الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              4782 5069 - حدثنا علي بن الحكم الأنصاري ، حدثنا أبو عوانة ، عن رقبة ، عن طلحة اليامي ، عن سعيد بن جبير قال : قال لي ابن عباس : هل تزوجت ؟ قلت : لا . قال : فتزوج ، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء . [فتح: 9 \ 113 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه ثلاثة أحاديث :

                                                                                                                                                                                                                              أحدها :

                                                                                                                                                                                                                              حديث عطاء : حضرنا مع ابن عباس رضي الله عنهما جنازة ميمونة بسرف ، فقال ابن عباس : هذه زوجة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فإذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها وارفقوا ، فإنه كان عند النبي - صلى الله عليه وسلم - تسع ، كان يقسم لثمان ، ولا يقسم لواحدة .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              هذا حديث أخرجه مسلم والنسائي أيضا ، وهذه الواحدة هي

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 190 ] سودة بنت زمعة ، وهبت يومها لعائشة ; ابتغاء رضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خشية المفارقة ، وتوفي - صلى الله عليه وسلم - وهي في عصمته ، والباقيات : عائشة ، وحفصة ، وأم سلمة هند ، وأم حبيبة رملة ، وهؤلاء قرشيات ، وميمونة الهلالية ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث الخزاعية ، وصفية بنت حيي الإسرائيلية . ووهم عطاء فقال : التي لم يقسم لها صفية ، وهو من وهم ابن جريج عليه كما قاله الحفاظ .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : أن حرمة المسلم ميتا كحرمته [حيا ] ; لأن ابن عباس راعى من توقيرها بعد موتها كحياتها .

                                                                                                                                                                                                                              والزعزعة : تحريك الشيء إذا أردت رفعه ، وكذلك تحريك الريح الشجرة ، والزلزلة : الاضطراب ، أخذ من زلزلة الأرض ، ذكره في الفتن .

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثاني :

                                                                                                                                                                                                                              حديث سعيد ، عن قتادة ، عن أنس رضي الله عنه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يطوف على نسائه في الليلة الواحدة ، وله تسع نسوة .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف في الغسل معلقا بقوله : وقال شعبة عن قتادة أن أنسا حدثهم : تسع نسوة . وقد أسنده هنا كما علمت ثم قال هنا : وقال لي خليفة : ثنا يزيد بن زريع ، ثنا سعيد ، عن قتادة أن أنسا حدثهم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحو حديث مسدد .

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثالث :

                                                                                                                                                                                                                              حديث سعيد بن جبير قال لي ابن عباس : هل تزوجت ؟ قلت : لا .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 191 ] قال : فتزوج ، فإن خير هذه الأمة أكثرها نساء .

                                                                                                                                                                                                                              فيه : الحض الظاهر على ذلك ، ولم يرد ابن عباس أن من كثر نساؤه من المسلمين أنه خيرهم ، وإنما قاله على معنى الحض والندب إلى النكاح وترك الرهبانية في الإسلام ، وأنه - عليه السلام - الذي يجب علينا الاقتداء به واتباع سنته كان أكثر أمته نساء ; لأنه أحل له منهن تسع فأكثر بالنكاح ، ولم يحل لأحد من أمته غير أربع .

                                                                                                                                                                                                                              وتزوج سعيد بن جبير كما أمره ابن عباس ، وحصل من نسله من اتصف بالعلم .

                                                                                                                                                                                                                              فائدة :

                                                                                                                                                                                                                              شيخ البخاري في هذا هو علي بن الحكم أنصاري مروزي الملجكاني من بعض قرى مرو ، روى عنه ، وقال : مات سنة ست وعشرين ومائتين ، وروى النسائي عن رجل عنه .

                                                                                                                                                                                                                              وفي إسناده : رقبة ، وهو ابن مصقلة العبدي الكوفي أبو عبد الله . وطلحة : اليامي ، ويقال : الأيامي صحيح .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 192 ]



                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية