فرع
قال
اللخمي : في هبة الابن المعدوم في الحال دون الاستقبال قولان ؛ فقيل حوز الرقاب كاف ; لأنه الممكن وقيل لا ; لأن الموهوب معدوم ويجري الخلاف إذا وهب ما تحمل أمته أو شاته في المستقبل ، قياسا على هبة الثمار واللبن المستقبلين ، وإذا وهب كل ولد تلده كفى قبض الأم ولو ماتت قبل أن تلد أو تحمل ، قياسا على الألبان ، ويجبر على التحويز إذا كان الحمل أو اللبن موجودا ، أو ظهرت الثمرة ؛ قاله
ابن القاسم ، ويجعل الغنم في اللبن على يد الموهوب له وما في بطن الجواري والغنم على يد ثقة ، وليس للموهوب له ذلك ; لأن حاجته إليها في وقت هو في الإماء آكد لامتناع الخلوة بهن ، واللبن يحتاج كل يوم ، وتوضع أصول الثمار على يد ثقة ويأخذ الموهوب وقت الانتفاع ، وإن لم يكن حمل ولا لبن ولا ظهرت ثمرة لم يجبر الواهب ، وقال
ابن القاسم : السقي والعلاج قبل طيب الثمار الموهوبة على الموهوب له ; لأن السقي إنما هو لأجل الثمرة ، وقال
ابن حبيب على الواهب ; لأنه مالك الرقبة ، ويختلف في كلفة الأمة والغلام المخدم كذلك ، وقال
محمد : إذا أوصى بصوف غنمه أو لبنها لرجل ، وبرقابها لآخر ، المئونة على الموصى له باللبن والصوف ، قال : وأرى إن وهب مرة واحدة لثلاثة ؛ لأحدهم الصوف وللآخر اللبن وللآخر الحمل ، أن الكلفة على جميعهم ، ويختلف هل على
[ ص: 252 ] عددهم أو قيمة الهبات ، نظرا إلى أن كل واحد لو انفرد لاستقل ، أو الغنم يتبعه الغرم ، وإن كانت الهبات واحدة بعد أخرى فالكلفة على الأول على قول
محمد ; لأن الآخرين نزلا منزلة الواهب وهو لا نفقة عليه ،
ومحمد : الهبة إذا كانت حاملا وذات لبن على ما هو موجود ; لأنه المتبادر عند الإطلاق ، وإلا فيختلف هل هو هبة ما يتكون من اللبن أو الصوف أو الحمل حياة الغنم والجواري أو حياة المعطي ؛ قاله
محمد ، وقد تقدم الخلاف في قبض الرقاب هل هو قبض للهبات على أربعة أقوال .
فرع
قال صاحب التنبيهات : قوله في الكتاب إذا
nindex.php?page=treesubj&link=7225تصدق بدراهم على رشيد وجعلها على يد غيره وهو حاضر جاز ، إذا لم يشترط على المدفوع إليه ألا يدفعها إلا بأمره ، وقال في باب الغصب إذا كان الموهوب رشيدا وحاضرا امتنع - ولم يشترط عدم الدفع ، وكذلك قال في هبة الطفل والكبير ومعناه إذا أمر الحائز إليه ، وقال
اللخمي : اختلاف قول ، وقيل المسلتان مفترقتان ، وإن الجواب فيما إذا كانت في يد الواهب فخروجها من يده إلى الأجنبي حوز والمنع إذا كانت في يد غاصب ; لأنها لم تخرج في يد الواهب ، وقيل إذا شرط عدم الدفع إلا بأمره لا تمضي بخلاف إذا قال : ادفعها له وقال الموهوب : أمسكها عندك أنها تمضي ; لأنها وديعة الموهوب فإن سكت عن الأمر بدفعها وعدم دفعها ففي صحتها قولان ، ولو شرط إمساكها حتى يموت الواهب فهي وصية ماضية من الثلث اتفاقا .
فرع
قال : قال في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=7243تصدق بنصف دار فقبضه أن يحل فيها محل الواهب ، ظاهره لم يبق للواهب شيء ، وقيل بقي له النصف ولا يصح الحوز إلا
[ ص: 253 ] بالمقاسمة ، أو بحوز أجنبي لهم ، أو يسلفها جميعها للموهوب ، وفرق في كتاب
محمد بين العبد فأجاز بقاء أيديهما عليه ، ويقتسمان الغلة وبين الدار لتصور القسمة فيها ، وعنه أيضا التسوية في جواز أيديهما كما يقبض في البيع ، وعنه التسوية بينهما في البطلان مع بقاء أيديهما لعدم رفع يد الواهب ، وإن عمرا كالشريكين وتصرفا كذلك مع بقاء أيديهما .
فرع
قال : قال في الكتاب : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=28211_7247وهب الدار الغائبة ولم يقبضها الموهوب بطلت ، وإن لم يفرط ، ومقتضاه أنه لا يراعى في عدم الحوز التفريط ، وكذلك قوله إذا أبى أن يدفعها له فخاصمه فلم يحكم له حتى مات أنها تبطل ، وقوله : إذا وقفها السلطان حتى ينظر في حججهم فمات الواهب فهي للموهوب إذا أثبت الهبة ، وفي كتاب
ابن حبيب لا ينفعه الإيقاف حتى يحكم له في حياته ، وهو مخالف للكتاب ، وقال
عبد الملك : إذا لم يفرط في الصدقة صحت ؛ وقع القبض قبل الموت أو بعده ، علم بها الموهوب أم لا ؛ لانتفاء التهمة وعدم التفريط ، وقال
أصبغ : إذا لم يقبضها وأعجله الموت بطلت ، والقولان
لمالك ، قال
اللخمي : إذا كنتما بمصر فوهبك أرضه بإفريقية فقلت قبلت لم يكن حوزا ، وإن لم يفرط في الخروج ، وقال
أشهب : إن لم يفرط في الخروج حتى مات الواهب فهو حوز ، ويحمل قول
ابن القاسم في الأرض على أنه لو خرج لأدرك ، ولو كان وصولها يكون قبل الحرث لم يضره ; لأنها لو كانت حاضرة لكان حوزها بالقول بخلاف الدار .
فرع
في الجواهر قال
ابن القاسم : إذا
nindex.php?page=treesubj&link=28211_25622_33294_24630تصدقت بصداقها على زوجها أعطته كتابها فقبله ثم سخطه بعد أيام فرد عليها الكتاب فقبلته بشهادةفلا شيء لها عليه ; لأنها عطية لم يقبضها ، أو قبله ثم ندمت فجدد لها كتابا حالا أو إلى موته ، فإن لم تقبضه في صحته فهو باطل ; لأنها هبة مستأنفة ، قال
ابن القاسم ولو سألها في
[ ص: 254 ] مرضه أن تضع مهرها ففعلت ثم رجعت بعد صحته أو موته ، ليس لها ذلك بخلاف وضع الميراث ; لأنه إبراء نفذ ، والميراث لم يقبض .
فرع
قال : لو كتب إلى وكيله أن يعطيه مائة فأعطاه خمسين ثم مات الواهب ، لم يكن له إلا ما قبض ، فإن يد الوكيل يد الموكل ، بخلاف لو وهب ما تحت يد المودع ، ثم مات قبل الحيازة ، والفرق أن الوكيل يده يد الموكل ، ولم يرجع به وكيلا لك ، والمودع بمجرد علمه يصير حافظا لك .
فرع
قال : لا تكون حيازة المرتهن والمستأجر حيازة الموهوب إلا أن يشترط أن الإجارة له مع الرقبة بخلاف المودع ، وأجاز
أشهب حيازة المستأجر ، وإن لم يهب للموهوب الإجارة .
فرع
قال : إذا رجعت الهبة للواهب بعد الحوز بمدة يسيرة ، اتفق أهل المذهب على بطلانها ، أو بعد الطول بطلت عند
عبد الملك إذا مات فيها ، وقد تقدم أن السنة هي المعتبرة في ذلك .
فرع
قال
الأبهري : قال
مالك : إذا تصدق على ولده الصغير ، أو يتيمه بمائة من غنمه ولم يفرزها له حتى مات فهو شريك فيها وفي نمائها ونقصانها ; لأنه وصف له ذلك العدد ، وعنه لا شيء له لعدم الإفراز بخلاف الوصية لاستغنائها عن القبض ، ويختلف في الدنانير كالغنم - وإن تسلفها الأب بعد الإفراز ثم مات الأب ; لأنها لا تعرف بأعيانها .
[ ص: 255 ] فرع
قال : قال
مالك إذا حلى صبيا بحلي ثم مات فهو للصبي دون الورثة ; لأنه مظنة الحوز له .
فرع
قال صاحب المنتقى : لو
nindex.php?page=treesubj&link=33589وهب المستودع ما عنده فلم يقل : قبلت ، ثم مات الواهب ، عن
ابن القاسم القياس البطلان ، وقال
أشهب : حيازته ثابتة إلا أن يقول لا أقبل ; لأن الهبة بيد الموهوب وتأخر القبول لا يضر ، كما لو وهب رجلا ولم يقل قبلت وقبضها لينظر رأيه فمات الواهب فهي ماضية إن رضيها وله ردها ، وقياسا على الغائب ،
وابن القاسم يقول : عدم الحوز يمنح الصحة فأولى عدم القبول ، قلت : وهذا البحث منه يدل على أن القبول ليس على الفور خلافا لـ ( ش ) ، وقد تقدم التنبيه عليه .
فرع
قال : لا يشترط في القبض الإذن ، وقال الأئمة : يشترط وله الرجوع ، ولا يقضى عليه لقصة
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - لا تتم الهبة إلا بحوزها ، وقياسا على ما بعد الموت ; ولأنه لو لزمت لكانت ملكا للموهوب ; لأن المطالبة بغير ملك منكرة ، ولو كانت ملكه لما ورثها ورثة الواهب ; لأن الميراث فرع الملك وبالقياس على الوصية ، أو هو سبب ملك ، فلا ينعقد إلا بوضع اليد كالإحطاب وسائر أسباب التمليك الفعلية ، والجواب عن الأول أن طريان المرض يبطل العقد كطريان التفرق على عقد الربا وهلاك المبيع قبل القبض وطريان الردة على النكاح ، فلا غرو أن يكون العقد صحيحا ، ويطرأ عليه مبطل ، فقضية الصديق - رضي الله عنه - دائرة بين ما ذكرناه ، وما ذكرتموه على السواء ، فلا حجة لكم فيها ، وجه مناسبة المرض للإبطال أنه يتهم أن ينتفع بماله عمره ثم يخرجه في هذه
[ ص: 256 ] الحالة التي حجر عليه فيها عن الورثة ، فحسم الشرع هذه المادة في المتهم وغيره ، كما رد شهادة الأب لابنه وبالعكس للتهمة وطرد ذلك . وعن الثاني أن المراد بالعام استقرار الملك واللفظ ظاهر فيه ، ثم هو معارض بقول
علي - رضي الله عنه - : الصدقة جائزة ؛ قبضت أو لم تقبض . وعن الثالث الفرق قبل الموت عدم التهمة ، وبعده يتهم بأنه حبسها لينتفع بها حتى يموت . وعن الرابع أن المرض أو موت الفجأة أسقط ملك الموهوب فثبت ملك الواهب لما تقدم من تقرر التهمة ، وأن العقود الصحيحة قد يلتحق بها ما يبطلها ، فما ورث الوارث إلا ملك الواهب المنتقل عن الموهوب ، فلا تناقض ، كما لو باع مطعوما بمطعوم ، أو أحد النقدين بالآخر مما يشترط فيه التقايض ، فمات أحدهما ، لا يجب التسليم ، ويبطل العقد ويورث ما كان ملكا لغير الموروث . وعن الخامس أنه مقلوب بأن تقول لا يشترط فيها القبض قياسا على الوصية فإنها تصح بالقول ، وتثبت بنفس الموت . وعن السادس أنه منقوص بالوصية والميراث ، ثم يتأكد مذهبنا بقوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أوفوا بالعقود ، وهو يخص المتعاقدين فلا يضرنا عدم الوفاء بعد الموت لذهاب العاقد ، وقوله - عليه السلام - : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349477nindex.php?page=treesubj&link=7325الراجع في هبته كالكلب يعود في قيئه ) ) فشبه القبيح الشرعي بالقبيح العادي ، وبهذا يندفع قولهم أن الكلب لا يحرم عليه الرجوع لكونه غير مخاطب ; لأن المراد التشبيه المذكور ، وبالقياس على سائر العقود ، ومما يوضحه أن الأقوال هي المميزة بين خواص العقود فيها يظهر البيع من القرض من الإجارة ، فوجب أن تكون الصحة والانعقاد منوطا بها ، وأما القبض فصورة واحدة في الصحيح والفاسد فلا يناط به أحدهما ، وبالقياس على صور من العطايا كالعتق والضحايا والمساجد ، والوقف العام كالقنطرة ونحوها ، فإنها تلزم بالقول ولا تفتقر إلى القبض .
[ ص: 257 ] فرع
قال صاحب المنتقى : لو
nindex.php?page=treesubj&link=24618باع الموهوب الهبة ، ولم يقبضها المشتري حتى مات الواهب فالبيع حوز ؛ قاله
مالك ، وقال
أصبغ : لا يحصل الحوز بذلك ولا بغيره إلا العتق ; لأنه مبني على التغليب والسراية ، فإن باع الواهب قبل الحوز فالبيع أولى عند
ابن القاسم وأشهب ، وعن
ابن القاسم : الصدقة والهبة أولى إن كان المعطى معينا بخلاف غير المعين نحو سبيل الله ، فإنه لا يقضى به .
فرع
قال : إذا تصدق على ابنه الصغير بحوانيت ولم يعلم أنه كان يكريها باسمه أو اسم نفسه ، فهي للابن ; لأنه ظاهر حال الأب أنه إذا وهب لابنه لا يرجع ، وإن يؤجر له .
فرع
قال : إذا وهب أحد الوصيين لليتيم أعطاه لشريكه في الوصية ، أو غيره ؛ قاله
ابن العطار ، ولا تجوز هبة نفسه إلا إذا انفرد لتعذر من هو له مثله ، أو أولى منه ، وقيل حيازته تامة ; لأنه ولي .
فرع
قال : يكفي في حيازة الأرض التي لا عمل فيها الإشهاد ; لأنه الممكن ، وأما أرض الزراعة والعمل إن وهبت في غير إبان العمل حددها وأشهد بتسليمها ؛ قاله
أصبغ ، وعن
ابن القاسم : لا يكون حوزا إلا أن يتأخر العمل لعذر ، وهذا إذا فاتت حيازتها قبل موت الموهوب ، أما لو حضر وقت
[ ص: 258 ] الزراعة فلم يتعرض لها حتى مات الواهب بطلت الهبة ; لأن حيازة مثل هذا إنما هو بالعمل ، فإن منعه الواهب من العمل لم تبطل الحيازة ; لأن الذي عليه التعرض وقد فعله ، وإن ترك العمل لضعفه بنفسه وآلته مع إمكان مساقاتها لغيره والإرفاق بها بطلت الهبة ، وإن ضعف عن جملة الوجوه فالإشهاد حوز ; لأنه الممكن ؛ قاله
ابن القاسم .
فرع
قال : قال
مالك لا تحاز العرية إلا أن يطلع فيها ثمر ويقبضها المعري فإن عدم أحدهما قبل موت المعري بطل الإعراء لعدم حوز العطية ، وقال
أشهب : يكفي الإبار أو تسليم العطية ; لأن المعري إنما وهب مع بقاء الأصل في يده إلى حين الثمرة .
فرع
قال : لو حاز بغير علمه صح ; لأنه أخذ حقه .
نظائر : قال
ابن بشير : التي لا تتم إلا بالحيازات سبع عشرة مسألة : الحبس ، والصدقة ، والهبة ، والعمرى ، والعطية ، والنحلة ، والعرية ، والمنحة ، والهدية ، والإسكان ، والعارية ، والإرفاق ، والعدة ، والإخدام ، والصلة ، والحبا ، والرهن .
فَرْعٌ
قَالَ
اللَّخْمِيُّ : فِي هِبَةِ الِابْنِ الْمَعْدُومِ فِي الْحَالِ دُونَ الِاسْتِقْبَالِ قَوْلَانِ ؛ فَقِيلَ حَوْزُ الرِّقَابِ كَافٍ ; لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ وَقِيلَ لَا ; لِأَنَّ الْمَوْهُوبَ مَعْدُومٌ وَيَجْرِي الْخِلَافُ إِذَا وَهَبَ مَا تَحْمِلُ أَمَتُهُ أَوْ شَاتُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ ، قِيَاسًا عَلَى هِبَةِ الثِّمَارِ وَاللَّبَنِ الْمُسْتَقْبَلَيْنِ ، وَإِذَا وَهَبَ كُلَّ وَلَدٍ تَلِدُهُ كَفَى قَبْضُ الْأُمِّ وَلَوْ مَاتَتْ قَبْلَ أَنْ تَلِدَ أَوْ تَحْمِلَ ، قِيَاسًا عَلَى الْأَلْبَانِ ، وَيُجْبَرُ عَلَى التَّحْوِيزِ إِذَا كَانَ الْحَمْلُ أَوِ اللَّبَنُ مَوْجُودًا ، أَوْ ظَهَرَتِ الثَّمَرَةُ ؛ قَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ ، وَيُجْعَلُ الْغَنَمُ فِي اللَّبَنِ عَلَى يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ وَمَا فِي بَطْنِ الْجَوَارِي وَالْغَنَمِ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ ، وَلَيْسَ لِلْمَوْهُوبِ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا فِي وَقْتٍ هُوَ فِي الْإِمَاءِ آكَدُ لِامْتِنَاعِ الْخَلْوَةِ بِهِنَّ ، وَاللَّبَنُ يُحْتَاجُ كُلَّ يَوْمٍ ، وَتُوضَعُ أُصُولُ الثِّمَارِ عَلَى يَدِ ثِقَةٍ وَيَأْخُذُ الْمَوْهُوبُ وَقْتَ الِانْتِفَاعِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ وَلَا لَبَنٌ وَلَا ظَهَرَتْ ثَمَرَةٌ لَمْ يُجْبَرِ الْوَاهِبُ ، وَقَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : السَّقْيُ وَالْعِلَاجُ قَبْلَ طِيبِ الثِّمَارِ الْمَوْهُوبَةِ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ ; لِأَنَّ السَّقْيَ إِنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الثَّمَرَةِ ، وَقَالَ
ابْنُ حَبِيبٍ عَلَى الْوَاهِبِ ; لِأَنَّهُ مَالِكُ الرَّقَبَةِ ، وَيُخْتَلَفُ فِي كُلْفَةِ الْأَمَةِ وَالْغُلَامِ الْمُخْدِمِ كَذَلِكَ ، وَقَالَ
مُحَمَّدٌ : إِذَا أَوْصَى بِصُوفِ غَنَمِهِ أَوْ لَبَنِهَا لِرَجُلٍ ، وَبِرِقَابِهَا لِآخَرَ ، الْمَئُونَةُ عَلَى الْمُوصَى لَهُ بِاللَّبَنِ وَالصُّوفِ ، قَالَ : وَأَرَى إِنْ وَهَبَ مَرَّةً وَاحِدَةً لِثَلَاثَةٍ ؛ لِأَحَدِهِمُ الصُّوفَ وَلِلْآخَرِ اللَّبَنَ وَلِلْآخَرِ الْحَمْلَ ، أَنَّ الْكُلْفَةَ عَلَى جَمِيعِهِمْ ، وَيُخْتَلَفُ هَلْ عَلَى
[ ص: 252 ] عَدَدِهِمْ أَوْ قِيمَةِ الْهِبَاتِ ، نَظَرًا إِلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَوِ انْفَرَدَ لَاسْتَقَلَّ ، أَوِ الْغُنْمُ يَتْبَعُهُ الْغُرْمُ ، وَإِنْ كَانَتِ الْهِبَاتُ وَاحِدَةً بَعْدَ أُخْرَى فَالْكُلْفَةُ عَلَى الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ
مُحَمَّدٍ ; لِأَنَّ الْآخَرَيْنِ نَزَلَا مَنْزِلَةَ الْوَاهِبِ وَهُوَ لَا نَفَقَةَ عَلَيْهِ ،
وَمُحَمَّدٌ : الْهِبَةُ إِذَا كَانَتْ حَامِلًا وَذَاتَ لَبَنٍ عَلَى مَا هُوَ مَوْجُودٌ ; لِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ ، وَإِلَّا فَيُخْتَلَفُ هَلْ هُوَ هِبَةُ مَا يَتَكَوَّنُ مِنَ اللَّبَنِ أَوِ الصُّوفِ أَوِ الْحَمْلِ حَيَاةَ الْغَنَمِ وَالْجَوَارِي أَوْ حَيَاةَ الْمُعْطِي ؛ قَالَهُ
مُحَمَّدٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ فِي قَبْضِ الرِّقَابِ هَلْ هُوَ قَبْضٌ لِلْهِبَاتِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ .
فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ : قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7225تَصَدَّقَ بِدَرَاهِمَ عَلَى رَشِيدٍ وَجَعَلَهَا عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ جَازَ ، إِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ عَلَى الْمَدْفُوعِ إِلَيْهِ أَلَّا يَدْفَعَهَا إِلَّا بِأَمْرِهِ ، وَقَالَ فِي بَابِ الْغَصْبِ إِذَا كَانَ الْمَوْهُوبُ رَشِيدًا وَحَاضِرًا امْتَنَعَ - وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَدَمُ الدَّفْعِ ، وَكَذَلِكَ قَالَ فِي هِبَةِ الطِّفْلِ وَالْكَبِيرِ وَمَعْنَاهُ إِذَا أَمَرَ الْحَائِزَ إِلَيْهِ ، وَقَالَ
اللَّخْمِيُّ : اخْتِلَافُ قَوْلٍ ، وَقِيلَ الْمَسَلَّتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ ، وَإِنَّ الْجَوَابَ فِيمَا إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ فَخُرُوجُهَا مِنْ يَدِهِ إِلَى الْأَجْنَبِيِّ حَوْزٌ وَالْمَنْعُ إِذَا كَانَتْ فِي يَدِ غَاصِبٍ ; لِأَنَّهَا لَمْ تَخْرُجْ فِي يَدِ الْوَاهِبِ ، وَقِيلَ إِذَا شَرَطَ عَدَمَ الدَّفْعِ إِلَّا بِأَمْرِهِ لَا تَمْضِي بِخِلَافِ إِذَا قَالَ : ادْفَعْهَا لَهُ وَقَالَ الْمَوْهُوبُ : أَمْسِكْهَا عِنْدَكَ أَنَّهَا تَمْضِي ; لِأَنَّهَا وَدِيعَةُ الْمَوْهُوبِ فَإِنْ سَكَتَ عَنِ الْأَمْرِ بِدَفْعِهَا وَعَدَمِ دَفْعِهَا فَفِي صِحَّتِهَا قَوْلَانِ ، وَلَوْ شَرَطَ إِمْسَاكَهَا حَتَّى يَمُوتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ وَصِيَّةٌ مَاضِيَةٌ مِنَ الثُّلُثِ اتِّفَاقًا .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7243تَصَدَّقَ بِنِصْفِ دَارٍ فَقَبْضُهُ أَنْ يَحُلَّ فِيهَا مَحَلَّ الْوَاهِبِ ، ظَاهِرُهُ لَمْ يَبْقَ لِلْوَاهِبِ شَيْءٌ ، وَقِيلَ بَقِيَ لَهُ النِّصْفُ وَلَا يَصِحُّ الْحَوْزُ إِلَّا
[ ص: 253 ] بِالْمُقَاسَمَةِ ، أَوْ بِحَوْزِ أَجْنَبِيٍّ لَهُمْ ، أَوْ يُسْلِفُهَا جَمِيعَهَا لِلْمَوْهُوبِ ، وَفَرَّقَ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ بَيْنَ الْعَبْدِ فَأَجَازَ بَقَاءَ أَيْدِيهِمَا عَلَيْهِ ، وَيَقْتَسِمَانِ الْغَلَّةَ وَبَيْنَ الدَّارِ لِتَصَوُّرِ الْقِسْمَةِ فِيهَا ، وَعَنْهُ أَيْضًا التَّسْوِيَةُ فِي جَوَازِ أَيْدِيهِمَا كَمَا يَقْبِضُ فِي الْبَيْعِ ، وَعَنْهُ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي الْبُطْلَانِ مَعَ بَقَاءِ أَيْدِيهِمَا لِعَدَمِ رَفْعِ يَدِ الْوَاهِبِ ، وَإِنْ عَمَّرَا كَالشَّرِيكَيْنِ وَتَصَرَّفَا كَذَلِكَ مَعَ بَقَاءِ أَيْدِيهِمَا .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ فِي الْكِتَابِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28211_7247وَهَبَ الدَّارَ الْغَائِبَةَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمَوْهُوبُ بَطَلَتْ ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يُرَاعَى فِي عَدَمِ الْحَوْزِ التَّفْرِيطُ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ إِذَا أَبَى أَنْ يَدْفَعَهَا لَهُ فَخَاصَمَهُ فَلَمْ يَحْكُمْ لَهُ حَتَّى مَاتَ أَنَّهَا تَبْطُلُ ، وَقَوْلُهُ : إِذَا وَقَفَهَا السُّلْطَانُ حَتَّى يَنْظُرَ فِي حُجَجِهِمْ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ لِلْمَوْهُوبِ إِذَا أَثْبَتَ الْهِبَةَ ، وَفِي كِتَابِ
ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَنْفَعُهُ الْإِيقَافُ حَتَّى يُحْكَمَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْكِتَابِ ، وَقَالَ
عَبْدُ الْمَلِكِ : إِذَا لَمْ يُفَرِّطْ فِي الصَّدَقَةِ صَحَّتْ ؛ وَقَعَ الْقَبْضُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ بَعْدَهُ ، عَلِمَ بِهَا الْمَوْهُوبُ أَمْ لَا ؛ لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ وَعَدَمِ التَّفْرِيطِ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : إِذَا لَمْ يَقْبِضْهَا وَأَعْجَلَهُ الْمَوْتُ بَطَلَتْ ، وَالْقَوْلَانِ
لِمَالِكٍ ، قَالَ
اللَّخْمِيُّ : إِذَا كُنْتُمَا بِمِصْرَ فَوَهَبَكَ أَرْضَهُ بِإِفْرِيقِيَّةَ فَقُلْتَ قَبِلْتُ لَمْ يَكُنْ حَوْزًا ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْخُرُوجِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : إِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فِي الْخُرُوجِ حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَهُوَ حَوْزٌ ، وَيُحْمَلُ قَوْلُ
ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْأَرْضِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ لَأَدْرَكَ ، وَلَوْ كَانَ وُصُولُهَا يَكُونُ قَبْلَ الْحَرْثِ لَمْ يَضُرُّهُ ; لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ حَاضِرَةً لَكَانَ حَوْزُهَا بِالْقَوْلِ بِخِلَافِ الدَّارِ .
فَرْعٌ
فِي الْجَوَاهِرِ قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ : إِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=28211_25622_33294_24630تَصَدَّقَتْ بِصَدَاقِهَا عَلَى زَوْجِهَا أَعْطَتْهُ كِتَابَهَا فَقَبِلَهُ ثُمَّ سَخِطَهُ بَعْدَ أَيَّامٍ فَرَدَّ عَلَيْهَا الْكِتَابَ فَقَبِلَتْهُ بِشَهَادَةٍفَلَا شَيْءَ لَهَا عَلَيْهِ ; لِأَنَّهَا عَطِيَّةٌ لَمْ يَقْبِضْهَا ، أَوْ قَبِلَهُ ثُمَّ نَدِمَتْ فَجَدَّدَ لَهَا كِتَابًا حَالًا أَوْ إِلَى مَوْتِهِ ، فَإِنْ لَمْ تَقْبِضْهُ فِي صِحَّتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ ; لِأَنَّهَا هِبَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ ، قَالَ
ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَوْ سَأَلَهَا فِي
[ ص: 254 ] مَرَضِهِ أَنْ تَضَعَ مَهْرَهَا فَفَعَلَتْ ثُمَّ رَجَعَتْ بَعْدَ صِحَّتِهِ أَوْ مَوْتِهِ ، لَيْسَ لَهَا ذَلِكَ بِخِلَافِ وَضْعِ الْمِيرَاثِ ; لِأَنَّهُ إِبْرَاءٌ نَفَذَ ، وَالْمِيرَاثُ لَمْ يُقْبَضْ .
فَرْعٌ
قَالَ : لَوْ كَتَبَ إِلَى وَكِيلِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَةً فَأَعْطَاهُ خَمْسِينَ ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا مَا قَبَضَ ، فَإِنَّ يَدَ الْوَكِيلِ يَدُ الْمُوَكِّلِ ، بِخِلَافِ لَوْ وُهِبَ مَا تَحْتَ يَدِ الْمُودِعِ ، ثُمَّ مَاتَ قَبْلَ الْحِيَازَةِ ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَكِيلَ يَدُهُ يَدُ الْمُوَكِّلِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ بِهِ وَكِيلًا لَكَ ، وَالْمُودِعُ بِمُجَرَّدِ عِلْمِهِ يَصِيرُ حَافِظًا لَكَ .
فَرْعٌ
قَالَ : لَا تَكُونُ حِيَازَةُ الْمُرْتَهِنِ وَالْمُسْتَأْجِرِ حِيَازَةَ الْمَوْهُوبِ إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّ الْإِجَارَةَ لَهُ مَعَ الرَّقَبَةِ بِخِلَافِ الْمُودِعِ ، وَأَجَازَ
أَشْهَبُ حِيَازَةَ الْمُسْتَأْجِرِ ، وَإِنْ لَمْ يَهَبْ لِلْمَوْهُوبِ الْإِجَارَةَ .
فَرْعٌ
قَالَ : إِذَا رَجَعَتِ الْهِبَةُ لِلْوَاهِبِ بَعْدَ الْحَوْزِ بِمُدَّةٍ يَسِيرَةٍ ، اتَّفَقَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ عَلَى بُطْلَانِهَا ، أَوْ بَعْدَ الطَّوْلِ بَطَلَتْ عِنْدَ
عَبْدِ الْمَلِكِ إِذَا مَاتَ فِيهَا ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السَّنَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ فِي ذَلِكَ .
فَرْعٌ
قَالَ
الْأَبْهَرِيُّ : قَالَ
مَالِكٌ : إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ الصَّغِيرِ ، أَوْ يَتِيمِهِ بِمِائَةٍ مِنْ غَنَمِهِ وَلَمْ يَفْرِزْهَا لَهُ حَتَّى مَاتَ فَهُوَ شَرِيكٌ فِيهَا وَفِي نَمَائِهَا وَنُقْصَانِهَا ; لِأَنَّهُ وَصَفَ لَهُ ذَلِكَ الْعَدَدَ ، وَعَنْهُ لَا شَيْءَ لَهُ لِعَدَمِ الْإِفْرَازِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِاسْتِغْنَائِهَا عَنِ الْقَبْضِ ، وَيُخْتَلَفُ فِي الدَّنَانِيرِ كَالْغَنَمِ - وَإِنْ تَسَلَّفَهَا الْأَبُ بَعْدَ الْإِفْرَازِ ثُمَّ مَاتَ الْأَبُ ; لِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ بِأَعْيَانِهَا .
[ ص: 255 ] فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ إِذَا حَلَّى صَبِيًّا بِحُلِيٍّ ثُمَّ مَاتَ فَهُوَ لِلصَّبِيِّ دُونَ الْوَرَثَةِ ; لِأَنَّهُ مَظِنَّةُ الْحَوْزِ لَهُ .
فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=33589وَهَبَ الْمُسْتَوْدِعُ مَا عِنْدَهُ فَلَمْ يَقُلْ : قَبِلْتُ ، ثُمَّ مَاتَ الْوَاهِبُ ، عَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ الْقِيَاسُ الْبُطْلَانُ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : حِيَازَتُهُ ثَابِتَةٌ إِلَّا أَنْ يَقُولَ لَا أَقْبَلُ ; لِأَنَّ الْهِبَةَ بِيَدِ الْمَوْهُوبِ وَتَأَخُّرُ الْقَبُولِ لَا يَضُرُّ ، كَمَا لَوْ وَهَبَ رَجُلًا وَلَمْ يَقُلْ قَبِلْتُ وَقَبَضَهَا لِيَنْظُرَ رَأْيَهُ فَمَاتَ الْوَاهِبُ فَهِيَ مَاضِيَةٌ إِنْ رَضِيَهَا وَلَهُ رَدُّهَا ، وَقِيَاسًا عَلَى الْغَائِبِ ،
وَابْنُ الْقَاسِمِ يَقُولُ : عَدَمُ الْحَوْزِ يَمْنَحُ الصِّحَّةَ فَأَوْلَى عَدَمُ الْقَبُولِ ، قُلْتُ : وَهَذَا الْبَحْثُ مِنْهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَبُولَ لَيْسَ عَلَى الْفَوْرِ خِلَافًا لِـ ( ش ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ .
فَرْعٌ
قَالَ : لَا يُشْتَرَطُ فِي الْقَبْضِ الْإِذْنُ ، وَقَالَ الْأَئِمَّةُ : يُشْتَرَطُ وَلَهُ الرُّجُوعُ ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ لِقِصَّةِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا تَتِمُّ الْهِبَةُ إِلَّا بِحَوْزِهَا ، وَقِيَاسًا عَلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ ; وَلِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَتْ لَكَانَتْ مِلْكًا لِلْمَوْهُوبِ ; لَأَنَّ الْمُطَالَبَةَ بِغَيْرِ مِلْكٍ مُنْكَرَةٌ ، وَلَوْ كَانَتْ مِلْكَهُ لَمَا وَرِثَهَا وَرَثَةُ الْوَاهِبِ ; لِأَنَّ الْمِيرَاثَ فَرْعُ الْمِلْكِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْوَصِيَّةِ ، أَوْ هُوَ سَبَبُ مِلْكٍ ، فَلَا يَنْعَقِدُ إِلَّا بِوَضْعِ الْيَدِ كَالْإِحْطَابِ وَسَائِرِ أَسْبَابِ التَّمْلِيكِ الْفِعْلِيَّةِ ، وَالْجَوَابُ عَنِ الْأَوَّلِ أَنَّ طَرَيَانَ الْمَرَضِ يُبْطِلُ الْعَقْدَ كَطَرَيَانِ التَّفَرُّقِ عَلَى عَقْدِ الرِّبَا وَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَطَرَيَانِ الرِّدَّةِ عَلَى النِّكَاحِ ، فَلَا غَرْوَ أَنْ يَكُونَ الْعَقْدُ صَحِيحًا ، وَيَطْرَأُ عَلَيْهِ مُبْطِلٌ ، فَقَضِيَّةُ الصِّدِّيقِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - دَائِرَةٌ بَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ ، وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى السَّوَاءِ ، فَلَا حُجَّةَ لَكُمْ فِيهَا ، وَجْهُ مُنَاسِبَةِ الْمَرَضِ لِلْإِبْطَالِ أَنَّهُ يَتَّهِمُ أَنْ يُنْتَفَعَ بِمَالِهِ عُمْرَهُ ثُمَّ يُخْرِجُهُ فِي هَذِهِ
[ ص: 256 ] الْحَالَةِ الَّتِي حُجِرَ عَلَيْهِ فِيهَا عَنِ الْوَرَثَةِ ، فَحَسَمَ الشَّرْعُ هَذِهِ الْمَادَّةَ فِي الْمُتَّهَمِ وَغَيْرِهِ ، كَمَا رَدَّ شَهَادَةَ الْأَبِ لِابْنِهِ وَبِالْعَكْسِ لِلتُّهْمَةِ وَطَرْدِ ذَلِكَ . وَعَنِ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعَامِّ اسْتِقْرَارُ الْمِلْكِ وَاللَّفْظُ ظَاهِرٌ فِيهِ ، ثُمَّ هُوَ مُعَارَضٌ بِقَوْلِ
عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - : الصَّدَقَةُ جَائِزَةٌ ؛ قُبِضَتْ أَوْ لَمْ تُقْبَضْ . وَعَنِ الثَّالِثِ الْفَرْقُ قَبْلَ الْمَوْتِ عَدَمُ التُّهْمَةِ ، وَبَعْدَهُ يُتَّهَمُ بِأَنَّهُ حَبَسَهَا لِيَنْتَفِعَ بِهَا حَتَّى يَمُوتَ . وَعَنِ الرَّابِعِ أَنَّ الْمَرَضَ أَوْ مَوْتَ الْفَجْأَةِ أَسْقَطَ مِلْكَ الْمَوْهُوبِ فَثَبَتَ مِلْكُ الْوَاهِبِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ تُقَرُّرِ التُّهْمَةِ ، وَأَنَّ الْعُقُودَ الصَّحِيحَةَ قَدْ يَلْتَحِقُ بِهَا مَا يُبْطِلُهَا ، فَمَا وَرِثَ الْوَارِثُ إِلَّا مَلِكَ الْوَاهِبُ الْمُنْتَقَلُ عَنِ الْمَوْهُوبِ ، فَلَا تَنَاقُضَ ، كَمَا لَوْ بَاعَ مَطْعُومًا بِمَطْعُومٍ ، أَوْ أَحَدَ النَّقْدَيْنِ بِالْآخَرِ مِمَّا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَايُضُ ، فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ، لَا يَجِبُ التَّسْلِيمُ ، وَيَبْطُلُ الْعَقْدُ وَيُوَرَّثُ مَا كَانَ مِلْكًا لِغَيْرِ الْمَوْرُوثِ . وَعَنِ الْخَامِسِ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ بِأَنْ تَقُولَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا الْقَبْضُ قِيَاسًا عَلَى الْوَصِيَّةِ فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِالْقَوْلِ ، وَتَثْبُتُ بِنَفْسِ الْمَوْتِ . وَعَنِ السَّادِسِ أَنَّهُ مَنْقُوصٌ بِالْوَصِيَّةِ وَالْمِيرَاثِ ، ثُمَّ يَتَأَكَّدُ مَذْهَبُنَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=1أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ، وَهُوَ يَخُصُّ الْمُتَعَاقِدِينَ فَلَا يَضُرُّنَا عَدَمُ الْوَفَاءِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِذَهَابِ الْعَاقِدِ ، وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - : ( (
nindex.php?page=hadith&LINKID=10349477nindex.php?page=treesubj&link=7325الرَّاجِعُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ) ) فَشَبَّهَ الْقَبِيحَ الشَّرْعِيَّ بِالْقَبِيحِ الْعَادِيِّ ، وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ قَوْلُهُمْ أَنَّ الْكَلْبَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الرُّجُوعُ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُخَاطَبٍ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ التَّشْبِيهُ الْمَذْكُورُ ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى سَائِرِ الْعُقُودِ ، وَمِمَّا يُوَضِّحُهُ أَنَّ الْأَقْوَالَ هِيَ الْمُمَيِّزَةُ بَيْنَ خَوَاصِّ الْعُقُودِ فِيهَا يَظْهَرُ الْبَيْعُ مِنَ الْقَرْضِ مِنَ الْإِجَارَةِ ، فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الصِّحَّةُ وَالِانْعِقَادُ مَنُوطًا بِهَا ، وَأَمَّا الْقَبْضُ فَصُورَةٌ وَاحِدَةٌ فِي الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ فَلَا يُنَاطُ بِهِ أَحَدُهُمَا ، وَبِالْقِيَاسِ عَلَى صُوَرٍ مِنَ الْعَطَايَا كَالْعِتْقِ وَالضَّحَايَا وَالْمَسَاجِدِ ، وَالْوَقْفِ الْعَامِّ كَالْقَنْطَرَةِ وَنَحْوِهَا ، فَإِنَّهَا تَلْزَمُ بِالْقَوْلِ وَلَا تَفْتَقِرُ إِلَى الْقَبْضِ .
[ ص: 257 ] فَرْعٌ
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَقَى : لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24618بَاعَ الْمَوْهُوبُ الْهِبَةَ ، وَلَمْ يَقْبِضْهَا الْمُشْتَرِي حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ فَالْبَيْعُ حَوْزٌ ؛ قَالَهُ
مَالِكٌ ، وَقَالَ
أَصْبَغُ : لَا يَحْصُلُ الْحَوْزُ بِذَلِكَ وَلَا بِغَيْرِهِ إِلَّا الْعِتْقَ ; لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى التَّغْلِيبِ وَالسَّرَايَةِ ، فَإِنْ بَاعَ الْوَاهِبُ قَبْلَ الْحَوْزِ فَالْبَيْعُ أَوْلَى عِنْدَ
ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ ، وَعَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ : الصَّدَقَةُ وَالْهِبَةُ أَوْلَى إِنْ كَانَ الْمُعْطَى مُعَيَّنًا بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُعَيَّنِ نَحْوَ سَبِيلِ اللَّهِ ، فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى بِهِ .
فَرْعٌ
قَالَ : إِذَا تَصَدَّقَ عَلَى ابْنِهِ الصَّغِيرِ بِحَوَانِيتَ وَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كَانَ يُكْرِيهَا بِاسْمِهِ أَوِ اسْمِ نَفْسِهِ ، فَهِيَ لِلِابْنِ ; لِأَنَّهُ ظَاهِرُ حَالِ الْأَبِ أَنَّهُ إِذَا وَهَبَ لِابْنِهِ لَا يَرْجِعُ ، وَإِنْ يُؤَجِّرْ لَهُ .
فَرْعٌ
قَالَ : إِذَا وَهَبَ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ لِلْيَتِيمِ أَعْطَاهُ لِشَرِيكِهِ فِي الْوَصِيَّةِ ، أَوْ غَيْرِهِ ؛ قَالَهُ
ابْنُ الْعَطَّارِ ، وَلَا تَجُوزُ هِبَةُ نَفْسِهِ إِلَّا إِذَا انْفَرَدَ لِتَعَذُّرِ مَنْ هُوَ لَهُ مِثْلُهُ ، أَوْ أَوْلَى مِنْهُ ، وَقِيلَ حِيَازَتُهُ تَامَّةٌ ; لِأَنَّهُ وَلِيٌّ .
فَرْعٌ
قَالَ : يَكْفِي فِي حِيَازَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لَا عَمَلَ فِيهَا الْإِشْهَادُ ; لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ ، وَأَمَّا أَرْضُ الزِّرَاعَةِ وَالْعَمَلِ إِنْ وُهِبَتْ فِي غَيْرِ إِبَّانِ الْعَمَلِ حَدَّدَهَا وَأَشْهَدَ بِتَسْلِيمِهَا ؛ قَالَهُ
أَصْبَغُ ، وَعَنِ
ابْنِ الْقَاسِمِ : لَا يَكُونُ حَوْزًا إِلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الْعَمَلُ لِعُذْرٍ ، وَهَذَا إِذَا فَاتَتْ حِيَازَتُهَا قَبْلَ مَوْتِ الْمَوْهُوبِ ، أَمَّا لَوْ حَضَرَ وَقْتَ
[ ص: 258 ] الزِّرَاعَةِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا حَتَّى مَاتَ الْوَاهِبُ بَطَلَتِ الْهِبَةُ ; لِأَنَّ حِيَازَةَ مِثْلِ هَذَا إِنَّمَا هُوَ بِالْعَمَلِ ، فَإِنْ مَنَعَهُ الْوَاهِبُ مِنَ الْعَمَلِ لَمْ تَبْطُلِ الْحِيَازَةُ ; لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ وَقَدْ فَعَلَهُ ، وَإِنْ تَرَكَ الْعَمَلَ لِضَعْفِهِ بِنَفْسِهِ وَآلَتِهِ مَعَ إِمْكَانِ مَسَاقَاتِهَا لِغَيْرِهِ وَالْإِرْفَاقِ بِهَا بَطَلَتِ الْهِبَةُ ، وَإِنْ ضَعُفَ عَنْ جُمْلَةِ الْوُجُوهِ فَالْإِشْهَادُ حَوْزٌ ; لِأَنَّهُ الْمُمْكِنُ ؛ قَالَهُ
ابْنُ الْقَاسِمِ .
فَرْعٌ
قَالَ : قَالَ
مَالِكٌ لَا تُحَازُ الْعَرِيَّةُ إِلَّا أَنْ يَطْلُعَ فِيهَا ثَمَرٌ وَيَقْبِضَهَا الْمُعْرِي فَإِنْ عُدِمَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي بَطَلَ الْإِعْرَاءُ لِعَدَمِ حَوْزِ الْعَطِيَّةِ ، وَقَالَ
أَشْهَبُ : يَكْفِي الْإِبَارُ أَوْ تَسْلِيمُ الْعَطِيَّةِ ; لِأَنَّ الْمُعْرِيَ إِنَّمَا وَهَبَ مَعَ بَقَاءِ الْأَصْلِ فِي يَدِهِ إِلَى حِينِ الثَّمَرَةِ .
فَرْعٌ
قَالَ : لَوْ حَازَ بِغَيْرِ عِلْمِهِ صَحَّ ; لِأَنَّهُ أَخَذَ حَقَّهُ .
نَظَائِرُ : قَالَ
ابْنُ بَشِيرٍ : الَّتِي لَا تَتِمُّ إِلَّا بِالْحِيَازَاتِ سَبْعَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً : الْحَبْسُ ، وَالصَّدَقَةُ ، وَالْهِبَةُ ، وَالْعُمْرَى ، وَالْعَطِيَّةُ ، وَالنِّحْلَةُ ، وَالْعَرِيَّةُ ، وَالْمِنْحَةُ ، وَالْهَدِيَّةُ ، وَالْإِسْكَانُ ، وَالْعَارِيَّةُ ، وَالْإِرْفَاقُ ، وَالْعِدَةُ ، وَالْإِخْدَامُ ، وَالصِّلَةُ ، وَالْحَبَا ، وَالرَّهْنُ .