الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عطاء السليمي

                                                                                      البصري العابد ، من صغار التابعين . أدرك أنس بن مالك ، وسمع من الحسن البصري ، وجعفر بن زيد ، وعبد الله بن غالب الزاهد .

                                                                                      واشتغل بنفسه عن الرواية .

                                                                                      روى عنه مرجى بن وداع ، وإبراهيم بن أدهم ، وخليد بن دعلج ، وصالح [ ص: 87 ] المري ، وعبد الواحد بن زياد ، وآخرون حكايات ، وما أظنه روى شيئا مسندا .

                                                                                      وكان قد أرعبه فرط الخوف من الله .

                                                                                      روى جماعة عن بشر بن منصور قال : قلت لعطاء السليمي : أرأيت لو أن نارا أشعلت ، ثم قيل : من اقتحمها نجا . ترى كان يدخلها أحد ؟! قال : لو قيل ذلك ، لخشيت أن تخرج نفسي فرحا قبل أن أصل إليها .

                                                                                      قال نعيم بن مورع : أتينا عطاء السليمي فجعل يقول : ليت عطاء لم تلده أمه ، وكرر ذلك حتى اصفرت الشمس .

                                                                                      وكان يقول في دعائه : اللهم ارحم غربتي في الدنيا ، وارحم مصرعي عند الموت ، وارحم قيامي بين يديك .

                                                                                      قال أحمد الدورقي : حدثنا علي بن بكار ، قال : تركت عطاء السليمي ، فمكث أربعين سنة على فراشه لا يقوم من الخوف ، ولا يخرج ، وكان يوضأ على فراشه .

                                                                                      وقال أبو سليمان الداراني : اشتد خوفه ، فكان لا يسأل الجنة ، بل يسأل العفو .

                                                                                      ويقال : نسي عطاء القرآن من الخوف ، ويقول : التمسوا لي أحاديث الرخص ليخف ما بي .

                                                                                      وقيل : كان إذا بكى ، بكى ثلاثة أيام بلياليها .

                                                                                      قال صالح المري : قلت له : يا شيخ قد خدعك إبليس ، فلو شربت ما تقوى به على صلاتك ووضوئك ؟ فأعطاني ثلاثة دراهم ، وقال : تعاهدني كل يوم بشربة سويق . فشرب يومين وترك ، وقال : يا صالح ، إذا ذكرت جهنم ، ما يسعني طعام ولا شراب .

                                                                                      وقيل : إنه بكى حتى عمش ، وربما غشي عليه عند الموعظة .

                                                                                      [ ص: 88 ] وقيل : إنه شيع جنازة ، فغشي عليه أربع مرات .

                                                                                      وعن خليد بن دعلج قال : كنا عند عطاء السليمي ، فقيل له : إن ابن علي قتل أربعمائة من أهل دمشق على دم واحد ، فقال متنفسا : هاه ، ثم خر ميتا .

                                                                                      وقيل : كان إذا جاء برق وريح ، ورعد ، قال : هذا من أجلي يصيبكم ، لو مت ، استراح الناس . ولعطاء حكايات في الخوف وإزرائه على نفسه .

                                                                                      وقيل : إنه مات بعد الأربعين ومائة . رحمة الله عليه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية