الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبي رحمه الله ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا الحسن بن عبد الله بن شاكر ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا أسامة ، يقول : مررت بعبد الله بن المبارك بطرسوس ، وهو يحدث ، فقلت : يا أبا عبد الرحمن ، إني لأنكر هذه الأبواب والتصنيف الذي وضعتموه ، ما هكذا أدركنا المشيخة ، قال : " فأضرب عن الحديث نحوا من عشرين يوما ، ثم مررت به وقد احتوشوه وهو يحدث فسلمت عليه ، فقال : يا أبا أسامة شهوة الحديث " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن سهل بن عسكر ، يقول : سمعت محبوب بن موسى الفراء أبا صالح الأنطاكي ، يقول : سمعت ابن المبارك ، يقول : " من بخل بالعلم ابتلي بثلاث ، إما موت فيذهب علمه ، وإما ينسى ، وإما يصحب فيذهب علمه " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن سهل ، ثنا أحمد بن سعيد الدارمي ، قال : سمعت السندي بن أبي هارون ، يقول : كنت أختلف مع ابن المبارك إلى المشايخ ، قال : فربما قلت له : يا أبا عبد الرحمن ممن نستفيد ؟ قال : " من كتبنا " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا أحمد بن سعيد [ ص: 166 ] الدارمي ، ثنا أبو إسحاق الطالقاني قال : سألت ابن المبارك عن الرجل يصلي عن أبويه ، فقال : من يرويه ، قلت : شهاب بن خراش قال : ثقة ، عمن ؟ قلت : عن الحجاج بن دينار ، قال : ثقة ، عمن ؟ قلت : عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين الحجاج مفاوز تنقطع فيها أعناق الإبل " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت عبيد بن محمد الوراق ، يقول : قال بشر بن الحارث : سأل رجل ابن المبارك عن حديث ، وهو يمشي ، قال : " ليس هذا من توقير العلم " قال بشر : فاستحسنته جدا .

              حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد ، ثنا أحمد بن الخطاب ، ثنا هدية بن عبد الوهاب ، ثنا معاذ بن خالد قال : سمعت عبد الله بن المبارك ، يقول : " أول منفعة الحديث أن يفيد بعضهم بعضا " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم قال : سمعت أبا عروبة ، يقول : سمعت المسيب بن واضح ، يقول : سمعت ابن المبارك ، وقيل له : الرجل يطلب الحديث لله يشتد في سنده ؟ قال : " إذا كان يطلب الحديث لله فهو أولى أن يشتد في سنده " .

              حدثنا محمد بن إبراهيم ، ثنا أبو يعلى ، ثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق قال : سمعت أبي يقول : قال عبد الله بن المبارك لرجل : " إن ابتليت بالقضاء فعليك بالأثر " .

              حدثنا محمد ، ثنا أبو يعلى ، ثنا محمد بن علي قال : سمعت أبي يقول : سمعت عبد الله بن المبارك ، يقول : ليس عندنا في الصرف اختلاف ، وليس في المسح عندنا اختلاف ، وربما سألني الرجل عن المسح فأرتاب به أن يكون صاحب هوى ، قال : فحمدوا ، أما المتعة فعبدان أخبرني عن عبد الله أنه قال : حرام .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا جعفر بن إبراهيم بن عمر بن حبيب قال : سمعت سعيد بن يعقوب الطالقاني ، يقول : قال رجل لابن المبارك : بقي من ينصح ؟ قال : " فهل بقي من يقبل ؟ " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال : [ ص: 167 ] دفع إلي رجل من أهل مرو كتابا فيه : سئل عبد الله بن المبارك : ما ينبغي للعالم أن يتكرم عنه ، قال : " ينبغي أن يتكرم عما حرم الله تعالى عليه ويرفع نفسه عن الدنيا ، فلا تكون منه على بال " . قال : وسئل عبد الله ، وقيل له : ما ينبغي أن يجعل عظة شكرنا له ؟ قال : " زيادة آخرتكم ونقصان دنياكم ، وذلك أن زيادة آخرتكم لا تكون إلا بنقصان دنياكم ، وزيادة دنياكم لا تكون إلا بنقصان آخرتكم " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا عبد الله ، ثنا محمد بن أحمد المروزي ، عن عبدان بن عثمان ، عن سفيان بن عبد الملك ، عن عبد الله بن المبارك ، قال : " حب الدنيا في القلب ، والذنوب احتوشته فمتى يصل الخير إليه ؟ " .

              حدثنا أبي ، ثنا أحمد ، ثنا عبد الله ، ثنا محمد بن إدريس ، ثنا عبدة بن سليمان ، ثنا ابن المبارك قال : قال الحسن : " خباث كل عيدانك ، قد مصصناه فوجدناه مرا " .

              حدثنا عمر بن أحمد بن شاهين ، ثنا محمد بن سليمان الحراني ، ثنا حسين بن محمد الضحاك ، ثنا الحسين بن الحسن المروزي ، قال : سمعت ابن المبارك ، يقول : " أهل الدنيا خرجوا من الدنيا قبل أن يتطعموا أطيب ما فيها ، قيل له : وما أطيب ما فيها ؟ قال : المعرفة بالله عز وجل " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا جعفر بن الصقر ، ثنا محمد بن يزيد العطار ، ثنا أبو بلال الأشعري ، ثنا قطن بن سعيد قال : " ما أفطر ابن المبارك قط ولا رئي صائما قط " .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن علي ، ثنا أحمد بن منصور ، ثنا عباس بن عبد الله قال : قال عبد الله بن المبارك : " لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم يتورع عن شيء واحد لم يكن ورعا ، ومن كان فيه خلة من الجهل كان من الجاهلين ، أما سمعت الله تعالى قال لنوح عليه السلام : ( فقال رب إن ابني من أهلي ) فقال الله : ( إني أعظك أن تكون من الجاهلين ) .

              حدثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا الفضيل بن محمد البيهقي قال : سمعت سنيد بن داود ، يقول : سألت ابن المبارك : من الناس ؟ قال : العلماء ، قلت : فمن الملوك ؟ قال : الزهاد [ ص: 168 ] قلت : فمن الغوغاء ؟ قال : خزيمة وأصحابه ، قلت : فمن السفلة ؟ قال : الذين يعيشون بدينهم " .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إبراهيم بن محمد بن علي ، ثنا أحمد بن منصور ، ثنا عباس بن عبد الله ، قال : قيل لعبد الله بن المبارك : من أئمة الناس ؟ قال " سفيان وذووه ، قيل له : من سفلة الناس ، قال : " من يأكل بدينه " .

              حدثنا محمد بن علي ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد بن يزيد ، ثنا إسماعيل الطوسي ، قال ابن المبارك : " يكون مجلسك مع المساكين ، وإياك أن تجلس مع صاحب بدعة " .

              حدثنا محمد ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد قال : سمعت عبد الله بن عمر السرخسي ، يقول : إن الحارث قال : أكلت عند صاحب بدعة أكلة ، فبلغ ذلك ابن المبارك فقال : " لا كلمتك ثلاثين يوما " .

              حدثنا محمد ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد قال : سمعت الفضيل ، يقول : قال ابن المبارك : " أكثركم علما ينبغي أن يكون أشدكم خوفا " . وقال لي ابن المبارك : " استعد للموت ولما بعد الموت ، قال الفضيل : فشهق علي شهقة فلم يزل مغشيا عليه عامة الليل " .

              حدثنا محمد ، ثنا أبو يعلى ، ثنا عبد الصمد ، ثنا عبد الله بن عمر السرخسي ، ثنا الحارث قال : قال لي ابن المبارك : " قد جمعت العلماء فليس فيما جمعت أحب إلي من علم الفضيل بن عياض " . قال عبد الله : " وما أعياني شيء كما أعياني أني لا أجد أخا في الله " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا محمد بن وهيب بن هشام ، قال : قال عبد الله بن المبارك : " ودعني ابن جريج ، فقال : أستودعك الله إن كنت لمأمونا ، قال : وودعني ابن عوف ، فقال : إن استطعت أن تكون مهتارا بذكر الله فكن " .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق قال : سمعت عباد بن الوليد العنبري أبا بدر قال : سمعت إبراهيم بن شماس ، يقول : قال ابن المبارك : " إذا عرف الرجل قدر نفسه يصير عند نفسه أذل من الكلب " .

              [ ص: 169 ] حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق قال : سمعت محمود بن المضاء ، يقول : سمعت عبيد بن جناد ، يقول : ما رأيت أحدا مثل ابن المبارك إذا ذكر أصحابه فخمهم ، يقول : وأين مثل فلان ؟ ، ثم يقول : " الرفيع من يرفعه الله بطاعته ، والوضيع من وضعه " .

              حدثنا إسحاق بن أحمد بن علي ، ثنا إبراهيم بن يوسف بن خالد ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، قال : سمعت أبا داود الطيالسي ، يقول : قلت لعبد الله بن المبارك : إنا نقرأ بهذه الألحان ، فقال : " إنما كره لكم منها ، إنا أدركنا القراء وهم يؤتون تسمع قراءتهم ، وأنتم تدعون اليوم كما يدعى المغنون " .

              حدثنا إسحاق بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن يوسف ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، حدثني بعض أصحابنا ، قال : " جاء عبد الله بن أبي العباس الطرسوسي ، وكان واليا بمرو إلى منزل عبد الله بن المبارك بالليل ، ومعه كاتبه والدواة والقرطاس معه ، قال : فسأله عن حديث فأبى أن يحدثه ، ثم سأله عن حديث فأبى أن يحدثه - ثلاث مرار - فقال لكاتبه : اطو قرطاسك ، ما أرى أبا عبد الرحمن يرانا أهلا أن يحدثنا ، فلما قام يركب مشى معه ابن المبارك إلى باب الدار ، فقال له : يا أبا عبد الرحمن لم ترنا أهلا أن تحدثنا ، وتمشي معنا ؟ فقال : " إني أحببت أن أذل لك بدني ولا أذل لك حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال أحمد : فحدثت به محمد بن أبي شيبة ابن أخت ابن المبارك فقال : " ما حفظ الذي حدثك ، لم يمش معه إنما قام ذلك ليركب ، وقام خالي إلى قاعة الدار يبول " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية