الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            ( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقرضوا الله قرضا حسنا ) ثم إنه تعالى ذكر الحكمة في هذا النسخ فقال تعالى : ( علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أن تقدير هذه الآية كأنه قيل : لم نسخ الله ذلك ؟ فقال : لأنه علم كذا وكذا ، والمعنى لتعذر القيام على المرضى والضاربين في الأرض للتجارة والمجاهدين في سبيل الله ، أما المرضى فإنهم لا يمكنهم الاشتغال بالتهجد لمرضهم ، وأما المسافرون والمجاهدون فهم مشتغلون في النهار بالأعمال الشاقة ، فلو لم يناموا في الليل لتوالت أسباب المشقة عليهم ، وهذا السبب ما كان موجودا في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، كما قال تعالى : ( إن لك في النهار سبحا طويلا ) فلا جرم ما صار وجوب التهجد منسوخا في حقه . ومن لطائف هذه الآية أنه تعالى سوى بين المجاهدين والمسافرين للكسب الحلال ، وعن ابن مسعود : " أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند الله من الشهداء " ، ثم أعاد مرة أخرى قوله : ( فاقرءوا ما تيسر منه ) وذلك للتأكيد ثم قال : ( وأقيموا الصلاة ) يعني المفروضة ( وآتوا الزكاة ) أي الواجبة ، وقيل : زكاة الفطر لأنه لم يكن بمكة زكاة وإنما وجبت بعد ذلك ، ومن فسرها بالزكاة الواجبة جعل آخر السورة مدنيا . [ ص: 166 ] قوله تعالى : ( وأقرضوا الله قرضا حسنا ) فيه ثلاثة أوجه :

                                                                                                                                                                                                                                            أحدها : أنه يريد سائر الصدقات .

                                                                                                                                                                                                                                            وثانيها : يريد أداء الزكاة على أحسن وجه ، وهو إخراجها من أطيب الأموال وأكثرها نفعا للفقراء ، ومراعاة النية ، وابتغاء وجه الله ، والصرف إلى المستحق .

                                                                                                                                                                                                                                            وثالثها : يريد كل شيء يفعل من الخير مما يتعلق بالنفس والمال .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية