الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) تفسير التسليم ، والقبض فالتسليم ، والقبض عندنا هو التخلية ، والتخلي وهو أن يخلي البائع بين المبيع وبين المشتري برفع الحائل بينهما على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البائع مسلما للمبيع ، والمشتري قابضا له ، وكذا تسليم الثمن من المشتري إلى البائع ، وقال الشافعي رحمه الله : القبض في الدار والعقار والشجر بالتخلية .

                                                                                                                                وأما في الدراهم والدنانير فتناولهما بالبراجم ، وفي الثياب بالنقل ، وكذا في الطعام إذا اشتراه مجازفة فإذا اشتراه مكايلة فبالكيل ، وفي العبد والبهيمة بالسير من مكانه .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله أن الأصل في القبض هو الأخذ بالبراجم ; لأنه القبض حقيقة إلا أن فيما لا يحتمل الأخذ بالبراجم أقيم النقل مقامه فيما يحتمل النقل وفيما لا يحتمله أقيم التخلية مقامه .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن التسليم في اللغة عبارة عن جعله سالما خالصا يقال : سلم فلان لفلان أي خلص له ، وقال - الله تعالى - { ورجلا سلما لرجل } أي سالما خالصا لا يشركه فيه أحد فتسليم المبيع إلى المشتري هو جعل المبيع سالما للمشتري أي : خالصا له بحيث لا ينازعه فيه غيره ، وهذا يحصل بالتخلية فكانت التخلية تسليما من البائع ، والتخلي قبضا من المشتري ، وكذا هذا في تسليم الثمن إلى البائع ; لأن التسليم واجب ، ومن عليه الواجب لا بد وأن يكون له سبيل الخروج عن عهدة ما وجب عليه ، والذي في وسعه هو التخلية ورفع الموانع ، فأما الإقباض فليس في وسعه ; لأن القبض بالبراجم فعل اختياري للقابض ، فلو تعلق وجوب التسليم به لتعذر عليه الوفاء بالواجب ، وهذا لا يجوز .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية