الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ولو اشترى أرضا فيها أشجار مثمرة فإن كان عليها ثمر وسماه حتى دخل في البيع فالثمر له حصة من الثمن بلا خلاف حتى لو كانت قيمة الأرض خمسمائة وقيمة الشجر خمسمائة ، وقيمة الثمر كذلك ، فإن الثمن يقسم على الكل أثلاثا بالإجماع ; لأن الكل معقود عليه مقصود لورود فعل العقد على الكل فإن كان للثمر حصة من الثمن حتى لو هلك بآفة سماوية أو بفعل البائع بأن أكله يسقط عن المشتري ثلث الثمن ، وله الخيار إن شاء أخذ الأرض ، والشجر بثلثي الثمن ، وإن شاء ترك ; لأن الثمر لما كان مبيعا مقصودا بهلاكه تفرقت الصفقة على المشتري قبل التمام ، فيثبت الخيار وإن لم يكن الثمر موجودا وقت العقد وحدث بعده قبل القبض فأكله البائع فقد صار له حصة من الثمن عندنا لصيرورته مبيعا مقصورا بالإتلاف على ما بينا لكن الكلام في كيفية أخذ الحصة

                                                                                                                                فاختلف أصحابنا فيها قال أبو حنيفة ومحمد : يأخذ الحصة من الشجر والأرض جميعا فيقسم الثمن على الشجر ، والأرض ، والثمر أثلاثا فيسقط ثلث الثمن بإتلاف البائع ، وقال أبو يوسف يأخذ الحصة من الشجر خاصة فيقسم الثمن على قيمة الأرض ، والشجر ثم ما أصاب الشجر يقسم عليه يوم العقد ، وعلى قيمة الثمر يوم الإتلاف فيسقط بيانه إذا كانت قيمة الأرض ألفا وقيمة الأشجار ألفا ، وقيمة الثمر كذلك فأكل البائع الثمر قبل القبض يسقط عن المشتري ثلث الثمن عندهما ويأخذ الأرض ، والأشجار بثلثي الثمن ولا خيار له عند أبي حنيفة خاصة ، وعند محمد له الخيار إن شاء أخذ الأرض ، والشجر بثلثي القيمة وإن شاء ترك ، وعند أبي يوسف يسقط عن المشتري ربع الثمن ، فيقسم الثمن على الأشجار ، والأرض نصفين ثم ما أصاب الشجر يقسم عليه وعلى الثمر نصفين ، فكان حصة الثمر ربع الثمن فيسقط ذلك كله وله الخيار إن شاء أخذ الأرض ، والشجر بثلاثة أرباع الثمن ، وإن شاء ترك .

                                                                                                                                ( وجه ) قول أبي يوسف : أن الثمر تابع للشجر ; لأن الثمر متولد منها ، فيأخذ الحصة منها كما لو اشترى جارية مع ولدها ، فولدت مع ولدها ولدا آخر فالولد الثاني يكون له حصة من الولد الأول ، ولهما أن الشجر تابع للأرض في البيع بدليل أنه يدخل في الأرض من غير تسمية ولو هلكت بعد ما دخلت قبل القبض [ ص: 258 ] لا يسقط شيء من الثمن دل أنها تابعة ، وما كان تابعا لغيره في حكم لا يستتبع غيره في ذلك الحكم ، فكان نظير مسألتنا ما لو اشترى جارية ، فولدت ولدا قبل القبض ثم ولد ولدها ولدا لا يكون للولد الثاني حصة من الولد الأول ; لأن الأول في نفسه تابع فلا يستتبع غيره كذا ههنا والله - عز وجل - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية