الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن إسحاق ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا محمد بن منصور ، قال : سمعت حمزة بن زياد ، يقول : سمعت شعبة ، يقول ، وكان ألثغ وكان قد يبس جلده على عظمه من العبادة ، ويقول : " لو حدثتكم عن ثقة ما حدثتكم عن ثلاثة " .

              [ ص: 145 ] حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا علي بن الحسين الحامي البلخي ، قال : قال عمر بن هارون : " كان شعبة يصوم الدهر كله لا ترى عليه ، وكان سفيان الثوري يصوم ثلاثة أيام من الشهر ترى عليه " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن رافع ، قال : سمعت أبا قتيبة ، يقول : " ربما قال شعبة في الحديث لأصحاب الحديث : اعلموا يا قوم أنكم كلما تقدمتم في الحديث تأخرتم من القرآن ، قال : وربما ضرب بيديه رأسه وهو يقول : خاك بسر شعبة ـ يعني: التراب على رأس شعبة " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، حدثني ابن منيع ، قال : سمعت أبا قطن ، قال : " ما رأيت شعبة ركع قط إلا ظننت أنه قد نسي ، ولا قعد بين السجدتين إلا ظننت أنه قد نسي " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الله بن عبد العزيز ، حدثني عبد الله بن أحمد بن شبويه ، قال : سمعت أبا الوليد ، يقول : سمعت شعبة ، يقول : " إذا كان عندي دقيق وقصب فما أبالي ما فاتني من الدنيا " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أبو القاسم البغوي ، ثنا عباس بن محمد ، ثنا قراد أبو نوح ، قال : " رأى علي شعبة قميصا ، فقال : بكم اشتريت هذا ؟ فقلت : بثمانية دراهم ، قال : ويحك ، أما تتقي الله ؟ تلبس قميصا بثمانية دراهم ، ألا اشتريت قميصا بأربعة ، وتصدقت بأربعة كان خيرا لك ؟ قلت : يا أبا بسطام ، أنا مع قوم نتجمل لهم ، قال شعبة : إيش نتجمل لهم ؟ " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أبو القاسم البغوي ، ثنا أحمد بن زهير ، قال : سمعت يحيى بن معين ، يقول : قال لي يحيى بن سعيد : " كان شعبة من أرق الناس ، كان ربما مر به السائل فيدخل بيته فيعطيه ما أمكنه " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا علي بن سهل ، ثنا عفان ، قال : سمعت شعبة ، يقول غير مرة كلما جلس : " لولا حوائج لي إليكم ما جلست معكم " وكانت حوائجه أن يسأل لجيرانه الفقراء .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت ابن عمرو [ ص: 146 ] الباهلي ، قال : ثنا أبو بكر بن خلاد ، عن يحيى بن سعيد ، قال : " كنت أكون عند شعبة ، فيجيء السائل فلا يكون معه شيء ، فيقول لي : يحيى معك شيء ؟ فأقول : نعم ، فأعطيه فيعطيه السائل ، ثم يرد علي فيقول : يا أبا بسطام ، إيش هذا ؟ فيقول : خذها " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد ، ثنا أبو بكر الأعين ، حدثني يعقوب بن شيبة ، ثنا يحيى بن أيوب ، ثنا أبو قطن ، قال : " كان ثياب شعبة لونها لون التراب ، وكان كثير الصلاة ، كثير الصيام ، سخي النفس " .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا إبراهيم بن محمد التميمي ، ثنا عبد العزيز بن داود ، قال : " كان شعبة إذا حك جلده انتثر منه التراب " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو بشر محمد بن أحمد ، ثنا أبو حميد عبد الله بن محمد المصيصي ، قال : سمعت حجاجا ، يقول : " ركب شعبة حمارا له ، فلقيه سليمان بن المغيرة ، فشكى إليه ، فقال له شعبة : " والله ما أملك إلا هذا الحمار ، ثم نزل عنه ، ودفعه إليه " .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا يحيى بن معين ، ثنا شبابة بن سوار ، قال : جاء سليمان بن المغيرة شعبة فقال : يا أبا بسطام ح . وحدثنا محمد بن علي واللفظ له ، ثنا أبو بشر محمد بن أحمد ، ثنا عمرو بن علي ، قال : سمعت أبا داود الطيالسي ، يقول : " كنا عند شعبة ، فجاء سليمان بن المغيرة يبكي ، فقال له شعبة : ما يبكيك يا أبا سعيد ؟ قال : مات حماري وذهبت مني الجمعة ، وذهبت حوائجي ، قال : فبكم أخذته ؟ قال : بثلاثة دنانير ، قال : فعندي ثلاثة دنانير ، والله ما أملك غيرها ، يا غلام هات تلك الصرة ، فإذا فيها ثلاثة دنانير ، فدفعها إليه وقال : اشتر بها حمارا ، ولا تبك " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي ، قال : سمعت أبا النضر ، يقول : " كان شعبة إذا قعد في زورق أعطى عن جميعهم " .

              حدثنا إبراهيم ، ثنا عبد الله بن محمد ، حدثني أبو عبد الرحمن بن شبويه ، حدثني أبي ، حدثني النضر بن شميل ، قال : " ما رأيت أرحم لمسكين من شعبة ، إذا [ ص: 147 ] رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يتغيب عن وجهه " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الله بن محمد ، حدثني أبو عبد الرحمن بن شبويه ، ثنا مسلم بن إبراهيم ، قال : كان شعبة إذا وقف في مجلسه سائل لا يحدث حتى يعطى ، فقام يوما سائل ثم جلس ، فقال : ما شأنه ؟ قال : ضمن عبد الرحمن بن مهدي أن يعطيه درهما .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الله ، حدثني ابن شبويه ، ثنا عبدان بن عثمان ، عن أبيه ، قال : قومنا حمار شعبة وسرجه ولجامه بضعة عشر درهما .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، ثنا عبد الله ، ثنا أحمد بن شبويه ، ثنا عبدان به .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن عروة ، قال : سمعت أصحابنا يقولون : وهب المهدي لشعبة ثلاثين ألف درهم فقسمها ، وأقطعه ألف جريب بالبصرة فقدم البصرة فلم يجد شيئا يطيب له فتركها .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا إسماعيل بن أبي كريمة ، قال : سمعت يزيد بن هارون ، يقول : كان شعبة يقول : لا تكتبوا عن فقير - وكان هو فقيرا - إنما كان في عيال ختنه وابن أخيه .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن علي ، ثنا ابن أبي الأسود ، ثنا عبد الرحمن بن مهدي ، قال : كان سفيان الثوري يقول : شعبة أمير المؤمنين في الحديث .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الله بن محمد البغوي ، ثنا الفضل بن سهل ، ثنا يعقوب بن إسحاق ، حدثني من سمع الثوري ، وذكر عنده شعبة فقال : ذاك أمير المؤمنين الصغير .

              حدثنا أبو الحسين عيسى بن حامد بن بشر بن عيسى الزنجي ، ثنا جدي ، ثنا محمد بن حسان ، ثنا شعيب بن حرب ، قال : سمعت شعبة يقول : اختلفت إلى عمرو بن دينار خمسمائة مرة ، وما سمعت منه إلا مائة حديث ، في كل خمس مجالس حديثا .

              [ ص: 148 ] حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت أبا قدامة ، يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول : قال شعبة : ما سمعت من رجل عدد حديث إلا اختلفت إليه أكثر من عدد ما سمعت منه الحديث .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت عبد الله بن سعيد أبا قدامة ، قال : حدثني أبو الوليد ، قال : سألت شعبة عن حديث فقال : والله لا حدثتك به ، لم أسمعه إلا مرة .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن عثمان الواسطي ، ثنا أبو يعلى ، ثنا محمد بن عباد ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : لقيت شعبة في طريق مكة ، فقلت : أين تريد ؟ فقال : أريد الأسود بن قيس أستفيد منه حديثا .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن علي الأبار ، ثنا أبو شهاب الباجداني ، ثنا الحميدي ، قال : سمعت ابن عيينة ، يقول : لقيت شعبة في يوم مطير على حمار أبتر ، فقلت له : إلى أين ؟ قال : أذهب إلى الأسود بن قيس فقد حدثنا عام كذا بأحاديث أبصر بحفظها العام .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت أبا قدامة ، يقول : سمعت عبد الرحمن بن مهدي ، يقول : قال شعبة : قلت لأبي إسحاق : حديث عقبة بن عامر : " كنا نتناوب الرعية " ممن سمعته ؟ قال : من عبد الله بن عطاء ، فأتيت عبد الله بن عطاء ، فقلت : ممن سمعته ؟ فقال : من زياد بن مخراق ، فأتيت زياد بن مخراق ، فقلت : ممن سمعته ؟ فقال : من شهر بن حوشب .

              حدثنا محمد بن علي بن سلم العقيلي ، ثنا الحسن بن المثنى ، ثنا محمد بن سعيد ، ثنا نصر بن حماد البجلي ، قال : سمعني شعبة ، أحدث عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الله بن عطاء ، عن عقبة بن عامر ، قال : كنا نتناوب رعية الإبل ، فتوضأت ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإذا أصحابه حوله ، فدنوت منه فسمعته يقول : " من توضأ ثم دخل المسجد فصلى ركعتين ، غفر الله له ما تقدم من ذنبه " فقلت : بخ بخ . فذكر الحديث ، قال : فلطمني شعبة ، فتنحيت في ناحية أبكي ، فقال : ما له يبكي ؟ فقال له ابن إدريس : إنك أسأت إليه ، فقال شعبة : انظر ما يحدث عن إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، أنا قلت لأبي إسحاق : من حدثك بهذا الحديث ؟ فقال : حدثني [ ص: 149 ] عبد الله بن عطاء ، عن عقبة ، فقلت : سمع عبد الله بن عطاء ، عن عقبة - ومسعر حاضر - فقال مسعر : عبد الله بن عطاء بمكة ، فرحلت إليه بمكة ، ولم أرد الحج ، أردت الحديث ، فسألت عبد الله بن عطاء عن الحديث ، فقال : سعد بن إبراهيم حدثني ، فقال مالك بن أنس : سعد بالمدينة لم يحج العام ، فرحلت إلى المدينة ، فسألت عنه سعدا ، فقال : الحديث من عندكم ، زياد بن مخراق حدثني ، فقلت : أي شيء هذا الحديث ؟ بينا هو كوفي ، إذ صار مكيا ، إذ صار مدنيا ، إذ صار بصريا ، فأتيت البصرة ، فسألت زياد بن مخراق ، فقال : ليس الحديث من بابتك ، فقلت : لا بد من أن تخبرني به ، فقال : حدثني شهر بن حوشب ، عن أبي ريحانة ، عن عقبة بن عامر ، فلما ذكر شهرا قلت : دمر على هذا الحديث . قال نصر بن حماد : قال شعبة : والله لو صح لي هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحب إلي من أهلي ومالي ومن الناس أجمعين ، فذكرت هذا الحديث لمثنى بن معاذ ، فقال : حدثني بشر بن المفضل ، عن شعبة ، بهذه القصة ، وزاد فيه محمد بن المنكدر .

              حدثنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يحيى القصار ، ثنا أحمد بن عصام ، ثنا أبو داود الطيالسي ، قال : سمعت شعبة بن الحجاج ، يقول : " كل حديث ليس فيه ( حدثنا ) و ( أخبرنا ) فهو خل وبقل " .

              حدثنا نصر بن أبي نصر الطوسي ، ثنا أبو علي بن سعيد الحراني ، ثنا محمد بن يحيى بن كثير الحراني ، ثنا أبو داود ، قال : سمعت شعبة يقول : " إذا كان في الحديث ( حدثني ) و ( سمعت ) فهو دست بدست ، وإذا لم يكن فيه ( سمعت ) و ( أخبرني ) فهو خل وبقل " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق السراج ، ثنا الفضل بن سهل وعباس ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن غزوان أبو نوح ، قال : سمعت شعبة يقول : " كل كلام ليس فيه ( سمعت ) فهو خل وبقل " .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا معاذ بن المثنى ، قال : سمعت علي بن المديني ، يقول : أنا سمعت يحيى بن سعيد القطان ، يقول : " لزمت شعبة عشرين سنة ، فما كنت أرجع من عنده إلا بثلاثة أحاديث وعشرة ، أكثر ما كنت أسمع منه في كل يوم " .

              [ ص: 150 ] حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثني عفان ، ثنا حماد بن سلمة ، قال : " جاء شعبة إلى حميد ، فسأله عن حديث فحدثه به ، قال : أسمعته ؟ قال : أحسبه قال : فقال بيده هكذا - أي لا أريده - فلما قام فذهب قال : " قد سمعته من أنس ، ولكن تشدد علي فأحببت أن أشدد عليه " .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا محمد بن إسماعيل الواسطي ، قال : سمعت يزيد بن هارون ، يقول : حدث يوما شعبة بحديث شرقي بن قطامي ، عن عمر بن الخطاب ، أنه كان يبيت من وراء العقبة ، فقال شعبة : حماري وأنهاري في المساكين صدقة ، إن لم أكن أرى شرقيا يكذب على عمر .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية