الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولا يجوز له أن يأكل من دم النذر شيئا .

                                                                                                                                وجملة الكلام فيه أن الدماء نوعان نوع يجوز لصاحب الدم أن يأكل منه وهو دم المتعة والقران والأضحية ، وهدي التطوع إذا بلغ محله .

                                                                                                                                ونوع لا يجوز له أن يأكل منه وهو دم النذر والكفارات وهدي الإحصار وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله ; لأن الدم في النوع الأول دم شكر فكان نسكا فكان له أن يأكل منه ، ودم النذر دم صدقة وكذا دم الكفارة في معناه ; لأنه وجب تكفير الذنب .

                                                                                                                                وكذا دم الإحصار ; لوجود التحلل والخروج من الإحرام قبل أوانه ، وهدي التطوع إذا لم يبلغ محله بمعنى القربة في التصدق به فكان دم صدقة ، وكل دم يجوز له أن يأكل منه لا يجب عليه التصدق بلحمه بعد الذبح ; لأنه لو وجب عليه التصدق به لما جاز أكله ; لما فيه من إبطال حق الفقراء ، وكل ما لا يجوز له أن يأكل منه يجب عليه التصدق به بعد الذبح ; لأنه إذا لم يجز له أكله ولا يتصدق به يؤدي إلى إضاعة المال .

                                                                                                                                وكذا لو هلك المذبوح بعد الذبح لا ضمان عليه في النوعين ; لأنه لا صنع له في الهلاك ، وإن استهلكه بعد الذبح ، فإن كان مما يجب عليه التصدق به يضمن قيمته فيتصدق بها ; لأنه تعلق به حق الفقراء فبالاستهلاك تعدى على حقهم فيضمن قيمته ويتصدق بها ; لأنها بدل أصل مال واجب التصدق به .

                                                                                                                                وإن كان مما لا يجب التصدق به لا يضمن شيئا ; لأنه لم يوجد منه التعدي بإتلاف حق الفقراء لعدم تعلق حقهم به .

                                                                                                                                ولو باع اللحم يجوز بيعه في النوعين جميعا ; لأن ملكه قائم إلا أن فيما لا يجوز له أكله ويجب عليه التصدق به يتصدق بثمنه ; لأن ثمنه مبيع واجب التصدق به ، لتعلق حق الفقراء به فيتمكن في ثمنه حنث فكان سبيله التصدق به والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية