الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
4788 5076 - وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=912571قلت يا رسول الله ، إني رجل شاب ، وأنا أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء . فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ثم قلت مثل ذلك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=26821_30455 " يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، جف القلم بما أنت لاق ، فاختص على ذلك أو ذر " . [فتح: 9 \ 177 ] .
حديث nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه : nindex.php?page=hadith&LINKID=654685رد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون التبتل ، ولو أذن له لاختصينا .
وفي لفظ : لقد رد ذلك -يعني : النبي - صلى الله عليه وسلم - على عثمان ، ولو أجاز له التبتل لاختصينا . وقد أخرجه nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم أيضا .
ثانيها :
حديث قيس قال : قال nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله -يعني ابن مسعود - : كنا نغزو مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس لنا شيء . . الحديث سلف قريبا وسيأتي .
ثالثها :
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه : nindex.php?page=hadith&LINKID=912571قلت : يا رسول الله ، إني رجل شاب ، وإني أخاف على نفسي العنت ولا أجد ما أتزوج به النساء . فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فسكت عني ، ثم قلت مثل ذلك ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=treesubj&link=26821_30455 "يا nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة ، جف القلم بما أنت لاق ، فاختص على ذلك أو ذر " .
الشرح :
الكلام عليه من وجوه :
أحدها :
كذا وقع في الأصول : (وقال nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ . . ) إلى آخره ، وكذا ذكره أبو مسعود وخلف ، وخالف ذلك nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم nindex.php?page=showalam&ids=14704والطرقي فقالا : رواه
[ ص: 200 ] nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ . ووصله nindex.php?page=showalam&ids=13779الإسماعيلي فرواه عن nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم ، ثنا الرمادي ، ثنا nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ به .
وأما ما وقع في كتاب nindex.php?page=showalam&ids=14704الطرقي : أصبغ بن محمد فغير جيد ; لأنا لا نعلم في nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري شيخا اسمه أصبغ بن محمد ، بل ولا في باقي الستة ، وإنما هذا nindex.php?page=showalam&ids=12322أصبغ بن الفرج وراق ابن وهب ، وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من حديث nindex.php?page=showalam&ids=12049أنس بن عياض ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري به .
وقال : nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي لم يسمعه من nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، وهو حديث صحيح .
ثانيها :
العنت بالتحريك : الحمل على المكروه ، وقد عنت يعنت ، وأعنته غيره . فالعنت : الإثم ، وقد عنت : اكتسب إثما ، والعنت : الفجور والزنا وكل أمر شاق ، ذكره في "المنتهى " وفي "التهذيب " : الإعنات : تكليف غير الطاقة .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : أصله التشديد .
ثالثها :
التبتل : الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعا إلى العبادة ، وأصله القطع ، ومنه فاطمة البتول ، ومريم البتول ; لانقطاعهما عن نساء زمانهما دينا وفضلا ورغبة في الآخرة ، وصدقة بتلة . أي : منقطعة عن مالكها .
وروي هذا عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وجماعة .
وقول أبي زيد : التبتل : العزوبة . يريد نوعا من أنواع التبتل .
رابعها :
إن قيل : من أين يلزم من جواز التبتل عن النساء : جواز الاختصاء ، وهو قطع عضوين شريفين بهما قوام النسل ، وربما أفضى بصاحبه إلى الهلاك ، وهو محرم بالاتفاق ؟ فالجواب : إن ذلك لازم من حيث أن مطلق التبتل يتضمنه ، (وكأن قائل الحقيقي ) الذي يؤمن معه شهوة النساء : هو الخصاء ، وكأنه أخذه بأكثر ما يدل عليه الاسم ، والألم العظيم مغتفر في جنب صيانة الدين ، فقد يغتفر الألم العظيم في جنب ما هو أعظم منه كقطع اليد للأكلة ، وكالكي والبط ، وغير ذلك ، ودعوى إفضائه إلى الهلاك غالبا غير مسلم ، بل وقوع الهلاك منه نادر ، فلا يلتفت إليه ، وخصاء البهائم يشهد لذلك ، وما ذكرناه إنما هو تقدير ما وقع لسعد ، ولا يظن أن ذلك يجوز لأحد اليوم ، بل هو محرم بالإجماع ، وكل ما ذكرناه إنما هو يمشي على الأخذ بظاهر قوله : (لاختصينا ) ويحتمل أن يريد سعد : لمنعنا أنفسنا منع المختصي ، والأول هو الظاهر .
[ ص: 202 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=15351المهلب : وإنما نهى - عليه السلام - عن التبتل والترغيب من أجل أنه مكاثر بهم الأمم يوم القيامة ، وأنه في الدنيا يقاتل بهم طوائف الكفار ، وفي آخر الزمان يقاتلون الدجال ، فأراد - عليه السلام - أن يكثر النسل .
قلت : وإذا كان التبتل الذي لا جناية فيه على النفس إنما هو منعها عن المباح لها ، فمنعها ما فيه جناية عليها بإيلامها -وهو الخصاء - أحرى أن يكون منهيا عنه ، وثبت أن قطع شيء من الأعضاء من غير ضرورة تدعو إلى ذلك حرام .
وأما حديث أبي أمامة رفعه : nindex.php?page=hadith&LINKID=936381 "أربعة لعنهم الله فوق عرشه وأمنت عليه الملائكة ، الذي يخصي نفسه عن النساء . . " الحديث ، فهو منكر كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=11970أبو حاتم في "علله " .
ولا التفات إلى ما روي : "خيركم بعد المائتين الخفيف الحاذ الذي لا أهل له ولا ولد " ، فإنه ضعيف بل موضوع ، وكذا قول nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة : إذا كان سنة خمسين ومائة فلأن يربي أحدكم جرو كلب خير له من أن يربي ولدا .
[ ص: 203 ] ومما يوهن ذلك أنه لو قيل بذلك لبطل النسل والجهاد والدين ، وغلب أهل الكفر مع ما فيه من تربية الكلاب .
فرع :
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : nindex.php?page=treesubj&link=10790وليس النكاح فرضا على النساء : لقوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=24&ayano=60والقواعد من النساء [النور : 60 ] الآية ، وقوله - عليه السلام - في الخبر الثابت : nindex.php?page=hadith&LINKID=703480 "الشهادة سبع سوى القتل " فذكر - عليه السلام - "المرأة تموت بجمع شهيدة " ، قال : و [هي ] التي تموت في نفاسها . "والمرأة تموت بكرا لم تطمث " . وفيما ذكره نظر ، فالنساء شقائق الرجال . وحديث علي : nindex.php?page=hadith&LINKID=663365 "ثلاث لا تؤخرها " منها : "الأيم إذا وجدت كفؤا " .
nindex.php?page=showalam&ids=14070وللحاكم في حديث nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة مرفوعا : "ما من شيء خير لامرأة من زوج أو قبر " nindex.php?page=showalam&ids=11890ولابن الجوزي في كتاب "النساء " من حديث nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن أبيه قال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه : زوجوا أولادكم إذا بلغوا ولا تحملوا آثامهم . وعن خليد بن دعلج قال : قال الحسن : بادروا ببناتكم التزويج .
وللخلال في "علله " عن nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح المكي رفعه : "مسكينة مسكينة امرأة ليست لها زوج " قالوا : يا رسول الله ، وإن كانت غنية من المال ؟ قال : "وإن كانت غنية من المال " وقال بمثل ذلك في الرجل .
[ ص: 204 ] قال nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : هذا مرسل . وأخرجه nindex.php?page=showalam&ids=12180أبو نعيم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في "الأوسط " أيضا .
فصل :
ينعطف على ما مضى : لا يجوز لأحد من المسلمين تحريم ما أحل الله لعباده المؤمنين على نفسه من طيبات المطاعم والملابس والمناكح إذا خاف على نفسه بإحلال ذلك لها بعض الخبث والمشقة أو أمنه ; وذلك لرده - عليه السلام - التبتل على nindex.php?page=showalam&ids=5559عثمان بن مظعون ، فثبت أنه nindex.php?page=treesubj&link=18604لا فضل في ترك شيء مما أحله الله لعباده ، وأن الفضل والبر إنما هو في فعل ما ندب عباده إليه ، وعمل به رسوله وسنه لأمته ، واتبعه على منهاجه الأئمة الراشدون ; إذ كان خير الهدي هديه ، فإذا كان ذلك تبين خطأ من آثر لباس الشعر والصوف على لباس القطن والكتان إذا قدر على لبس ذلك من حله ، وآثر أكل الفول والعدس على أكل خبز البر والشعير ، وترك أكل اللحم والودك ; حذرا من عارض الحاجة إلى النساء ، فإن ظن الظان أن الفضل في غير ذلك ، قلنا : لما في لباس الخشن وأكله من المشقة على النفس وصرف فضل ما بينهما من القيمة إلى أهل الحاجة فقد ظن خطأ ، وذلك أن الأولى للإنسان بالنفس إصلاحها وعونها له على طاعة ربها ، ولا شيء أضر للجسم من المطاعم الرديئة ; لأنها مفسدة لعقله ومضعفة لأدواته التي جعلها الله سببا إلى طاعاته .
[ ص: 205 ] فصل :
وفيه : أن nindex.php?page=treesubj&link=26821خصاء بني آدم حرام ، وذلك أن التبتل إذا كان منهيا عنه ولا جناية فيه على النفس غير منعه المباح ، فمنعها ما له فيه جناية عليها بإيلامها وتعذيبها بقطع بعض الأعضاء أحرى أن يكون منهيا عنه ، فثبت بها أن قطع شيء من أعضاء الإنسان من غير ضرورة تدعو إلى ذلك حرام ، كما أسلفناه ، وسواء في ذلك الصغير والكبير ، ولأن فيه تغيير خلق الله ، ولما فيه من قطع النسل وتعذيب الحيوان كما أسلفناه ، وأما nindex.php?page=treesubj&link=25279غير الآدمي فإن كان لا يؤكل فكذلك ، كما قاله nindex.php?page=showalam&ids=13890البغوي ، وأما المأكول فيجوز في صغره دون كبره .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي : ليس بأمر ، وإنما المعنى : إن فعلت أو لم تفعل فلا بد من نفوذ القدر ، وقد رأينا بعض جهال الأحداث يزهد في صباه ، فلما اشتدت عليه العزوبة جب نفسه ، وبعضهم جبها قال : بحيائه من ربه . فانظر ما يصنع الجهل بأهله ، فأول ما يقال لهذا : ليس لك أن تتصرف في شيء إلا بإذن من رب العالمين ، وهذا أمر لا يقال ما أذن له ، بل قد حرمه ثم ينبغي أن الله وضع هذا الأمر لحكمة وهي إيجاد النسل ، فمن تسبب في قطعه فقد ضاد الحكمة ، ثم من النعمة على
[ ص: 206 ] الرجل خلقه رجلا ولم يجعل امرأة ، فإذا جب نفسه اختار النقص على التمام ، فلو مات من ذلك استحق النار مع مكابدته في العاجلة شدة لا توصف ، ومنع نفسه لذة ووجود ولد يذكر به أو يثاب عليه ، وكان نسبه متصلا من آدم إليه فتسبب بقطع ذلك المتصل مع تشويهه نفسه وهواه يعد له بما رجاه ، فإن قطع الآلة لا يزيل ما في القلب من الشهوة بل يزاد أضعافا فيما ذكره nindex.php?page=showalam&ids=13974الجاحظ في كتاب "الحيوان " وكتاب "الخصيان " ، والعجيب من المتزهد الذي قال : إنه استحيا من الله مما وضعه الله فيه ، فلو شاء الله لم يضع هذا في نفسه .
فصل :
وفي حديث nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة nindex.php?page=treesubj&link=30455إثبات القدر ، وأن المرء لا يفعل باختياره شيئا لم يكن سبق في علم الله سبحانه .
فصل :
قول nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : (ثم أرخص لنا أن ننكح بالثوب ) . يعني : المتعة التي كانت حلالا في أول الإسلام ثم نسخت بالعدة والميراث والصدقات .