ عندهم وأنهم كانوا يتوقعونه .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال وما ذاك ) فيه إشعار بأنه لم يكن عنده شعور مما وقع منه من الزيادة ، وفيه دليل على جواز وقوع السهو من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في الأفعال . قال ابن دقيق العيد : وهو قول عامة العلماء والنظار ، وشذت طائفة فقالوا : لا يجوز على النبي السهو ، وهذا الحديث يرد عليهم لقوله - صلى الله عليه وسلم - فيه أنسى كما تنسون ولقوله فإذا نسيت فذكروني أي بالتسبيح ونحوه ، وفي قوله : لو حدث شيء في الصلاة لنبأتكم به دليل على عدم تأخير البيان عن وقت الحاجة .

                                                                                                                                                                                                        ومناسبة الحديث للترجمة من قوله : ( فثنى رجله ) وللكشميهني والأصيلي " رجليه " بالتثنية ، ( واستقبل القبلة ) فدل على عدم ترك الاستقبال في كل حال من أحوال الصلاة ، واستدل به على رجوع الإمام إلى قول المأمومين ، لكن يحتمل أن يكون تذكر عند ذلك أو علم بالوحي أو أن سؤالهم أحدث عنده شكا فسجد لوجود الشك الذي طرأ لا لمجرد قولهم .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فليتحر الصواب ) بالحاء المهملة والراء المشددة أي فليقصد ، والمراد البناء على اليقين كما سيأتي واضحا مع بقية مباحثه في أبواب السهو إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية