nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798_31819_32016يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون
أعيد خطاب بني
آدم ، فهذا النداء تكملة للآي قبله ، بني على التحذير من متابعة الشيطان إلى إظهار كيده للناس من ابتداء خلقهم ، إذ كاد لأصلهم .
والنداء بعنوان بني
آدم : للوجه الذي ذكرته في الآية قبلها ، مع زيادة التنويه بمنة اللباس توكيدا للتعريض بحماقة الذين يحجون عراة .
[ ص: 77 ] وقد نهوا عن أن يفتنهم الشيطان ، وفتون الشيطان حصول آثار وسوسته ، أي لا تمكنوا الشيطان من أن يفتنكم ، والمعنى النهي عن طاعته ، وهذا من مبالغة النهي ، ومنه قول العرب لا أعرفنك تفعل كذا : أي لا تفعلن فأعرف فعلك ، وقولهم : لا أرينك هنا : أي لا تحضرن هنا فأراك ، فالمعنى لا تطيعوا الشيطان في فتنه فيفتنكم ومثل هذا كناية عن النهي عن فعل والنهي عن التعرض لأسبابه .
وشبه الفتون الصادر من الشيطان للناس بفتنه
آدم وزوجه إذ أقدمهما على الأكل من الشجرة المنهي عنه ، فأخرجهما من نعيم كانا فيه ، تذكيرا للبشر بأعظم فتنة فتن الشيطان بها نوعهم ، وشملت كل أحد من النوع ، إذ حرم من النعيم الذي كان يتحقق له لو بقي أبواه في الجنة وتناسلا فيها ، وفي ذلك أيضا تذكير بأن عداوة البشر للشيطان موروثة ، فيكون أبعث لهم على الحذر من كيده .
و " ما " في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27كما أخرج مصدرية ، والجار والمجرور في موضع الصفة لمصدر محذوف هو مفعول مطلق ليفتننكم ، والتقدير : فتونا كإخراجه أبويكم من الجنة ، فإن إخراجه إياهما من الجنة فتون عظيم يشبه به فتون الشيطان حين يراد تقريب معناه للبشر وتخويفهم منه .
والأبوان تثنية الأب ، والمراد بهما الأب والأم على التغليب ، وهو تغليب شائع في الكلام وتقدم عند قوله تعالى : ولأبويه في سورة النساء . وأطلق الأب هنا عن الجد لأنه أب أعلى ، كما في قول النبيء - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341782أنا ابن عبد المطلب .
وجملة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27ينزع عنهما لباسهما في موضع الحال المقارنة من الضمير المستتر في : أخرج أو من : أبويكم والمقصود من هذه الحال تفظيع هيئة الإخراج بكونها حاصلة في حال انكشاف سوآتهما لأن انكشاف السوءة
[ ص: 78 ] من أعظم الفظائع والفضائح في متعارف الناس .
والتعبير عما مضى بالفعل المضارع لاستحضار الصورة العجيبة من تمكنه من أن يتركهما عريانين .
واللباس تقدم قريبا ، ويجوز هنا أن يكون حقيقة وهو لباس جللهما الله به في تلك الجنة يحجب سوآتهما ، كما روي أنه حجاب من نور ، وروي أنه كقشر الأظفار وهي روايات غير صحيحة ، والأظهر أن نزع اللباس تمثيل لحال التسبب في ظهور السوءة .
وكرر التنويه باللباس تمكينا للتمهيد لقوله تعالى بعده :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خذوا زينتكم عند كل مسجد .
وإسناد الإخراج والنزع والإراءة إلى الشيطان مجاز عقلي ، مبني على التسامح في الإسناد بتنزيل السبب منزلة الفاعل ، سواء اعتبر النزع حقيقة أم تمثيلا ، فإن أطراف الإسناد المجازي العقلي تكون حقائق ، وتكون مجازات ، وتكون مختلفة ، كما تقرر في علم المعاني .
واللام في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27ليريهما سوآتهما لام التعليل الادعائي ، تبعا للمجاز العقلي ، لأنه لما أسند الإخراج والنزع والإرادة إليه على وجه المجاز العقلي ، فجعل كأنه فاعل الإخراج ونزع لباسهما وإراءتهما سوآتهما ، ناسب أن يجعل له غرض من تلك الأفعال المضرة ، وكونه قاصدا من ذلك الشناعة والفظاعة ، كشأن الفاعلين أن تكون لهم علل غائبة من أفعالهم إتماما للكيد ، وإنما الشيطان في الواقع سبب لرؤيتهما سوآتهما ، فانتظم الإسناد الادعائي مع التعليل الادعائي ، فكانت لام العلة تقوية للإسناد المجازي ، وترشيحا له ، ولأجل هذه النكتة لم نجعل اللام هنا للعاقبة كما جعلناها في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما إذ لم تقارن اللام هنالك إسنادا مجازيا .
وفي الآية إشارة إلى أن
nindex.php?page=treesubj&link=28798الشيطان يهتم بكشف سوأة ابن آدم لأنه يسره أن يراه في حالة سوء وفظاعة .
[ ص: 79 ] وجملة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27إنه يراكم هو وقبيله واقعة موقع التعليل للنهي عن الافتتان بفتنة الشيطان ، والتحذير من كيده ، لأن شأن الحذر أن يرصد الشيء المخوف بنظره ليحترس منه إذا رأى بوادره ، فأخبر الله الناس بأن الشياطين ترى البشر ، وأن البشر لا يرونها ، إظهارا للتفاوت بين جانب كيدهم وجانب حذر الناس منهم ، فإن جانب كيدهم قوي متمكن وجانب حذر الناس منهم ضعيف ، لأنهم يأتون المكيد من حيث لا يدري .
فليس المقصود من قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم تعليم حقيقة من حقائق الأجسام الخفية عن الحواس وهي المسماة بالمجردات في اصطلاح الحكماء ويسميها علماؤنا الأرواح السفلية إذ ليس من أغراض القرآن التصدي لتعليم مثل هذا إلا ما له أثر في التزكية النفسية والموعظة .
والضمير الذي اتصلت به " إن " عائد إلى الشيطان ، وعطف : وقبيله على الضمير المستتر في قوله : يراكم ولذلك فصل بالضمير المنفصل . وذكر القبيل ، وهو بمعنى القبيلة ، للدلالة على أن له أنصارا ينصرونه على حين غفلة من الناس ، وفي هذا المعنى تقريب حال عداوة الشياطين بما يعهده العرب من شدة أخذ العدو عدوه على غرة من المأخوذ ، تقول العرب : أتاهم العدو وهم غارون .
وتأكيد الخبر بحرف التوكيد لتنزيل المخاطبين في إعراضهم عن الحذر من الشيطان وفتنته منزلة من يترددون في أن الشيطان يراهم وفي أنهم لا يرونه .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27من حيث لا ترونهم ابتداء مكان مبهم تنتفي فيه رؤية البشر ، أي من كل مكان لا ترونهم فيه ، فيفيد : إنه يراكم وقبيله وأنتم لا ترونه قريبا كانوا أو بعيدا ، فكانت الشياطين محجوبين عن أبصار البشر ، فكان ذلك هو المعتاد من الجنسين ، فرؤية ذوات الشياطين منتفية لا محالة ، وقد يخول الله رؤية الشياطين أو الجن متشكلة في أشكال الجسمانيات ،
[ ص: 80 ] معجزة للأنبياء كما ورد في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341783nindex.php?page=treesubj&link=30462إن عفريتا من الجن تفلت علي الليلة في صلاتي فهممت أن أوثقه في سارية من المسجد الحديث ، أو كرامة للصالحين من الأمم كما في
حديث الذي جاء يسرق من زكاة الفطر عند nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وقول النبيء - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة : ذلك شيطان كما في الصحيحين ، ولا يكون ذلك إلا على تشكل الشيطان أو الجن في صورة غير صورته الحقيقية ، بتسخير الله لتتمكن منه الرؤية البشرية ، فالمرئي في الحقيقة الشكل الذي ماهية الشيطان من ورائه ، وذلك بمنزلة رؤية مكان يعلم أن فيه شيطانا ، وطريق العلم بذلك هو الخبر الصادق ، فلولا الخبر لما علم ذلك .
وجملة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28802إنا جعلنا الشياطين أولياء للذين لا يؤمنون مستأنفة استئنافا ابتدائيا قصد منه الانتقال إلى أحوال المشركين في ائتمارهم بأمر الشيطان ، تحذيرا للمؤمنين من الانتظام في سلكهم ، وتنفيرا من أحوالهم ، والمناسبة هي التحذير وليس لهذه الجملة تعلق بجملة :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27إنه يراكم هو وقبيله .
وتأكيد الخبر بحرف التأكيد للاهتمام بالخبر بالنسبة لمن يسمعه من المؤمنين .
والجعل هنا جعل التكوين ، كما يعلم من قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24بعضكم لبعض عدو بمعنى خلقنا الشياطين .
و أولياء حال من الشياطين وهي حال مقدرة أي خلقناهم مقدرة ولايتهم للذين لا يؤمنون ، وذلك أن الله جبل أنواع المخلوقات وأجناسها على طبائع لا تنتقل عنها ، ولا تقدر على التصرف بتغييرها : كالافتراس في الأسد ، واللسع في العقرب ، وخلق للإنسان العقل والفكر فجعله قادرا على اكتساب ما يختار ، ولما كان من جبلة الشياطين حب ما هو فساد ، وكان من قدرة الإنسان وكسبه أنه قد يتطلب الأمر العائد بالفساد ، إذا كان له فيه عاجل شهوة أو كان يشبه الأشياء
[ ص: 81 ] الصالحة في بادئ النظرة الحمقاء ، كان الإنسان في هذه الحالة موافقا لطبع الشياطين ، ومؤتمرا بما تسوله إليه ، ثم يغلب كسب الفساد والشر على الذين توغلوا فيه وتدرجوا إليه ، حتى صار المالك لإراداتهم ، وتلك مرتبة المشركين ، وتتفاوت مراتب هذه الولاية ، فلا جرم نشأت بينهم وبين الشياطين ولاية ووفاق لتقارب الدواعي ، فبذلك انقلبت العداوة التي في الجبلة التي أثبتها قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22إن الشيطان لكما عدو مبين وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24بعضكم لبعض عدو فصارت ولاية ومحبة عند بلوغ ابن
آدم آخر دركات الفساد ، وهو الشرك وما فيه ، فصار هذا جعلا جديدا ناسخا للجعل الذي في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24بعضكم لبعض عدو كما تقدمت الإشارة إليه هنالك ، فما في هذه الآية مقيد للإطلاق الذي في الآية الأخرى تنبيها على أن من حق المؤمن أن لا يوالي الشيطان .
والمراد بالذين لا يؤمنون المشركون ، لأنهم المضادون للمؤمنين في مكة ، وستجيء زيادة بيان لهذه الآية عند قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=35يا بني آدم إما يأتينكم رسل منكم في هذه السورة .
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28978_28798_31819_32016يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ
أُعِيدَ خِطَابُ بَنِي
آدَمَ ، فَهَذَا النِّدَاءُ تَكْمِلَةٌ لِلْآيِ قَبْلَهُ ، بُنِيَ عَلَى التَّحْذِيرِ مِنْ مُتَابَعَةِ الشَّيْطَانِ إِلَى إِظْهَارِ كَيْدِهِ لِلنَّاسِ مِنِ ابْتِدَاءِ خَلْقِهِمْ ، إِذْ كَادَ لِأَصْلِهِمْ .
وَالنِّدَاءُ بِعُنْوَانِ بَنِي
آدَمَ : لِلْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي الْآيَةِ قَبْلَهَا ، مَعَ زِيَادَةِ التَّنْوِيهِ بِمِنَّةِ اللِّبَاسِ تَوْكِيدًا لِلتَّعْرِيضِ بِحَمَاقَةِ الَّذِينَ يَحُجُّونَ عُرَاةً .
[ ص: 77 ] وَقَدْ نُهُوا عَنْ أَنْ يَفْتِنَهُمُ الشَّيْطَانُ ، وَفُتُونُ الشَّيْطَانِ حُصُولُ آثَارِ وَسْوَسَتِهِ ، أَيْ لَا تُمَكِّنُوا الشَّيْطَانَ مِنْ أَنْ يَفْتِنَكُمْ ، وَالْمَعْنَى النَّهْيُ عَنْ طَاعَتِهِ ، وَهَذَا مِنْ مُبَالَغَةِ النَّهْيِ ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْعَرَبِ لَا أَعْرِفَنَّكَ تَفْعَلُ كَذَا : أَيْ لَا تَفْعَلَنَّ فَأَعْرِفُ فِعْلَكَ ، وَقَوْلُهُمْ : لَا أَرَيَنَّكَ هُنَا : أَيْ لَا تَحْضُرَنَّ هُنَا فَأَرَاكَ ، فَالْمَعْنَى لَا تُطِيعُوا الشَّيْطَانَ فِي فِتَنِهِ فَيَفْتِنَكُمْ وَمِثْلُ هَذَا كِنَايَةٌ عَنِ النَّهْيِ عَنْ فِعْلٍ وَالنَّهْيِ عَنِ التَّعَرُّضِ لِأَسْبَابِهِ .
وَشُبِّهَ الْفُتُونُ الصَّادِرُ مِنَ الشَّيْطَانِ لِلنَّاسِ بِفَتْنِهِ
آدَمَ وَزَوْجَهُ إِذْ أَقْدَمَهُمَا عَلَى الْأَكْلِ مِنَ الشَّجَرَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ نَعِيمٍ كَانَا فِيهِ ، تَذْكِيرًا لِلْبَشَرِ بِأَعْظَمِ فِتْنَةٍ فَتَنَ الشَّيْطَانُ بِهَا نَوْعَهُمْ ، وَشَمَلَتْ كُلَّ أَحَدٍ مِنَ النَّوْعِ ، إِذْ حُرِمَ مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي كَانَ يَتَحَقَّقُ لَهُ لَوْ بَقِيَ أَبَوَاهُ فِي الْجَنَّةِ وَتَنَاسَلَا فِيهَا ، وَفِي ذَلِكَ أَيْضًا تَذْكِيرٌ بِأَنَّ عَدَاوَةَ الْبَشَرِ لِلشَّيْطَانِ مَوْرُوثَةٌ ، فَيَكُونُ أَبْعَثَ لَهُمْ عَلَى الْحَذَرِ مِنْ كَيْدِهِ .
وَ " مَا " فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27كَمَا أَخْرَجَ مَصْدَرِيَّةٌ ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ فِي مَوْضِعِ الصِّفَةِ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ هُوَ مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ لِيَفْتِنَنَّكُمُ ، وَالتَّقْدِيرُ : فُتُونًا كَإِخْرَاجِهِ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ ، فَإِنَّ إِخْرَاجَهُ إِيَّاهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فُتُونٌ عَظِيمٌ يُشَبَّهُ بِهِ فُتُونُ الشَّيْطَانِ حِينَ يُرَادُ تَقْرِيبُ مَعْنَاهُ لِلْبَشَرِ وَتَخْوِيفُهُمْ مِنْهُ .
وَالْأَبَوَانِ تَثْنِيَةُ الْأَبِ ، وَالْمُرَادُ بِهِمَا الْأَبُ وَالْأُمُّ عَلَى التَّغْلِيبِ ، وَهُوَ تَغْلِيبٌ شَائِعٌ فِي الْكَلَامِ وَتَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : وَلِأَبَوَيْهِ فِي سُورَةِ النِّسَاءِ . وَأُطْلِقَ الْأَبُ هُنَا عَنِ الْجَدِّ لِأَنَّهُ أَبٌ أَعْلَى ، كَمَا فِي قَوْلِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341782أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ .
وَجُمْلَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا فِي مَوْضِعِ الْحَالِ الْمُقَارِنَةِ مِنَ الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي : أَخْرَجَ أَوْ مِنْ : أَبَوَيْكُمْ وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ تَفْظِيعُ هَيْئَةِ الْإِخْرَاجِ بِكَوْنِهَا حَاصِلَةً فِي حَالِ انْكِشَافِ سَوْآتِهِمَا لِأَنَّ انْكِشَافَ السَّوْءَةِ
[ ص: 78 ] مِنْ أَعْظَمِ الْفَظَائِعِ وَالْفَضَائِحِ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ .
وَالتَّعْبِيرُ عَمَّا مَضَى بِالْفِعْلِ الْمُضَارِعِ لِاسْتِحْضَارِ الصُّورَةِ الْعَجِيبَةِ مِنْ تَمَكُّنِهِ مِنْ أَنْ يَتْرُكَهُمَا عُرْيَانَيْنِ .
وَاللِّبَاسُ تَقَدَّمَ قَرِيبًا ، وَيَجُوزُ هُنَا أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً وَهُوَ لِبَاسٌ جَلَّلَهُمَا اللَّهُ بِهِ فِي تِلْكَ الْجَنَّةِ يَحْجُبُ سَوْآتِهِمَا ، كَمَا رُوِيَ أَنَّهُ حِجَابٌ مِنْ نُورٍ ، وَرُوِيَ أَنَّهُ كَقِشْرِ الْأَظْفَارِ وَهِيَ رِوَايَاتٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ نَزْعَ اللِّبَاسِ تَمْثِيلٌ لِحَالِ التَّسَبُّبِ فِي ظُهُورِ السَّوْءَةِ .
وَكَرَّرَ التَّنْوِيهَ بِاللِّبَاسِ تَمْكِينًا لِلتَّمْهِيدِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى بَعْدَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=31خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ .
وَإِسْنَادُ الْإِخْرَاجِ وَالنَّزْعِ وَالْإِرَاءَةِ إِلَى الشَّيْطَانِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ ، مَبْنِيٌّ عَلَى التَّسَامُحِ فِي الْإِسْنَادِ بِتَنْزِيلِ السَّبَبِ مَنْزِلَةَ الْفَاعِلِ ، سَوَاءٌ اعْتُبِرَ النَّزْعُ حَقِيقَةً أَمْ تَمْثِيلًا ، فَإِنَّ أَطْرَافَ الْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ الْعَقْلِيِّ تَكُونُ حَقَائِقَ ، وَتَكُونُ مَجَازَاتٍ ، وَتَكُونُ مُخْتَلِفَةً ، كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْمَعَانِي .
وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا لَامُ التَّعْلِيلِ الِادِّعَائِيِّ ، تَبَعًا لِلْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ ، لِأَنَّهُ لَمَّا أُسْنِدَ الْإِخْرَاجُ وَالنَّزْعُ وَالْإِرَادَةُ إِلَيْهِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ الْعَقْلِيِّ ، فَجُعِلَ كَأَنَّهُ فَاعِلُ الْإِخْرَاجِ وَنَزْعِ لِبَاسِهِمَا وَإِرَاءَتِهِمَا سَوْآتِهِمَا ، نَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ غَرَضٌ مِنْ تِلْكَ الْأَفْعَالِ الْمُضِرَّةِ ، وَكَوْنُهُ قَاصِدًا مِنْ ذَلِكَ الشَّنَاعَةَ وَالْفَظَاعَةَ ، كَشَأْنِ الْفَاعِلِينَ أَنْ تَكُونَ لَهُمْ عِلَلٌ غَائِبَةٌ مِنْ أَفْعَالِهِمْ إِتْمَامًا لِلْكَيْدِ ، وَإِنَّمَا الشَّيْطَانُ فِي الْوَاقِعِ سَبَبٌ لِرُؤْيَتِهِمَا سَوْآتِهِمَا ، فَانْتَظَمَ الْإِسْنَادُ الِادِّعَائِيُّ مَعَ التَّعْلِيلِ الِادِّعَائِيِّ ، فَكَانَتْ لَامُ الْعِلَّةِ تَقْوِيَةً لِلْإِسْنَادِ الْمَجَازِيِّ ، وَتَرْشِيحًا لَهُ ، وَلِأَجْلِ هَذِهِ النُّكْتَةِ لَمْ نَجْعَلِ اللَّامَ هُنَا لِلْعَاقِبَةِ كَمَا جَعَلْنَاهَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=20فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْآتِهِمَا إِذْ لَمْ تُقَارَنِ اللَّامُ هُنَالِكَ إِسْنَادًا مَجَازِيًّا .
وَفِي الْآيَةِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28798الشَّيْطَانَ يَهْتَمُّ بِكَشْفِ سَوْأَةِ ابْنِ آدَمَ لِأَنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرَاهُ فِي حَالَةِ سُوءٍ وَفَظَاعَةٍ .
[ ص: 79 ] وَجُمْلَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ وَاقِعَةٌ مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِلنَّهْيِ عَنِ الِافْتِتَانِ بِفِتْنَةِ الشَّيْطَانِ ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ كَيْدِهِ ، لِأَنَّ شَأْنَ الْحَذِرِ أَنْ يَرْصُدَ الشَّيْءَ الْمَخُوفَ بِنَظَرِهِ لِيَحْتَرِسَ مِنْهُ إِذَا رَأَى بَوَادِرَهُ ، فَأَخْبَرَ اللَّهُ النَّاسَ بِأَنَّ الشَّيَاطِينَ تَرَى الْبَشَرَ ، وَأَنَّ الْبَشَرَ لَا يَرَوْنَهَا ، إِظْهَارًا لِلتَّفَاوُتِ بَيْنَ جَانِبِ كَيْدِهِمْ وَجَانِبِ حَذَرِ النَّاسِ مِنْهُمْ ، فَإِنَّ جَانِبَ كَيْدِهِمْ قَوِيٌّ مُتَمَكِّنٌ وَجَانِبُ حَذَرِ النَّاسِ مِنْهُمْ ضَعِيفٌ ، لِأَنَّهُمْ يَأْتُونَ الْمَكِيدَ مِنْ حَيْثُ لَا يَدْرِي .
فَلَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ تَعْلِيمُ حَقِيقَةٍ مِنْ حَقَائِقِ الْأَجْسَامِ الْخَفِيَّةِ عَنِ الْحَوَاسِّ وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْمُجَرَّدَاتِ فِي اصْطِلَاحِ الْحُكَمَاءِ وَيُسَمِّيهَا عُلَمَاؤُنَا الْأَرْوَاحَ السُّفْلِيَّةَ إِذْ لَيْسَ مِنْ أَغْرَاضِ الْقُرْآنِ التَّصَدِّي لِتَعْلِيمٍ مِثْلِ هَذَا إِلَّا مَا لَهُ أَثَرٌ فِي التَّزْكِيَةِ النَّفْسِيَّةِ وَالْمَوْعِظَةِ .
وَالضَّمِيرُ الَّذِي اتَّصَلَتْ بِهِ " إِنَّ " عَائِدٌ إِلَى الشَّيْطَانِ ، وَعُطِفَ : وَقَبِيلُهُ عَلَى الضَّمِيرِ الْمُسْتَتِرِ فِي قَوْلِهِ : يَرَاكُمْ وَلِذَلِكَ فُصِلَ بِالضَّمِيرِ الْمُنْفَصِلِ . وَذُكِرَ الْقَبِيلُ ، وَهُوَ بِمَعْنَى الْقَبِيلَةِ ، لِلدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ لَهُ أَنْصَارًا يَنْصُرُونَهُ عَلَى حِينِ غَفْلَةٍ مِنَ النَّاسِ ، وَفِي هَذَا الْمَعْنَى تَقْرِيبُ حَالِ عَدَاوَةِ الشَّيَاطِينِ بِمَا يَعْهَدُهُ الْعَرَبُ مِنْ شِدَّةِ أَخْذِ الْعَدُوِّ عَدُوَّهُ عَلَى غِرَّةٍ مِنَ الْمَأْخُوذِ ، تَقُولُ الْعَرَبُ : أَتَاهُمُ الْعَدُوُّ وَهُمْ غَارُّونَ .
وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِحَرْفِ التَّوْكِيدِ لِتَنْزِيلِ الْمُخَاطَبِينَ فِي إِعْرَاضِهِمْ عَنِ الْحَذَرِ مِنَ الشَّيْطَانِ وَفِتْنَتِهِ مَنْزِلَةَ مَنْ يَتَرَدَّدُونَ فِي أَنَّ الشَّيْطَانَ يَرَاهُمْ وَفِي أَنَّهُمْ لَا يَرَوْنَهُ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ابْتِدَاءُ مَكَانِ مُبْهَمٍ تَنْتَفِي فِيهِ رُؤْيَةُ الْبَشَرِ ، أَيْ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ لَا تَرَوْنَهُمْ فِيهِ ، فَيُفِيدُ : إِنَّهُ يَرَاكُمْ وَقَبِيلُهُ وَأَنْتُمْ لَا تَرَوْنَهُ قَرِيبًا كَانُوا أَوْ بَعِيدًا ، فَكَانَتِ الشَّيَاطِينُ مَحْجُوبِينَ عَنْ أَبْصَارِ الْبَشَرِ ، فَكَانَ ذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَادُ مِنَ الْجِنْسَيْنِ ، فَرُؤْيَةُ ذَوَاتِ الشَّيَاطِينِ مُنْتَفِيَةٌ لَا مَحَالَةَ ، وَقَدْ يُخَوِّلُ اللَّهُ رُؤْيَةَ الشَّيَاطِينِ أَوِ الْجِنِّ مُتَشَكِّلَةً فِي أَشْكَالِ الْجُسْمَانِيَّاتِ ،
[ ص: 80 ] مُعْجِزَةً لِلْأَنْبِيَاءِ كَمَا وَرَدَ فِي الصَّحِيحِ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10341783nindex.php?page=treesubj&link=30462إِنَّ عِفْرِيتًا مِنَ الْجِنِّ تَفَلَّتَ عَلَيَّ اللَّيْلَةَ فِي صَلَاتِي فَهَمَمْتُ أَنْ أُوثِقُهُ فِي سَارِيَةٍ مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَدِيثَ ، أَوْ كَرَامَةً لِلصَّالِحِينَ مِنَ الْأُمَمِ كَمَا فِي
حَدِيثِ الَّذِي جَاءَ يَسْرِقُ مِنْ زَكَاةِ الْفِطْرِ عِنْدَ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقَوْلِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=3لِأَبِي هُرَيْرَةَ : ذَلِكَ شَيْطَانٌ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا عَلَى تَشَكُّلِ الشَّيْطَانِ أَوِ الْجِنِّ فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الْحَقِيقِيَّةِ ، بِتَسْخِيرِ اللَّهِ لِتَتَمَكَّنَ مِنْهُ الرُّؤْيَةُ الْبَشَرِيَّةُ ، فَالْمَرْئِيُّ فِي الْحَقِيقَةِ الشَّكْلُ الَّذِي مَاهِيَّةُ الشَّيْطَانِ مِنْ وَرَائِهِ ، وَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ رُؤْيَةِ مَكَانٍ يُعْلَمُ أَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا ، وَطَرِيقُ الْعِلْمِ بِذَلِكَ هُوَ الْخَبَرُ الصَّادِقُ ، فَلَوْلَا الْخَبَرُ لَمَا عُلِمَ ذَلِكَ .
وَجُمْلَةُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27nindex.php?page=treesubj&link=28802إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا قُصِدَ مِنْهُ الِانْتِقَالُ إِلَى أَحْوَالِ الْمُشْرِكِينَ فِي ائْتِمَارِهِمْ بِأَمْرِ الشَّيْطَانِ ، تَحْذِيرًا لِلْمُؤْمِنِينَ مِنَ الِانْتِظَامِ فِي سَلْكِهِمْ ، وَتَنْفِيرًا مِنْ أَحْوَالِهِمْ ، وَالْمُنَاسَبَةُ هِيَ التَّحْذِيرُ وَلَيْسَ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ تَعَلُّقٌ بِجُمْلَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=27إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ .
وَتَأْكِيدُ الْخَبَرِ بِحَرْفِ التَّأْكِيدِ لِلِاهْتِمَامِ بِالْخَبَرِ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يَسْمَعُهُ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ .
وَالْجَعْلُ هُنَا جَعْلُ التَّكْوِينِ ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ بِمَعْنَى خَلَقْنَا الشَّيَاطِينَ .
وَ أَوْلِيَاءَ حَالٌ مِنَ الشَّيَاطِينَ وَهِيَ حَالٌ مُقَدَّرَةٌ أَيْ خَلَقْنَاهُمْ مُقَدَّرَةٌ وِلَايَتُهُمْ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَبَلَ أَنْوَاعَ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَجْنَاسَهَا عَلَى طَبَائِعَ لَا تَنْتَقِلُ عَنْهَا ، وَلَا تَقْدِرُ عَلَى التَّصَرُّفِ بِتَغْيِيرِهَا : كَالِافْتِرَاسِ فِي الْأَسَدِ ، وَاللَّسْعِ فِي الْعَقْرَبِ ، وَخَلَقَ لِلْإِنْسَانِ الْعَقْلَ وَالْفِكْرَ فَجَعَلَهُ قَادِرًا عَلَى اكْتِسَابِ مَا يُخْتَارُ ، وَلَمَّا كَانَ مِنْ جِبِلَّةِ الشَّيَاطِينِ حُبُّ مَا هُوَ فَسَادٌ ، وَكَانَ مِنْ قُدْرَةِ الْإِنْسَانِ وَكَسْبِهِ أَنَّهُ قَدْ يَتَطَلَّبُ الْأَمْرَ الْعَائِدَ بِالْفَسَادِ ، إِذَا كَانَ لَهُ فِيهِ عَاجِلُ شَهْوَةٍ أَوْ كَانَ يُشْبِهُ الْأَشْيَاءَ
[ ص: 81 ] الصَّالِحَةَ فِي بَادِئِ النَّظْرَةِ الْحَمْقَاءِ ، كَانَ الْإِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مُوَافِقًا لِطَبْعِ الشَّيَاطِينِ ، وَمُؤْتَمَرًا بِمَا تُسَوِّلُهُ إِلَيْهِ ، ثُمَّ يَغْلِبُ كَسْبُ الْفَسَادِ وَالشَّرِّ عَلَى الَّذِينَ تَوَغَّلُوا فِيهِ وَتَدَرَّجُوا إِلَيْهِ ، حَتَّى صَارَ الْمَالِكُ لِإِرَادَاتِهِمْ ، وَتِلْكَ مَرْتَبَةُ الْمُشْرِكِينَ ، وَتَتَفَاوَتُ مَرَاتِبُ هَذِهِ الْوِلَايَةِ ، فَلَا جَرَمَ نَشَأَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الشَّيَاطِينِ وِلَايَةٌ وَوِفَاقٌ لِتَقَارُبِ الدَّوَاعِي ، فَبِذَلِكَ انْقَلَبَتِ الْعَدَاوَةُ الَّتِي فِي الْجِبِلَّةِ الَّتِي أَثْبَتَهَا قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=22إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَصَارَتْ وِلَايَةً وَمَحَبَّةً عِنْدَ بُلُوغِ ابْنِ
آدَمَ آخِرَ دَرَكَاتِ الْفَسَادِ ، وَهُوَ الشِّرْكُ وَمَا فِيهِ ، فَصَارَ هَذَا جَعْلًا جَدِيدًا نَاسِخًا لِلْجَعْلِ الَّذِي فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=24بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ كَمَا تَقَدَّمَتِ الْإِشَارَةُ إِلَيْهِ هُنَالِكَ ، فَمَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ مُقَيِّدٌ لِلْإِطْلَاقِ الَّذِي فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ مِنْ حَقِّ الْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يُوَالِيَ الشَّيْطَانَ .
وَالْمُرَادُ بِالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ الْمُشْرِكُونَ ، لِأَنَّهُمُ الْمُضَادُّونَ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي مَكَّةَ ، وَسَتَجِيءُ زِيَادَةُ بَيَانٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=35يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ .