الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو بكر الحنفي عبد الكبير : حدثنا بكير بن مسمار ، عن عامر بن سعد أن أباه سعدا ، كان في غنم له ، فجاء ابنه عمر ، فلما رآه قال : أعوذ بالله من شر هذا الراكب ، فلما انتهى إليه ، قال : يا أبة أرضيت أن تكون أعرابيا في غنمك ، والناس يتنازعون في الملك بالمدينة ، فضرب صدر عمر ، وقال : اسكت ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إن الله - عز وجل - يحب العبد التقي الغني الخفي " .

                                                                                      روح والأنصاري ، واللفظ له : أنبأنا ابن عون ، عن محمد بن محمد بن الأسود ، عن عامر بن سعد قال : قال سعد : لقد رأيت رسول الله [ ص: 103 ] - صلى الله عليه وسلم - ضحك يوم الخندق ، حتى بدت نواجذه . كان رجل معه ترس ، وكان سعد راميا ، فجعل يقول كذا يحوي بالترس ، ويغطي جبهته . فنزع له سعد بسهم ، فلما رفع رأسه ، رماه فلم يخط هذه منه - يعني جبهته - فانقلب وأشال برجله ، فضحك رسول الله من فعله حتى بدت نواجذه .

                                                                                      يحيى القطان وجماعة : عن صدقة بن المثنى ، حدثني جدي رياح بن الحارث ، أن المغيرة كان في المسجد الأكبر ، وعنده أهل الكوفة ، فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة ، فسب ، وسب ، فقال سعيد بن زيد : من يسب هذا يا مغيرة ؟ قال : يسب علي بن أبي طالب ، قال : يا مغير بن شعيب ، يا مغير بن شعيب ، ألا تسمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبون عندك ، ولا تنكر ولا تغير ؟ فأنا أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما سمعت أذناي ، ووعاه قلبي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإني لم أكن أروي عنه كذبا ، إنه قال : " أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعلي في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن في الجنة ، وسعد بن مالك في الجنة . وتاسع المؤمنين في الجنة " ، ولو شئت أن أسميه لسميته ، فضج أهل المسجد يناشدونه : يا صاحب رسول الله ، من التاسع ؟ قال : ناشدتموني بالله والله عظيم ، أنا هو ، والعاشر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والله لمشهد شهده رجل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل من عمل أحدكم ، ولو عمر ما عمر نوح .

                                                                                      [ ص: 104 ] أخرجه أبو داود ، والنسائي ، وابن ماجه ، من طريق صدقة .

                                                                                      شعبة : عن الحر : سمعت رجلا يقال له عبد الرحمن بن الأخنس قال : خطب المغيرة بن شعبة فنال من علي ، فقام سعيد بن زيد فقال : ما تريد إلى هذا . أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقال : " عشرة في الجنة : رسول الله في الجنة ، وأبو بكر في الجنة " . . . الحديث .

                                                                                      الحر هو ابن الصياح .

                                                                                      عبد الواحد بن زياد : عن الحسن بن عبيد الله ، حدثنا الحر ، بنحوه .

                                                                                      ابن أبي فديك : حدثنا موسى بن يعقوب . عن عمر بن سعيد بن سريج أن عبد الرحمن بن حميد حدثه ، عن أبيه حميد بن عبد الرحمن ، حدثني سعيد بن زيد في نفر ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " عشرة في الجنة : أبو بكر في الجنة ، وسمى فيهم أبا عبيدة " . [ ص: 105 ] ابن عيينة : عن سعير بن الخمس عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عمر : قال رسول الله : عشرة من قريش في الجنة ، أبو بكر ، ثم سمى العشرة .

                                                                                      أخبرنا ابن أبي عمر وجماعة ، إذنا ، قالوا : أنبأنا حنبل ، أنبأنا هبة الله ، أنبأنا ابن المذهب ، حدثنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة ، عن حصين ، عن هلال بن يساف ، عن عبد الله بن ظالم قال : خطب المغيرة فنال من علي ، فخرج سعيد بن زيد فقال : ألا تعجب من هذا يسب عليا ، أشهد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا كنا على حراء أو أحد ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " اثبت حراء أو أحد فإنما عليك نبي أو صديق أو شهيد " . فسمى النبي وأبا بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعليا ، وطلحة ، والزبير ، وسعدا ، وعبد الرحمن ، وسمى سعيد نفسه ، رضوان الله عليهم . وله طرق .

                                                                                      ومنها : عاصم بن علي : حدثنا محمد بن طلحة ، عن أبيه ، عن هلال بن [ ص: 106 ] يساف ، عن سعيد نفسه ، وقال : اسكن حراء .

                                                                                      أخبرنا ابن أبي الخير ، أنبأنا عبد الغني الحافظ ، في كتابه إلينا ، أنبأنا المبارك بن المبارك السمسار ، أنبأنا النعالي ، أنبأنا أبو القاسم بن المنذر ، أنبأنا إسماعيل الصفار ، حدثنا الدقيقي ، حدثنا يونس بن محمد ، حدثنا الليث ، عن يزيد بن الهاد ، عن أبي بكر بن حزم قال : جاءت أروى بنت أويس إلى محمد بن عمرو بن حزم فقالت : إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرة في حقي ، فأته ، فكلمه ، فوالله لإن لم يفعل ، لأصيحن به في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال لها : لا تؤذي صاحب رسول الله ; ما كان ليظلمك ، ما كان ليأخذ لك حقا . فخرجت .

                                                                                      فجاءت عمارة بن عمرو وعبد الله بن سلمة ، فقالت لهما : ائتيا سعيد بن زيد ، فإنه قد ظلمني ، وبنى ضفيرة في حقي ، فوالله لإن لم ينزع ، لأصيحن به في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فخرجا حتى أتياه في أرضه بالعقيق ، فقال لهما : ما أتى بكما ؟ قالا : جاء بنا أروى ، زعمت أنك بنيت ضفيرة في حقها ، وحلفت بالله لإن لم تنزع لتصيحن بك في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فأحببنا أن نأتيك ، ونذكرك بذلك . فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من أخذ شبرا من الأرض بغير حق ، طوقه يوم القيامة من سبع أرضين " لتأتين ، فلتأخذ ما كان لها من حق ، اللهم إن كانت كذبت علي ، فلا تمتها حتى تعمي بصرها ، وتجعل منيتها فيها . ارجعوا فأخبروها بذلك ، فجاءت ، فهدمت الضفيرة ، وبنت بيتا ، فلم تمكث إلا قليلا حتى [ ص: 107 ] عميت ، وكانت تقوم من الليل ، ومعها جارية تقودها ، فقامت ليلة ، ولم توقظ الجارية ، فسقطت في البئر ، فماتت .

                                                                                      هذا يؤخر إلى ترجمة سعيد بن زيد .

                                                                                      أحمد في " مسنده " حدثنا سليمان بن داود الهاشمي ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن أبيه ، عن جده ، عن سعد قال : رأيت رجلين عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويساره يوم أحد ، عليهما ثياب بيض ، يقاتلان عنه كأشد القتال ، ما رأيتهما قبل ولا بعد .

                                                                                      الثوري : عن أبي إسحاق ، عن أبي عبيدة ، عن ابن مسعود قال : اشتركت أنا ، وسعد ، وعمار ، يوم بدر فيما أصبنا من الغنيمة ، فجاء [ ص: 108 ] سعد بأسيرين ، ولم أجئ أنا وعمار بشيء .

                                                                                      شريك : عن أبي إسحاق قال : أشد الصحابة أربعة : عمر ، وعلي ، والزبير ، وسعد .

                                                                                      أبو يعلى في " مسنده " حدثنا محمد بن المثنى ، حدثنا عبد الله بن قيس الرقاشي ، حدثنا أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يدخل عليكم من هذا الباب رجل من أهل الجنة " . فطلع سعد بن أبي وقاص .

                                                                                      رشدين بن سعد عن الحجاج بن شداد ، عن أبي صالح الغفاري ، عن عبد الله بن عمرو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة " . فدخل سعد بن أبي وقاص . [ ص: 109 ] ابن وهب : أخبرني حيوة ، أخبرنا عقيل ، عن ابن شهاب ، حدثني من لا أتهم ، عن أنس قال : بينا نحن جلوس عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة " . فاطلع سعد .

                                                                                      الثوري ، عن المقدام بن شريح ، عن أبيه ، عن سعد ولا تطرد الذين يدعون ربهم قال : نزلت في ستة أنا وابن مسعود منهم .

                                                                                      مسلمة بن علقمة : حدثنا داود بن أبي هند ، عن أبي عثمان أن سعدا قال : نزلت هذه الآية في وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما قال : كنت برا بأمي ، فلما أسلمت ، قالت : يا سعد ، ما هذا الدين الذي قد أحدثت ؟ لتدعن دينك هذا ، أو لا آكل ، ولا أشرب ، حتى أموت ، فتعير بي ، فيقال : يا قاتل أمه ، قلت : لا تفعلي يا أمه ، إني لا أدع ديني هذا لشيء ، فمكثت يوما لا تأكل ولا تشرب وليلة ، وأصبحت وقد جهدت ، فلما رأيت ذلك ، قلت : يا أمه ، تعلمين والله لو كان لك مائة نفس ، فخرجت نفسا نفسا ، ما تركت ديني . إن شئت فكلي أو لا تأكلي . [ ص: 110 ] فلما رأت ذلك أكلت .

                                                                                      رواه أبو يعلى في " مسنده . "

                                                                                      مجالد : عن الشعبي ، عن جابر قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أقبل سعد بن مالك فقال رسول الله : " هذا خالي ، فليرني امرؤ خاله " .

                                                                                      قلت : لأن أم النبي - صلى الله عليه وسلم - زهرية ، وهي آمنة بنت وهب بن عبد مناف ، ابنة عم أبي وقاص .

                                                                                      يحيى القطان عن الجعد بن أوس ، حدثتني عائشة بنت سعد قالت : قال سعد : اشتكيت بمكة ، فدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني ، فمسح وجهي وصدري وبطني ، وقال : " اللهم اشف سعدا " فما زلت يخيل إلي أني أجد برد يده - صلى الله عليه وسلم - على كبدي حتى الساعة .

                                                                                      [ ص: 111 ] أخرجه البخاري والنسائي .

                                                                                      أحمد في " مسنده " : حدثنا أبو المغيرة ، حدثنا معان بن رفاعة ، حدثني علي بن يزيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة قال : جلسنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرنا ، ورققنا . فبكى سعد بن أبي وقاص ، فأكثر البكاء . فقال : يا ليتني مت . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا سعد ، أتتمنى الموت عندي ؟ " فردد ذلك ثلاث مرات ، ثم قال : " يا سعد ، إن كنت خلقت للجنة ، فما طال عمرك أو حسن من عملك ، فهو خير لك " .

                                                                                      محمد بن الوليد البسري ، حدثنا يحيى بن سعيد ، عن إسماعيل ، عن قيس أخبرني سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " اللهم استجب لسعد إذا دعاك " .

                                                                                      رواه جعفر بن عون ، عن إسماعيل ، عن قيس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله .

                                                                                      [ ص: 112 ] عبد الرحمن بن مغراء : عن سعيد بن المرزبان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم أحد : " اللهم استجب لسعد " ثلاث مرات .

                                                                                      ابن وهب : حدثني أبو صخر ، عن يزيد بن قسيط ، عن إسحاق بن سعد بن أبي وقاص ، حدثني أبي : أن عبد الله بن جحش قال يوم أحد : ألا تأتي ندعو الله تعالى ، فخلوا في ناحية ، فدعا سعد ، فقال : يا رب ، إذا لقينا العدو غدا ، فلقني رجلا شديدا بأسه ، شديدا حرده ، أقاتله ، ويقاتلني ، ثم ارزقني الظفر عليه ، حتى أقتله وآخذ سلبه . فأمن عبد الله ، ثم قال : اللهم ارزقني غدا رجلا شديدا بأسه ، شديدا حرده ، فأقاتله ، ويقاتلني ، ثم يأخذني ، فيجدع أنفي وأذني ، فإذا لقيتك غدا قلت لي : يا عبد الله ، فيم جدع أنفك وأذناك ؟ فأقول : فيك وفي رسولك ، فتقول : صدقت .

                                                                                      قال سعد : كانت دعوته خيرا من دعوتي ، فلقد رأيته آخر النهار ، وإن أنفه وأذنه لمعلق في خيط .

                                                                                      أبو عوانة وجماعة ، حدثنا عبد الملك بن عمير ، عن جابر بن سمرة قال : [ ص: 113 ] شكا أهل الكوفة سعدا إلى عمر ، فقالوا : إنه لا يحسن أن يصلي . فقال سعد : أما أنا ، فإني كنت أصلي بهم صلاة رسول الله ، صلاتي العشي لا أخرم منها ، أركد في الأوليين وأحذف في الأخريين . فقال عمر : ذاك الظن بك يا أبا إسحاق . فبعث رجالا يسألون عنه بالكوفة ، فكانوا لا يأتون مسجدا من مساجد الكوفة ، إلا قالوا خيرا ، حتى أتوا مسجدا لبني عبس ، فقال رجل يقال له أبو سعدة : أما إذ نشدتمونا بالله ، فإنه كان لا يعدل في القضية ، ولا يقسم بالسوية ، ولا يسير بالسرية ، فقال سعد : اللهم إن كان كاذبا ، فأعم بصره ، وأطل عمره ، وعرضه للفتن . قال عبد الملك : فأنا رأيته بعد يتعرض للإماء في السكك . فإذا سئل كيف أنت ؟ يقول : كبير مفتون ، أصابتني دعوة سعد . متفق عليه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية