الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب إدخال البعير في المسجد للعلة وقال ابن عباس طاف النبي صلى الله عليه وسلم على بعير

                                                                                                                                                                                                        452 حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي قال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ ب الطور وكتاب مسطور [ ص: 664 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 664 ] قوله : ( باب إدخال البعير في المسجد للعلة ) أي للحاجة ، وفهم منه بعضهم أن المراد بالعلة الضعف فقال هو ظاهر في حديث أم سلمة دون حديث ابن عباس ويحتمل أن يكون المصنف أشار بالتعليق المذكور إلى ما أخرجه أبو داود من حديثه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قدم مكة وهو يشتكي ، فطاف على راحلته ، وأما اللفظ المعلق فهو موصول عند المصنف كما سيأتي في كتاب الحج إن شاء الله تعالى . ويأتي أيضا قول جابر " أنه إنما طاف على بعيره ليراه الناس وليسألوه " .

                                                                                                                                                                                                        ويأتي الكلام على حديث أم سلمة أيضا في الحج ، وهو ظاهر فيما ترجم له ، ورجال إسناده مدنيون ، وفيه تابعيان محمد وعروة ، وصحابيتان زينب وأمها أم سلمة . قال ابن بطال : في هذا الحديث جواز دخول الدواب التي يؤكل لحمها المسجد إذا احتيج إلى ذلك ; لأن بولها لا ينجسه بخلاف غيرها من الدواب . وتعقب بأنه ليس في الحديث دلالة على عدم الجواز مع [ عدم ] الحاجة ، بل ذلك دائر على التلويث وعدمه ، فحيث يخشى التلويث يمتنع الدخول . وقد قيل إن ناقته - صلى الله عليه وسلم - كانت منوقة أي مدربة معلمة فيؤمن منها ما يحذر من التلويث وهي سائرة [1] فيحتمل أن يكون بعير أم سلمة كان كذلك . والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 665 ] قوله : ( باب كذا هو الأصل بلا ترجمة ، وكأنه بيض له فاستمر كذلك . وأما قول ابن رشيد : إن مثل ذلك إذا وقع للبخاري كان كالفصل من الباب فهو حسن حيث يكون بينه وبين الباب الذي قبله مناسبة . بخلاف هذا الموضع . وأما وجه تعلقه بأبواب المساجد فمن جهة أن الرجلين تأخرا مع النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد في تلك الليلة المظلمة لانتظار صلاة العشاء معه ، فعلى هذا كان يليق أن يترجم له فضل المشي إلى المساجد في الليلة المظلمة ، ويلمح بحديث بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة وقد أخرجه أبو داود وغيره من حديث بريدة ، وظهر شاهده في حديث الباب لإكرام الله تعالى هذين الصحابيين بهذا النور الظاهر ، وادخر لهما يوم القيامة ما هو أعظم وأتم من ذلك إن شاء الله تعالى . وسنذكر بقية فوائد حديث أنس المذكور في كتاب المناقب ، فقد ذكر المصنف هناك أن الرجلين المذكورين هما أسيد بن حضير وعباد بن بشر .



                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية