الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          767 - مسألة : ومن كانت عليه أيام من رمضان فأخر قضاءها عمدا ، أو لعذر ، أو لنسيان حتى جاء رمضان آخر فإنه يصوم رمضان الذي ورد عليه كما أمره الله تعالى فإذا أفطر في أول شوال قضى الأيام التي كانت عليه ولا مزيد ، ولا إطعام عليه في ذلك ; وكذلك لو أخرها عدة سنين ولا فرق إلا أنه قد أساء في تأخيرها عمدا سواء أخرها إلى رمضان أو مقدار ما كان يمكنه قضاؤها من الأيام لقول الله تعالى : { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } فالمسارعة إلى الله المفترضة واجبة . وقال الله تعالى : { فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } وأمر النبي صلى الله عليه وسلم المتعمد للقيء ، والحائض ، والنفساء : بالقضاء ; ولم يحد الله تعالى ولا رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك وقتا بعينه ، فالقضاء واجب عليهم أبدا حتى يؤدى أبدا ، ولم يأت نص قرآن ولا سنة بإيجاب إطعام في ذلك فلا يجوز إلزام ذلك أحدا لأنه شرع والشرع لا يوجبه في الدين إلا الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقط . وهذا قول أبي حنيفة ، وأبي سليمان . [ ص: 408 ]

                                                                                                                                                                                          وقال مالك : يطعم مع القضاء عن كل يوم من الرمضان الآتي مدا مدا عددها مساكين إن تعمد ترك - القضاء ; فإن كان تمادى مرضه قضى ولا إطعام عليه - وهو قول الشافعي .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : وروينا في ذلك عن السلف رضي الله عنهم أقوالا - : فروينا عن ابن عباس ، وأبي هريرة مثل قول مالك ، والشافعي .

                                                                                                                                                                                          ورويناه أيضا عن عمر ، وابن عمر من طريق منقطعة ، وبه يقول الحسن ، وعطاء .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن ابن عمر من طريق صحيحة أنه يصوم رمضان الآخر ولا يقضي الأول بصيام ، لكن يطعم عنه مكان كل يوم مسكينا مدا مدا .

                                                                                                                                                                                          وبه يقول أبو قتادة ، وعكرمة .

                                                                                                                                                                                          وروينا عنه أيضا : يهدي مكان كل رمضان فرط في قضائه بدنة مقلدة .

                                                                                                                                                                                          وروينا من طريق ابن مسعود يصوم هذا ويقضي الأول ولم يذكر طعاما - وهو قول إبراهيم النخعي ، والحسن ، وطاوس ، وحماد بن أبي سليمان ؟ قال علي : عهدنا بهم يقولون فيما وافقهم من قول الصاحب : مثل هذا لا يقال بالرأي ; فهلا قالوه في قول ابن عمر في البدنتين ؟

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية