الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4022 - وعن القاسم مولى عبد الرحمن ، عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنا نأكل الجزور في الغزو ، لا نقسمه ، حتى إذا كنا لنرجع إلى رحالنا وأخرجتنا منه مملوة . رواه أبو داود .

التالي السابق


4022 - ( وعن القاسم ) أي : عبد الرحمن الشامي ( مولى عبد الرحمن ) أي : ابن خالد ، تابعي جليل ، سمع أبا أمامة ، وروى عنه العلاء بن الحارث وغيره . قال عبد الرحمن بن يزيد : ما رأيت أحدا أفضل من القاسم مولى عبد الرحمن رضي الله عنه . ( عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : كنا نأكل الجزور ) : بفتح الجيم أي : البعير ( في الغزو ، ولا نقسمه ) أي : لإخراج الخمس منه ، أو للتسوية بين الغانمين ، نأكل منه ( حتى إذا كنا لنرجع ) : بفتح اللام وهي الجاعلة للمضارع حالا أي : لنعود ( إلى رحالنا ) أي : منازلنا ( وأخرجتنا ) : بفتح الهمزة وكسر الراء على وزن أفعلة جمع خرج بالضم ، وهي الجوالق . قال التوربشتي : الأخرجة جمع الخرج الذي هو من الأوعية ، والصواب فيه الخرجة بكسر الخاء وتحريك الراء على مثال حجرة . في القاموس : الأخرجة جمع الخرج والخرج بالضم ، وعاء معروف ، وجمع أخرجة ، والمعنى نرجع حال كون أوعيتنا ( منه ) أي : من لحم الجزور ( مملوة ) : بتشديد الواو ، ويجوز بالهمز . وفي المصابيح : مملاة أي : ملآنة ، والمراد من الرحال منازلهم في سفر الغزو .

[ ص: 2595 ] قال ابن الهمام : فإذا خرج المسلمون من دار الحرب لم يجز أن يعلفوا من الغنيمة ، ولا يأكلوا منها ; لأن الضرورة اندفعت ، والإباحة التي كانت في دار الحرب إنما كانت باعتبارها ؛ ولأن الحق قد تأكد حتى يورث نصيبه ، ولا كذلك قبل الإخراج ، ومن فضل معه طعام ، أو علف يرده إلى الغنيمة إذا لم يكن قسم الغنيمة في دار الحرب بشرطه ، ولو انتفع به قبل قسمتها بعد الإفراز يرد قيمته ، وهو قول مالك وأحمد والشافعي في قول ، وعنه أنه لا يرد اعتبارا بالمتلصص ، وهو الواحد الداخل والاثنان إلى دار الحرب إذا أخذ شيئا فأخرجه يختص به . قلنا : مال تعلق به حق الغانمين والاختصاص كان للحاجة ، وقد زالت بخلاف المتلصص ; لأنه دائما أحق قبل الإخراج وبعده ، وأما بعد القسمة فيتصدقون بعينه إن كان قائما ، وبقيمته إن كانوا باعوه ، هذا إذا كانوا أغنياء وانتفعوا به إن كانوا محاويج ; لأنه صار في حكم اللقطة ؛ لتعذر الرد على الغانمين لتفرقهم ، وإن كانوا تصرفوا فيه فلا شيء عليهم ، وعلى هذا قيمة ما انتفع به بعد الإحراز يتصدق به الغني لا الفقير . ( رواه أبو داود ) .




الخدمات العلمية