الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب ( 165 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ) أي أصناما يعبدونها ( يحبونهم كحب الله ) أي يحبون آلهتهم كحب المؤمنين الله وقال الزجاج : يحبون الأصنام كما يحبون الله لأنهم أشركوها مع الله فسووا بين الله وبين أوثانهم في المحبة ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) أي أثبت وأدوم على حبه لأنهم لا يختارون على الله ما سواه والمشركون إذا اتخذوا صنما ثم رأوا أحسن منه طرحوا الأول واختاروا الثاني قال قتادة : إن الكافر يعرض عن معبوده في وقت البلاء ويقبل على الله تعالى كما أخبر الله عز وجل عنهم فقال ( فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين ) ( 65 - العنكبوت ) والمؤمن لا يعرض عن الله في السراء [ ص: 179 ] والضراء والشدة والرخاء .

                                                                                                                                                                                                                                      قال سعيد بن جبير : إن الله عز وجل يأمر يوم القيامة من أحرق نفسه في الدنيا على رؤية الأصنام أن يدخلوا جهنم مع أصنامهم فلا يدخلون لعلمهم أن عذاب جهنم على الدوام ثم يقول للمؤمنين وهم بين أيدي الكفار إن كنتم أحبائي فادخلوا جهنم فيقتحمون فيها فينادي مناد من تحت العرش ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) وقيل إنما قال ( والذين آمنوا أشد حبا لله ) لأن الله تعالى أحبهم أولا ثم أحبوه ومن شهد له المعبود بالمحبة كانت محبته أتم قال الله تعالى : " يحبهم ويحبونه " ( 54 - المائدة )

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( ولو يرى الذين ظلموا ) قرأ نافع وابن عامر ويعقوب ولو ترى بالتاء وقرأ الآخرون بالياء وجواب لو هاهنا محذوف ومثله كثير في القرآن كقوله تعالى " ولو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به " ( الرعد - 31 ) يعني لكان هذا القرآن فمن قرأ بالتاء معناه ولو ترى يا محمد الذين ظلموا أنفسهم في شدة العذاب لرأيت أمرا عظيما قيل معناه قل يا محمد : أيها الظالم لو ترى الذين ظلموا أو أشركوا في شدة العقاب لرأيت أمرا فظيعا ومن قرأ بالياء معناه ولو يرى الذين ظلموا أنفسهم عند رؤية العذاب أي لو رأوا شدة عذاب الله وعقوبته حين يرون العذاب لعرفوا مضرة الكفر وأن ما اتخذوا من الأصنام لا ينفعهم

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ( إذ يرون ) قرأ ابن عامر بضم الياء والباقون بفتحها ( العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد العذاب ) أي بأن القوة لله جميعا معناه لرأوا وأيقنوا أن القوة لله جميعا

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ أبو جعفر ويعقوب إن القوة وإن الله بكسر الألف على الاستئناف والكلام تام عند قوله ( إذ يرون العذاب ) مع إضمار الجواب

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية