الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                والثاني : أن المحرم في الاعتكاف عين الجماع فيستوي فيه العمد والسهو .

                                                                                                                                والمحرم في باب الصوم هو الإفطار لا عين الجماع ، أو حرم الجماع لكونه إفطارا لا لكونه جماعا ; فكانت حرمته لغيره وهو الإفطار ، والإفطار يختلف حكمه بالعمد والنسيان ولو أكل أو شرب في النهار عامدا ; فسد صومه وفسد اعتكافه لفساد الصوم ، ولو أكل ناسيا لا يفسد اعتكافه ; لأنه لا يفسد صومه .

                                                                                                                                والأصل أن ما كان من محظورات الاعتكاف وهو مانع عنه لأجل الاعتكاف لا لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالجماع والخروج من المسجد وما كان من محظورات الصوم ، وهو ما منع عنه لأجل الصوم يختلف فيه العمد والسهو والنهار والليل كالجماع والخروج من المسجد وكالأكل والشرب .

                                                                                                                                والفقه ما بينا .

                                                                                                                                ولو باشر فأنزل فسد اعتكافه ; لأن المباشرة منصوص عليها في الآية وقد قيل في بعض وجوه التأويل : إن المباشرة الجماع وما دونه ولأن المباشرة مع الإنزال في معنى الجماع فيلحق به وكذا لو جامع فيما دون الفرج فأنزل ; لما قلنا .

                                                                                                                                فإن لم ينزل لا يفسد اعتكافه ; لأنه بدون الإنزال لا يكون في معنى الجماع لكنه يكون حراما وكذا التقبيل والمعانقة واللمس أنه إن أنزل في شيء من ذلك ; فسد اعتكافه وإلا فلا يفسد لكنه يكون حراما بخلاف الصوم فإن في باب الصوم لا تحرم الدواعي إذا كان يأمن على نفسه .

                                                                                                                                والفرق على نحو ما ذكرنا أن عين الجماع في باب الاعتكاف محرم ، وتحريم الشيء يكون تحريما لدواعيه ; لأنها تفضي إليه فلو لم تحرم ; لأدى إلى التناقض ، وأما في باب الصوم فعين الجماع ليس محرما ، إنما المحرم هو الإفطار أو حرم الجماع لكونه إفطارا ، وهذا لا يتعدى إلى الدواعي فهو الفرق .

                                                                                                                                ولو نظر فأنزل ; لم يفسد اعتكافه لانعدام الجماع صورة ومعنى ; فأشبه الاحتلام .

                                                                                                                                والله الموفق .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية