(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون )
ثم قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء إنهم لكاذبون )
لما بين الله تعالى الفرق الثلاثة وأحوالهم ، وذكر أن الكافر يدعو من يقول آمنت إلى الكفر بالفتنة ، وبين أن عذاب الله فوقها ، وكان الكافر يقول للمؤمن تصبر في الذل وعلى الإيذاء لأي شيء ولم لا تدفع عن نفسك الذل والعذاب بموافقتنا ؟ فكان جواب المؤمن أن يقول : خوفا من عذاب الله على خطيئة مذهبكم ، فقالوا لا خطيئة فيه ، وإن كان فيه خطيئة فعلينا ، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : (ولنحمل) صيغة أمر ، والمأمور غير الأمر ، فكيف يصح أمر النفس من الشخص ؟ فنقول الصيغة أمر ، والمعنى شرط وجزاء ، أي إن اتبعتمونا حملنا خطاياكم ، قال صاحب "الكشاف" : هو في معنى قول من يريد اجتماع أمرين في الوجود ، فيقول ليكن منك العطاء وليكن مني الدعاء ، فقوله : (ولنحمل) ، أي ليكن منا الحمل ، وليس هو في الحقيقة أمر طلب وإيجاب .
المسألة الثانية : قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وما هم بحاملين من خطاياهم ) وقال بعد هذا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=13وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم )
[ ص: 37 ] فهناك نفى الحمل ، وههنا أثبت الحمل ، فكيف الجمع بينهما ؟ فنقول : قول القائل : فلان حمل عن فلان يفيد أن حمل فلان خف ، وإذا لم يخف حمله فلا يكون قد حمل منه شيئا ، فكذلك ههنا ما هم بحاملين من خطاياهم يعني لا يرفعون عنهم خطيئة ، وهم يحملون أوزارا بسبب إضلالهم ويحملون أوزارا بسبب ضلالتهم ، كما قال النبي عليه السلام : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013556nindex.php?page=treesubj&link=30514_30531_29697_32456_32023_30495من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من وزره شيء " .
المسألة الثالثة : الصيغة أمر ، والأمر لا يدخله التصديق والتكذيب ، فكيف يفهم قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12إنهم لكاذبون ) نقول : قد تبين أن معناه شرط وجزاء ، فكأنهم قالوا : إن تتبعونا نحمل خطاياكم ، وهم كذبوا في هذا فإنهم لا يحملون شيئا .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ )
لَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى الْفِرَقَ الثَّلَاثَةَ وَأَحْوَالَهُمْ ، وَذَكَرَ أَنَّ الْكَافِرَ يَدْعُو مَنْ يَقُولُ آمَنْتُ إِلَى الْكُفْرِ بِالْفِتْنَةِ ، وَبَيَّنَ أَنَّ عَذَابَ اللَّهِ فَوْقَهَا ، وَكَانَ الْكَافِرُ يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِ تَصْبِرُ فِي الذُّلِّ وَعَلَى الْإِيذَاءِ لِأَيِّ شَيْءٍ وَلِمَ لَا تَدْفَعُ عَنْ نَفْسِكَ الذُّلَّ وَالْعَذَابَ بِمُوَافَقَتِنَا ؟ فَكَانَ جَوَابُ الْمُؤْمِنِ أَنْ يَقُولَ : خَوْفًا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ عَلَى خَطِيئَةِ مَذْهَبِكُمْ ، فَقَالُوا لَا خَطِيئَةَ فِيهِ ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ خَطِيئَةٌ فَعَلَيْنَا ، وَفِي الْآيَةِ مَسَائِلُ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : (وَلْنَحْمِلْ) صِيغَةُ أَمْرٍ ، وَالْمَأْمُورُ غَيْرُ الْأَمْرِ ، فَكَيْفَ يَصِحُّ أَمْرُ النَّفْسِ مِنَ الشَّخْصِ ؟ فَنَقُولُ الصِّيغَةُ أَمْرٌ ، وَالْمَعْنَى شَرْطٌ وَجَزَاءٌ ، أَيْ إِنِ اتَّبَعْتُمُونَا حَمَلْنَا خَطَايَاكُمْ ، قَالَ صَاحِبُ "الْكَشَّافِ" : هُوَ فِي مَعْنَى قَوْلِ مَنْ يُرِيدُ اجْتِمَاعَ أَمْرَيْنِ فِي الْوُجُودِ ، فَيَقُولُ لِيَكُنْ مِنْكَ الْعَطَاءُ وَلْيَكُنْ مِنِّي الدُّعَاءُ ، فَقَوْلُهُ : (وَلْنَحْمِلْ) ، أَيْ لِيَكُنْ مِنَّا الْحَمْلُ ، وَلَيْسَ هُوَ فِي الْحَقِيقَةِ أَمْرُ طَلَبٍ وَإِيجَابٍ .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ) وَقَالَ بَعْدَ هَذَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=13وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ )
[ ص: 37 ] فَهُنَاكَ نَفَى الْحَمْلَ ، وَهَهُنَا أَثْبَتَ الْحَمْلَ ، فَكَيْفَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا ؟ فَنَقُولُ : قَوْلُ الْقَائِلِ : فُلَانٌ حَمَلَ عَنْ فُلَانٍ يُفِيدُ أَنَّ حِمْلَ فُلَانٍ خَفَّ ، وَإِذَا لَمْ يَخِفَّ حِمْلُهُ فَلَا يَكُونُ قَدْ حَمَلَ مِنْهُ شَيْئًا ، فَكَذَلِكَ هَهُنَا مَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ يَعْنِي لَا يَرْفَعُونَ عَنْهُمْ خَطِيئَةً ، وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارًا بِسَبَبِ إِضْلَالِهِمْ وَيَحْمِلُونَ أَوْزَارًا بِسَبَبِ ضَلَالَتِهِمْ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=16013556nindex.php?page=treesubj&link=30514_30531_29697_32456_32023_30495مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ وِزْرِهِ شَيْءٌ " .
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : الصِّيغَةُ أَمْرٌ ، وَالْأَمْرُ لَا يَدْخُلُهُ التَّصْدِيقُ وَالتَّكْذِيبُ ، فَكَيْفَ يُفْهَمُ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=12إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ) نَقُولُ : قَدْ تَبَيَّنَ أَنَّ مَعْنَاهُ شَرْطٌ وَجَزَاءٌ ، فَكَأَنَّهُمْ قَالُوا : إِنْ تَتَّبِعُونَا نَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ ، وَهُمْ كَذَبُوا فِي هَذَا فَإِنَّهُمْ لَا يَحْمِلُونَ شَيْئًا .