الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              الموانع ليست بمقصودة للشارع ، بمعنى أنه لا يقصد تحصيل المكلف لها ولا رفعها ، وذلك أنها على ضربين :

              ضرب منها داخل تحت خطاب التكليف ـ مأمورا به أو منهيا عنه أو مأذونا فيه ـ ، وهذا لا إشكال فيه من هذه الجهة ; كالاستدانة المانعة من انتهاض سبب الوجوب بالتأثير لوجوب إخراج الزكاة ، وإن وجد النصاب فهو متوقف على فقد المانع ، وكذلك الكفر المانع من صحة أداء الصلاة والزكاة أو من وجوبهما ، ومن الاعتداد بما طلق في حال كفره ، إلى غير ذلك من الأمور الشرعية التي منع منها الكفر ، وكذلك الإسلام مانع من انتهاك حرمة الدم والمال والعرض إلا [ ص: 445 ] بحقها ; فالنظر في هذه الأشياء وأشباهها من جهة خطاب التكليف خارج عن مقصود المسألة .

              والضرب الثاني : هو المقصود ، وهو الداخل تحت خطاب الوضع من حيث هو كذلك ; فليس للشارع قصد في تحصيله من حيث هو مانع ، ولا في عدم تحصيله ; فإن المديان ليس بمخاطب برفع الدين إذا كان عنده نصاب لتجب عليه الزكاة ، كما أن مالك النصاب غير مخاطب بتحصيل الاستدانة لتسقط عنه ، لأنه من خطاب الوضع لا من خطاب التكليف ، وإنما مقصود الشارع فيه أنه إذا حصل ارتفع مقتضى السبب .

              والدليل على ذلك : أن وضع السبب مكمل الشروط ، يقتضي قصد الواضع إلى ترتب المسبب عليه ، وإلا فلو لم يكن كذلك ; لم يكن موضوعا على أنه سبب ، وقد فرض كذلك ، هذا خلف ، وإذا ثبت قصد الواضع إلى حصول المسبب ; ففرض المانع مقصودا له أيضا إيقاعه قصد إلى رفع ترتب المسبب على السبب ، وقد ثبت أنه قاصد إلى نفس الترتب ، هذا خلف ; فإن القصدين متضادان ، ولا هو أيضا قاصد إلى رفعه ; لأنه لو كان قاصدا إلى ذلك لم يثبت في الشرع مانعا .

              وبيان ذلك أنه لو كان قاصدا إلى رفعه من حيث هو مانع ; لم يثبت حصوله معتبرا شرعا ، وإذا لم يعتبر ; لم يكن مانعا من جريان حكم السبب ، وقد فرض كذلك ، وهو عين التناقض .

              فإذا توجه قصد المكلف إلى إيقاع المانع أو إلى رفعه ففي ذلك تفصيل ، وهي :

              التالي السابق


              الخدمات العلمية