الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
4491 - وعن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه . رواه البخاري .

التالي السابق


4491 - ( وعن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب ) : أي تصاوير كما في رواية ( إلا نقضه ) : أي أزال ذلك الشيء أو قطعه والنقض في الأصل إبطال أجزاء البناء . قال التوربشتي وابن الملك وغيره من علمائنا : أخرج الراوي تصاليب مخرج تماثيل ، وقد اختلفا في الأصل ، فإن الأصل في تصاليب أنه جمع تصليب وهو صنع الصليب وتصويره ، والصليب شيء مثلت يعبده النصارى ، فأطلق على نفس التصليب ، ثم سموا ما كان فيه صورة الصليب تصليبا تسمية بالمصدر ، ثم جمعوه كما في تصاوير ، والمراد هنا بالتصاليب الصور . ( رواه البخاري ) : قال التوربشتي : هذا الحديث مخرج في كتاب أبي داود ولفظه : كان لا يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا قضبه ، ومعنى قضبه قطعه ، فيحتمل أن يكون اختلاف اللفظين من بعض الرواة ، والحديث على ما في كتاب أبي داود أفصح وأقيس . قال الطيبي : وفيه نظر ، فإن رواة البخاري أوثق وأضبط ، والاعتماد على ما رووه

[ ص: 2850 ] أولى : وأخرى اهـ . ولا يخفى أن كلام الشيخ في كون لفظه من كتاب أبي داود أفصح لغة وأقيس صناعة ، وهو لا ينافي كون كتاب البخاري كما هو معلوم عند كل أحد أنه أصح رواية وأقوى دراية . ألا ترى أن بعض القراء السبعة قد ينفرد بقراءة هي أفصح لغة من سائر القراءات المتواترة ، والحاصل جواز الفصيح ، والأفصح في كلامه تعالى ، وكذا في كلامه - صلى الله عليه وسلم - وأما كون أحدهما مرويا من طريق الأصح أو بسند الأكثر ، فأمر آخر فتدبر ، ثم قال الطيبي : ذكر الخطابي في أعلام السنن ، وهو شرح البخاري ، وفي سائر الروايات تؤذن أنها في كتاب البخاري لأن معنى السائر البقية من الشيء ، كذا صرح صاحب النهاية ; لأنه أخذ من السؤر اهـ .

وهو بحث عجيب واعتراض غريب ; لأن السائر يأتي بمعنى الجميع ، ويأتي بمعنى الباقي وهو الأكثر والأظهر ، وهو في هذا المقام متعين فتدبر ، لكن كون مراد الخطابي باقي روايات البخاري ، ففيه محل نظر لأنه مع أنه خلاف الظاهر يحتاج إلى تتبع روايات البخاري ، ويبنى هذا المعنى على وجود ذلك المبنى ، وعلى فرض صحته لا ينافي كونه في رواية أبي داود أيضا ، ولا يمتنع أن بعض روايات البخاري أيضا أفصح من بعض وأقيس رواية ودراية ، والله أعلم .




الخدمات العلمية