nindex.php?page=treesubj&link=16975_16989_24406_30561_33090_34106_34112_34190_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق
أباح الله أن نأكل مما ذكر اسم الله عليه، فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=118فكلوا مما ذكر اسم الله عليه وندد بالذين لا يأكلون مما ذكر اسم الله ممن يحرمون بعض الأنعام; لأنهم حرموا ما أحل الله تعالى لهم.
[ ص: 2650 ] وفي هذه يبين تحريم
nindex.php?page=treesubj&link=16975_16989ما ذكر عليه غير اسم الله، كان يذبح على النصب، ويذبح باسم صنم من الأصنام أو شخص من الأشخاص تقديسا له، وتقربا عن طريقه، فإنه لا يحل، كما قال في آية أخرى في المحرمات من الذبائح:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أو فسقا أهل لغير الله به
وفي هذه الآية الكريمة أكد سبحانه أن
nindex.php?page=treesubj&link=16975_16989الإهلال عند الذبح لغير الله تعالى فسق؛ فقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإنه لفسق وقد أكد سبحانه وتعالى أنه فسق بـ: (إن) المؤكدة، و: (اللام) المؤكدة، والجملة الاسمية.
وقد تكلم الفقهاء في هذا الموضوع موضحين موجهين الآيات الكريمة غير مخالفين لها.
ذلك أن أمرين نص عليهما:
أولهما: إباحة ما ذكر عليه اسم الله تعالى، وإن ذلك مباح بالاتفاق لأنه منصوص عليه، ولأن الله وبخ الذين لا يأكلون ما ذكر عليه اسم الله، ولأنه يكون قد حرم ما أحل الله تعالى.
ثانيهما: أن الله تعالى نص على النهي عن أكل ما أهل به لغير الله، وأكد النهي بـ: (إن) ذلك فسق؛ أي: خروج على الدين، ولكن بقيت حال لم ينص عليها نصا صريحا؛ وهي الحال التي يترك فيها اسم الله تعالى سهوا أو عمدا.
قال بعض العلماء: إنه في حال العمد يكون الأكل غير حلال، وقيل: ولو كان سهوا، وحجتهم في ذلك أن الله تعالى أباح ما ذكر عليه اسم الله تعالى، فكان بمفهوم المخالفة لا يباح ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، ولأنه نص على تحريم ما لم يذكر اسم الله تعالى عليه، وإن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن المباح هو ما أنهر دمه وذكر عليه اسم الله تعالى عند ذبحه، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ذكر أن الصيد لا يحل إلا إذا ذكر اسم الله تعالى عند إرسال السهم أو الكلب الصائد، فقد روي في الصحيحين:
nindex.php?page=hadith&LINKID=699408 "إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكر اسم الله عليه فكلوه"، هذا نظر
[ ص: 2651 ] متفق مع النصوص المذكورة في هذه الآية، ويتفق مع الأحاديث الواردة في هذا الباب.
وقال آخرون من الفقهاء: إن المحرم هو ما ذبح بأنه لغير الله تعالى ويباح غيره لتلاقي الآيتين في المعنى؛ إذ إنه ذكر في تحريم المطعومات أن ما أهل لغير الله هو المحرم، فقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنـزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمعنى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121مما لم يذكر اسم الله عليه أي: ذكر غيره، والدليل على ذلك الآية الأخرى، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإنه لفسق والضمير يعود إلى الأكل مما لم يذكر عليه اسم الله، أي: الذبيحة، ولا يمكن أن يكون فسقا إلا إذا كان ثمة ذكر لغير الله تعالى.
وفوق ذلك فإنه من المقررات الشرعية أن
nindex.php?page=treesubj&link=16962_16963ذبائح أهل الكتاب حلال أكلها، فقد قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان
وهكذا نرى فريقا حرم
nindex.php?page=treesubj&link=16989_16977ما لم يذكر عليه اسم الله سواء أتركه عمدا أو سهوا، وآخرون قالوا: يحل، سواء أتركه عمدا أو سهوا، وهناك قول وسط بين القولين المحل والمحرم، فقال: إن لم يذكر اسم الله سهوا، فإنها تحل، وإن تركه عمدا لا تحل الذبيحة، وهذا الرأي أقرب إلى روح الإسلام; لأن من لم يذكر اسم الله سهوا، فإنه قد رفع الخطأ والنسيان، وما كان بإكراه، وأما من تركه عمدا فقد أعرض عن ذكر الله، وذلك إثم لا يبرره شيء.
ونحن نميل إلى هذا الرأي.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم الظاهر أن الشياطين هنا هم شياطين الإنس يوسوسون إلى أصدقائهم ليجادلوا المؤمنين في أمر ما أبيح من
[ ص: 2652 ] الأطعمة وما لم يبح، فقد روي أن بعض المشركين كما روينا من قبل كان يقول للمؤمنين: ما ذبحه الله لا تأكلونه، وما ذبحتموه تأكلونه، وإنهم يفعلون ذلك ليثيروا جدلا بين المؤمنين; ليشككوهم في أمر دينهم، والجدل في غير موضع الجدل إثارة للريب والشكوك. وإثارة الريب تضعف الإيمان بالحق، وتفتح الأبواب للباطل، وإذا فتحت الأبواب للباطل في القلوب ضلت الأفهام وارتابت العقول والنفوس; ولذا قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وإن أطعتموهم إنكم لمشركون أي: إن سايرتموهم في جدلهم، وفتحتم لهم صدوركم، فإنهم يجرونكم إلى طاعتهم، وإن أطعتموهم إنكم لمشركون مثلهم، وهنا قسم مقدر في القول، وقوله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121إنكم لمشركون هو جواب القسم بدليل وجود (اللام) ، وبدليل أنه لم توجد (الفاء) إذ لو كانت جوابا للشرط لجاء بالفاء.
وهذا تأكيد لإشراك المؤمنين إن سايروهم في الجدل في أمور ليست موضع جدل، فالجدل -كما قلت- يولد الريب. اللهم اكف أمة
محمد شر جدل أهلها، وامنحها الإيمان بما تقول، وما تدعو إليه.
nindex.php?page=treesubj&link=16975_16989_24406_30561_33090_34106_34112_34190_28977nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ
أَبَاحَ اللَّهُ أَنْ نَأْكُلَ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ، فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=118فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَنَدَّدَ بِالَّذِينِ لَا يَأْكُلُونَ مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ مِمَّنْ يُحَرِّمُونَ بَعْضَ الْأَنْعَامِ; لِأَنَّهُمْ حَرَّمُوا مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ.
[ ص: 2650 ] وَفِي هَذِهِ يُبَيِّنُ تَحْرِيمَ
nindex.php?page=treesubj&link=16975_16989مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ غَيْرُ اسْمِ اللَّهِ، كَانَ يَذْبَحُ عَلَى النَّصْبِ، وَيَذْبَحُ بِاسْمِ صَنَمٍ مِنَ الْأَصْنَامِ أَوْ شَخْصٍ مِنَ الْأَشْخَاصِ تَقْدِيسًا لَهُ، وَتَقَرًّبًا عَنْ طَرِيقِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ، كَمَا قَالَ فِي آيَةٍ أُخْرَى فِي الْمُحَرَّمَاتِ مِنَ الذَّبَائِحِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16975_16989الْإِهْلَالَ عِنْدَ الذَّبْحِ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِسْقٌ؛ فَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَقَدْ أَكَّدَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنَّهُ فِسْقٌ بِـ: (إِنَّ) الْمُؤَكِّدَةِ، وَ: (اللَّامِ) الْمُؤَكِّدَةِ، وَالْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ.
وَقَدْ تَكَلَّمَ الْفُقَهَاءُ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ مُوَضِّحِينَ مُوَجِّهِينَ الْآيَاتِ الْكَرِيمَةَ غَيْرَ مُخَالِفِينَ لَهَا.
ذَلِكَ أَنَّ أَمْرَيْنِ نَصَّ عَلَيْهِمَا:
أَوَّلُهُمَا: إِبَاحَةُ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَإِنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ اللَّهَ وَبَّخَ الَّذِينَ لَا يَأْكُلُونَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ، وَلِأَنَّهُ يَكُونُ قَدْ حَرَّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ تَعَالَى.
ثَانِيهِمَا: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَصَّ عَلَى النَّهْيِ عَنْ أَكْلِ مَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ، وَأَكَّدَ النَّهْيَ بِـ: (إِنَّ) ذَلِكَ فِسْقٌ؛ أَيْ: خُرُوجٌ عَلَى الدِّينِ، وَلَكِنْ بَقِيَتْ حَالٌ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهَا نَصًّا صَرِيحًا؛ وَهِيَ الْحَالُ الَّتِي يُتْرَكُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى سَهْوًا أَوْ عَمْدًا.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ فِي حَالِ الْعَمْدِ يَكُونُ الْأَكْلُ غَيْرَ حَلَالٍ، وَقِيلَ: وَلَوْ كَانَ سَهْوًا، وَحُجَّتُهُمْ فِي ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى، فَكَانَ بِمَفْهُومِ الْمُخَالَفَةِ لَا يُبَاحُ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَلِأَنَّهُ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِ مَا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ، وَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ أَنَّ الْمُبَاحَ هُوَ مَا أُنْهِرَ دَمُهُ وَذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ ذَبْحِهِ، وَلِأَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذَكَرَ أَنَّ الصَّيْدَ لَا يَحِلُّ إِلَّا إِذَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ تَعَالَى عِنْدَ إِرْسَالِ السَّهْمِ أَوِ الْكَلْبِ الصَّائِدِ، فَقَدْ رُوِيَ فِي الصَّحِيحَيْنِ:
nindex.php?page=hadith&LINKID=699408 "إِذَا أَرْسَلْتَ كَلْبَكَ الْمُعَلَّمَ، وَذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلُوهُ"، هَذَا نَظَرٌ
[ ص: 2651 ] مُتَّفِقٌ مَعَ النُّصُوصِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَيَتَّفِقُ مَعَ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنَ الْفُقَهَاءِ: إِنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ مَا ذُبِحَ بِأَنَّهُ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُبَاحُ غَيْرُهُ لِتَلَاقِي الْآيَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى؛ إِذْ إِنَّهُ ذُكِرَ فِي تَحْرِيمِ الْمَطْعُومَاتِ أَنَّ مَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ هُوَ الْمُحَرَّمُ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=145قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْـزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَعْنَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْ: ذُكِرَ غَيْرُهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ الْآيَةُ الْأُخْرَى، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ إِلَى الْأَكْلِ مِمَّا لَمْ يُذْكُرِ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ، أَيِ: الذَّبِيحَةِ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِسْقًا إِلَّا إِذَا كَانَ ثَمَّةَ ذِكْرٌ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَفَوْقَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مِنَ الْمُقَرَّرَاتِ الشَّرْعِيَّةِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=16962_16963ذَبَائِحَ أَهْلِ الْكِتَابِ حَلَالٌ أَكْلُهَا، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=5الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدَانٍ
وَهَكَذَا نَرَى فَرِيقًا حَرَّمَ
nindex.php?page=treesubj&link=16989_16977مَا لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْهِ اسْمُ اللَّهِ سَوَاءٌ أَتَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَآخَرُونَ قَالُوا: يَحِلُّ، سَوَاءٌ أَتَرَكَهُ عَمْدًا أَوْ سَهْوًا، وَهُنَاكَ قَوْلٌ وَسَطٌ بَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمُحِلِّ وَالْمُحَرِّمِ، فَقَالَ: إِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ سَهْوًا، فَإِنَّهَا تَحِلُّ، وَإِنْ تَرَكَهُ عَمْدًا لَا تُحِلُّ الذَّبِيحَةُ، وَهَذَا الرَّأْيُ أَقْرَبُ إِلَى رُوحِ الْإِسْلَامِ; لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ سَهْوًا، فَإِنَّهُ قَدْ رُفِعَ الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ، وَمَا كَانَ بِإِكْرَاهٍ، وَأَمَّا مَنْ تَرَكَهُ عَمْدًا فَقَدْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَذَلِكَ إِثْمٌ لَا يُبَرِّرُهُ شَيْءٌ.
وَنَحْنُ نَمِيلُ إِلَى هَذَا الرَّأْيِ.
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّيَاطِينَ هُنَا هُمْ شَيَاطِينُ الْإِنْسِ يُوَسْوِسُونَ إِلَى أَصْدِقَائِهِمْ لِيُجَادِلُوا الْمُؤْمِنِينَ فِي أَمْرِ مَا أُبِيحَ مِنَ
[ ص: 2652 ] الْأَطْعِمَةِ وَمَا لَمْ يُبَحْ، فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ بَعْضَ الْمُشْرِكِينَ كَمَا رَوَيْنَا مِنْ قَبْلُ كَانَ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ: مَا ذَبَحَهُ اللَّهُ لَا تَأْكُلُونَهُ، وَمَا ذَبَحْتُمُوهُ تَأْكُلُونَهُ، وَإِنَّهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ لِيُثِيرُوا جَدَلًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ; لِيُشَكِّكُوهُمْ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ، وَالْجَدَلُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ الْجَدَلِ إِثَارَةٌ لِلرِّيَبِ وَالشُّكُوكِ. وَإِثَارَةُ الرِّيَبِ تُضْعِفُ الْإِيمَانَ بِالْحَقِّ، وَتَفْتَحُ الْأَبْوَابَ لِلْبَاطِلِ، وَإِذَا فُتِحَتِ الْأَبْوَابُ لِلْبَاطِلِ فِي الْقُلُوبِ ضَلَّتِ الْأَفْهَامُ وَارْتَابَتِ الْعُقُولُ وَالنُّفُوسُ; وَلِذَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ أَيْ: إِنْ سَايَرْتُمُوهُمْ فِي جَدَلِهِمْ، وَفَتَحْتُمْ لَهُمْ صُدُورَكُمْ، فَإِنَّهُمْ يَجُرُّونَكُمْ إِلَى طَاعَتِهِمْ، وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ مِثْلَهُمْ، وَهُنَا قِسْمٌ مُقَدَّرٌ فِي الْقَوْلِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=121إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ هُوَ جَوَابُ الْقَسَمِ بِدَلِيلِ وُجُودِ (اللَّامِ) ، وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَمْ تُوجَدِ (الْفَاءُ) إِذْ لَوْ كَانَتْ جَوَابًا لِلشَّرْطِ لَجَاءَ بِالْفَاءِ.
وَهَذَا تَأْكِيدٌ لِإِشْرَاكِ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ سَايَرُوهُمْ فِي الْجَدَلِ فِي أُمُورٍ لَيْسَتْ مَوْضِعَ جَدَلٍ، فَالْجَدَلُ -كَمَا قُلْتُ- يُوَلِّدُ الرِّيَبَ. اللَّهُمَّ اكْفِ أُمَّةَ
مُحَمَّدٍ شَرَّ جَدَلِ أَهْلِهَا، وَامْنَحْهَا الْإِيمَانَ بِمَا تَقُولُ، وَمَا تَدْعُو إِلَيْهِ.