الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج إلى قوله لعلكم تعقلون

                                                                                                                                                                                                        5069 حدثنا علي بن عبد الله حدثنا سفيان قال يحيى بن سعيد سمعت بشير بن يسار يقول حدثنا سويد بن النعمان قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فلما كنا بالصهباء قال يحيى وهي من خيبر على روحة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فما أتي إلا بسويق فلكناه فأكلنا منه ثم دعا بماء فمضمض ومضمضنا فصلى بنا المغرب ولم يتوضأ قال سفيان سمعته منه عودا وبدءا

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله ( باب ليس على الأعمى حرج ) إلى هنا للأكثر ، وساق في رواية أبي ذر الصنفين الآخرين ثم قال " الآية " وأراد بقبة الآية التي في سورة النور لا التي في سورة الفتح لأنها المناسبة لأبواب الأطعمة ، ويؤيد ذلك أنه وقع عند الإسماعيلي إلى قوله لعلكم تعقلون وكذا لبعض رواة الصحيح .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( والنهد والاجتماع على الطعام ) ثبتت هذه الترجمة في رواية المستملي وحده ، والنهد بكسر النون وسكون الهاء تقدم تفسيره في أول الشركة حيث قال " باب الشركة في الطعام والنهد " وتقدم هناك بيان حكمه ، وذكر فيه عدة أحاديث في ذلك ، ثم ذكر حديث سويد بن النعمان وفيه " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام فلم يؤت إلا بسويق الحديث " وليس هو ظاهرا في المراد من النهد لاحتمال أن يكون ما جيء بالسويق إلا من جهة واحدة ، لكن مناسبته لأصل الترجمة ظاهرة في اجتماعهم على لوك السويق من غير تمييز بين أعمى وبصير [ ص: 440 ] وبين صحيح ومريض ، وحكى ابن بطال عن المهلب قال : مناسبة الآية لحديث سويد ما ذكره أهل التفسير أنهم كانوا إذا اجتمعوا للأكل عزل الأعمى على حدة والأعرج على حدة والمريض على حدة لتقصيرهم عن أكل الأصحاء فكانوا يتحرجون أن يتفضلوا عليهم وهذا عن ابن الكلبي ، وقال عطاء بن يزيد : كان الأعمى يتحرج أن يأكل طعام غيره لجعله يده في غير موضعها ، والأعرج كذلك لاتساعه في موضع الأكل ، والمريض لرائحته ، فنزلت هذه الآية ، فأباح لهم الأكل مع غيرهم . وفي حديث سويد معنى الآية ، لأنهم جعلوا أيديهم فيما حضر من الزاد سواء ، مع أنه لا يمكن أن يكون أكلهم بالسواء لاختلاف أحوال الناس في ذلك ، وقد سوغ لهم الشارع ذلك مع ما فيه من الزيادة والنقصان ، فكان مباحا والله أعلم . ا هـ كلامه . وقد جاء في سبب نزول الآية أثر آخر من وجه صحيح ، قال عبد الرزاق أنبأنا معمر عن ابن أبي نجيح عن مجاهد " كان الرجل يذهب بالأعمى أو الأعرج أو المريض إلى بيت أبيه أو أخيه أو قريبه ، فكان الزمنى يتحرجون من ذلك ويقولون : إنما يذهبون بنا إلى بيوت غيرهم ، فنزلت الآية رخصة لهم " وقال ابن المنير : موضع المطابقة من الترجمة وسط الآية وهي قوله تعالى ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا وهي أصل في جواز أكل المخارجة ، ولهذا ذكر في الترجمة النهد ، والله أعلم .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية