الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        473 حدثنا أبو الوليد قال حدثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة قال سمعت أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم بالبطحاء وبين يديه عنزة الظهر ركعتين والعصر ركعتين تمر بين يديه المرأة والحمار

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى بهم بالبطحاء ) يعني بطحاء مكة ، وهو موضع خارج مكة ، وهو الذي يقال له الأبطح ، وكذا ذكره من رواية أبي العميس عن عون ، وزاد من رواية آدم عن شعبة عن عون أن ذلك كان بالهاجرة فيستفاد منه - كما ذكره النووي - أنه - صلى الله عليه وسلم - جمع حينئذ بين الصلاتين في وقت الأولى منهما ، ويحتمل أن يكون قوله " والعصر ركعتين " أي بعد دخول وقتها .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وبين يديه عنزة ) تقدم ضبطها وتفسيرها في الطهارة في حديث أنس . وفي رواية أبي العميس " جاء بلال فآذنه بالصلاة ، ثم خرج بالعنزة حتى ركزها بين يديه وأقام الصلاة " وأول رواية عمر بن أبي زائدة عن عون عن أبيه " رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبة حمراء من أدم ، ورأيت بلالا أخذ وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورأيت الناس يبتدرون ذلك الوضوء فمن أصاب منه شيئا تمسح به ، ومن لم يصب منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه " وفيها أيضا " وخرج في حلة حمراء مشمرا " وفي رواية مالك بن مغول عن عون " كأني أنظر إلى وبيص ساقيه " وبين فيها أيضا أن الوضوء الذي ابتدره الناس كان فضل الماء الذي توضأ به النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا هو في رواية شعبة عن الحكم وفي رواية مسلم [ ص: 684 ] من طريق الثوري عن عون ما يشعر بأن ذلك كان بعد خروجه من مكة بقوله " ثم لم يزل يصلي ركعتين حتى رجع إلى المدينة " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( يمر بين يديه ) أي بين العنزة والقبلة لا بينه وبين العنزة ، ففي رواية عمر بن أبي زائدة في باب الصلاة في الثوب الأحمر " ورأيت الناس والدواب يمرون بين يدي العنزة " .

                                                                                                                                                                                                        وفي الحديث من الفوائد التماس البركة مما لامسه الصالحون [1] ، ووضع السترة للمصلي حيث يخشى المرور بين يديه والاكتفاء فيها بمثل غلظ العنزة وأن قصر الصلاة في السفر أفضل من الإتمام لما يشعر به الخبر من مواظبة النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه وأن ابتداء القصر من حين مفارقة البلد الذي يخرج منه ، وفيه تعظيم الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه استحباب تشمير الثياب لا سيما في السفر وكذا استصحاب العنزة ونحوها ، ومشروعية الأذان في السفر كما سيأتي في الأذان وجواز النظر إلى الساق وهو إجماع في الرجل حيث لا فتنة ، وجواز لبس الثوب الأحمر ، وفيه خلاف يأتي ذكره في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية