الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وتنفله بمحرابه )

                                                                                                                            ش : يريد وجلوسه فيه بلا صلاة كما قال في الرسالة [ ص: 108 ] وإذا سلم الإمام فلا يثبت بعد سلامه انتهى . قال الشيخ زروق قال ابن عرفة ويكفي في ذلك تحويل الهيئة انتهى . وسواء كانت الصلاة يتنفل بعدها أم لا على المشهور خلافا لبعضهم ، قاله الشبيبي في شرح الرسالة ، وقال الشيخ عبد الرحمن الثعالبي في كتابه المسمى " العلوم الفاخرة في النظر في أمور الدنيا والآخرة في باب جامع لأحوال الموتى ، قال في أثنائه - باب - وذكر فيه حديث الرؤيا الطويل ، قال ابن أبي جمرة : في هذا الحديث من الفقه جواز جلوس الإمام في مصلاه الذي صلى فيه إذا أدار وجهه إلى الجماعة وإن هذا هو السنة لا ما يراه بعض من ينتسب إلى التشديد في الدين من الأئمة حتى إنه يقوم من حين فراغه من صلاته كأنما ضرب بشيء يؤلمه يجعل ذلك من الدين ويفوته بذلك خيران : - أحدهما استغفار الملائكة له ما دام في مصلاه الذي صلى فيه ما لم يحدث يقولون : اللهم اغفر له اللهم ارحمه - الثاني مخالفته لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي هي نص الحديث حيث قال { كان إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه ليس إلا } ولم يذكر القيام ، ولو قام لأخبروا به ; لأنهم رضي الله تعالى عنهم بأقل من هذا من فعله يخبرون به وعلى هذا أدركت بالأندلس كل من لقيت من الأئمة المقتدى بهم في غالب الأمر يقبلون بوجوههم على الجماعة من غير قيام ، قال الشيخ عبد الرحمن وهذا الذي قاله هو الصواب الذي لا محيد عنه وعليه أدركنا الأئمة في الجوامع المعظمة

                                                                                                                            وفي صحيح مسلم عن جابر بن سمرة قال { كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلع الشمس } وهو نص جلي يوافق ما تقدم انتهى . وقال في المدخل في فضل الإمام والمؤذن وينبغي له أنه إذا سلم من صلاته أن يقوم من موضعه ومعناه أنه يغير هيئته في جلوسه في الصلاة فيقبل على الناس بوجهه فإذا فعل ذلك فقد أتى بالسنة لما ورد { أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى صلاة أقبل على الناس بوجهه } فيحصل لفاعل ذلك امتثال السنة وبقاء استغفار الملائكة له ما دام في المسجد بخلاف أن لو قام من موضعه وخرج فإنه يفوت على نفسه استغفار الملائكة له هذا إذا كان في المسجد فإن كان في بيته أو رحله في السفر فلا بأس بجلوسه فيه وتغيير الهيئة أولى كذلك قال علماؤنا وبعض العلماء يقعد في مصلاه على الهيئة التي كان عليها في صلاته وذلك بدعة انتهى . وانظر الأبي والإكمال والقرطبي ، وقال في المدخل إثر كلامه المتقدم : والمستحب في حق المأموم أن لا يتنفل في موضعه الذي صلى فيه الفريضة بل ينتقل عنه إلى جهة أخرى فيصلي فيها ، فإن لم يفعل فلا حرج انتهى . وعلى قياسه فيستحب له أنه كلما ركع ركعتين تحول إلى مكان آخر فانظره وانظر البخاري وانظر كلام المدونة في كتاب الصلاة الأول .

                                                                                                                            ( فرع ) ورأيت بخط بعض طلبة العلم عن ابن الفخار ما نصه قال ابن الفخار : وأما المأموم فهو مخير بين أن يجلس أو ينصرف ويكره أن يقوم بعد سلام الإمام للنافلة ، وقد ثبت في الحديث { أن عمر بن الخطاب رأى رجلا قام بإثر فراغه من الفرض إلى النافلة فقام إليه وجذبه بثيابه وضرب به الأرض ، وقال له ما أهلك من كان قبلكم إلا أنهم كانوا لا يفصلون بين الفرض والنفل فرآه صلى الله عليه وسلم وسمع مقالته فقال له أصاب الله بك يا عمر } انتهى . وذكر أن الزهري شارح الرسالة نقله عن ابن الفخار ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيه ) قال الزركشي من الشافعية في إعلام الساجد بأحكام المساجد في الكلام على المسائل المتعلقة بالمساجد : الثامن والستون كره بعض السلف اتخاذ المحاريب في المسجد ، قال الضحاك بن مزاحم أول شرك كان في أهل الصلاة هذه المحاريب ، وفي مصنف عبد الرزاق عن الحسن أنه صلى واعتزل الطاق أن يصلي فيه ، وقال : كره الصلاة في طاق المسجد سعيد بن جبير ومعمر ، والمراد بطاق المسجد المحراب الذي يقف فيه الإمام ، وفي شرح الجامع الصغير للحنفية لا بأس أن يقوم الإمام في [ ص: 109 ] المسجد وسجوده في الطاق ، ويكره أن يقوم في الطاق ; لأنه يشبه اختلاف المكانين ، ألا ترى أنه يكره الانفراد انتهى . والمشهور الجواز بلا كراهة ولم يزل عمل الناس عليه من غير نكير انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية