(
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=31أخرج منها ماءها ومرعاها )
الصفة الثانية : قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=29050_32415_28659_30340_31756أخرج منها ماءها ومرعاها ) وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ماؤها عيونها المتفجرة بالماء ومرعاها رعيها، وهو في الأصل موضع الرعي، ونصب الأرض والجبال بإضمار دحا وأرسى على شريطة التفسير، وقرأهما
الحسن مرفوعين على الابتداء، فإن قيل : هلا أدخل حرف العطف على أخرج! قلنا : لوجهين : الأول : أن يكون معنى دحاها بسطها ومهدها للسكنى، ثم فسر التمهيد بما لا بد منه في تأتي سكناها من تسوية أمر المشارب والمآكل وإمكان القرار عليها بإخراج الماء والمرعى وإرساء الجبال وإثباتها أوتادا لها حتى تستقر ويستقر عليها . والثاني : أن يكون ( أخرج ) حالا، والتقدير : والأرض بعد ذلك دحاها حال ما أخرج منها ماءها ومرعاها .
المسألة الثانية : أراد بمرعاها ما يأكل الناس والأنعام، ونظيره قوله في النحل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=10أنزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ) [النحل : 10] وقال في سورة أخرى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أنا صببنا الماء صبا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=26ثم شققنا الأرض شقا ) [عبس : 25] إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33متاعا لكم ولأنعامكم ) فكذا في هذه الآية، واستعير الرعي للإنسان كما استعير الرتع في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12يرتع ويلعب ) [يوسف : 12] وقرئ نرتع من الرعي، ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وجعلنا من الماء كل شيء حي ) [الأنبياء : 30] فانظر كيف دل بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=31ماءها ومرعاها ) على جميع ما أخرجه من الأرض قوتا ومتاعا للأنام من العشب والشجر، والحب والثمر والعصف والحطب، واللباس والدواء حتى النار والملح، أما النار فلا شك أنها من العيدان، قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=71أفرأيتم النار التي تورون nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=72أأنتم أنشأتم شجرتها أم نحن المنشئون ) [الواقعة : 72] وأما الملح فلا شك أنه متولد من الماء، وأنت إذا تأملت علمت أن جميع ما يتنزه به الناس في الدنيا ويتلذذون به، فأصله الماء والنبات، ولهذا السبب تردد في وصف الجنة ذكرهما، فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11جنات تجري من تحتها الأنهار ) [البروج : 11]، ثم الذي يدل على أنه تعالى أراد بالمرعى كل ما يأكله الناس والأنعام قوله في آخر هذه الآية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33متاعا لكم ولأنعامكم ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=31أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا )
الصِّفَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=31nindex.php?page=treesubj&link=29050_32415_28659_30340_31756أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) وَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ :
الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : مَاؤُهَا عُيُونُهَا الْمُتَفَجِّرَةُ بِالْمَاءِ وَمَرْعَاهَا رَعْيُهَا، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ مَوْضِعُ الرَّعْيِ، وَنَصْبُ الْأَرْضِ وَالْجِبَالِ بِإِضْمَارِ دَحَا وَأَرْسَى عَلَى شَرِيطَةِ التَّفْسِيرِ، وَقَرَأَهُمَا
الْحَسَنُ مَرْفُوعَيْنِ عَلَى الِابْتِدَاءِ، فَإِنْ قِيلَ : هَلَّا أَدْخَلَ حَرْفَ الْعَطْفِ عَلَى أَخْرَجَ! قُلْنَا : لِوَجْهَيْنِ : الْأَوَّلُ : أَنْ يَكُونَ مَعْنَى دَحَاهَا بَسَطَهَا وَمَهَّدَهَا لِلسُّكْنَى، ثُمَّ فَسَّرَ التَّمْهِيدَ بِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي تَأَتِّي سُكْنَاهَا مِنْ تَسْوِيَةِ أَمْرِ الْمَشَارِبِ وَالْمَآكِلِ وَإِمْكَانِ الْقَرَارِ عَلَيْهَا بِإِخْرَاجِ الْمَاءِ وَالْمَرْعَى وَإِرْسَاءِ الْجِبَالِ وَإِثْبَاتِهَا أَوْتَادًا لَهَا حَتَّى تَسْتَقِرَّ وَيُسْتَقَرَّ عَلَيْهَا . وَالثَّانِي : أَنْ يَكُونَ ( أَخْرَجَ ) حَالًا، وَالتَّقْدِيرُ : وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا حَالَ مَا أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : أَرَادَ بِمَرْعَاهَا مَا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ، وَنَظِيرُهُ قَوْلُهُ فِي النَّحْلِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=10أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ) [النَّحْلِ : 10] وَقَالَ فِي سُورَةٍ أُخْرَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=25أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا nindex.php?page=tafseer&surano=80&ayano=26ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا ) [عَبَسَ : 25] إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) فَكَذَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ، وَاسْتُعِيرَ الرَّعْيُ لِلْإِنْسَانِ كَمَا اسْتُعِيرَ الرَّتْعُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=12يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ) [يُوسُفَ : 12] وَقُرِئَ نَرْتَعْ مِنَ الرَّعْيِ، ثُمَّ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابْنُ قُتَيْبَةَ : قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=30وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) [الْأَنْبِيَاءِ : 30] فَانْظُرْ كَيْفَ دَلَّ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=31مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا ) عَلَى جَمِيعِ مَا أَخْرَجَهُ مِنَ الْأَرْضِ قُوتًا وَمَتَاعًا لِلْأَنَامِ مِنَ الْعُشْبِ وَالشَّجَرِ، وَالْحَبِّ وَالثَّمَرِ وَالْعَصْفِ وَالْحَطَبِ، وَاللِّبَاسِ وَالدَّوَاءِ حَتَّى النَّارِ وَالْمِلْحِ، أَمَّا النَّارُ فَلَا شَكَّ أَنَّهَا مِنَ الْعِيدَانِ، قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=71أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=72أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ) [الْوَاقِعَةِ : 72] وَأَمَّا الْمِلْحُ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ مُتَوَلِّدٌ مِنَ الْمَاءِ، وَأَنْتَ إِذَا تَأَمَّلْتَ عَلِمْتَ أَنَّ جَمِيعَ مَا يَتَنَزَّهُ بِهِ النَّاسُ فِي الدُّنْيَا وَيَتَلَذَّذُونَ بِهِ، فَأَصْلُهُ الْمَاءُ وَالنَّبَاتُ، وَلِهَذَا السَّبَبِ تَرَدَّدَ فِي وَصْفِ الْجَنَّةِ ذِكْرُهُمَا، فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=85&ayano=11جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) [الْبُرُوجِ : 11]، ثُمَّ الَّذِي يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى أَرَادَ بِالْمَرْعَى كُلَّ مَا يَأْكُلُهُ النَّاسُ وَالْأَنْعَامُ قَوْلُهُ فِي آخِرِ هَذِهِ الْآيَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=79&ayano=33مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ) .