الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 167 ) فصل : وإذا قلنا بجواز مسح البعض ، فمن أي موضع مسح أجزأه ; لأن الجميع رأس ، إلا أنه لا يجزئ مسح الأذنين عن الرأس ; لأنهما تبع ، فلا يجتزئ بهما عن الأصل ، والظاهر عن أبي عبد الله أنه لا يجب مسحهما ، وإن وجب الاستيعاب ; لأن الرأس عند إطلاق لفظه إنما يتناول ما عليه الشعر . واختلف أصحابنا في قدر البعض المجزئ ، فقال القاضي : قدر الناصية ; لحديث المغيرة . أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح ناصيته .

                                                                                                                                            وحكى أبو الخطاب ، وبعض أصحاب الشافعي ، عن أحمد : أنه لا يجزئ إلا مسح أكثره ; لأن الأكثر ينطلق عليه اسم الشيء الكامل . وقال أبو حنيفة يجزئ مسح ربعه . وقال الشافعي يجزئ مسح ما يقع عليه الاسم ، وأقله ثلاث شعرات .

                                                                                                                                            وحكي عنه : لو مسح ثلاث شعرات ، وحكي عنه : لو مسح شعرة ، أجزأه ، لوقوع الاسم عليها . ووجه ما قاله القاضي : إن فعل النبي صلى الله عليه وسلم يصلح بيانا لما أمر به ، فيحمل عليه . ( 168 ) فصل : والمستحب في مسح الرأس أن يبل يديه ثم يضع طرف إحدى سبابتيه على طرف الأخرى ويضعهما على مقدم رأسه ، ويضع الإبهامين على الصدغين ، ثم يمر يديه إلى قفاه ، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه . كما روى عبد الله بن زيد { في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : فمسح رأسه بيديه ، فأقبل بهما وأدبر ، بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه . } متفق عليه .

                                                                                                                                            وكذلك وصف المقدام بن معدي كرب ، رواه أبو داود . فإن كان ذا شعر يخاف أن ينتفش برد يديه لم يردهما . نص عليه أحمد فإنه قيل له : من له شعر إلى منكبيه ، كيف يمسح في الوضوء ؟ فأقبل أحمد بيديه على رأسه مرة ، وقال : هكذا كراهية أن ينتشر شعره . يعني أنه يمسح إلى قفاه ولا يرد يديه .

                                                                                                                                            قال أحمد حديث علي هكذا . وإن شاء مسح ، كما روي عن الربيع ، { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها ، فمسح رأسه كله من فرق الشعر كل ناحية لمصب الشعر لا يحرك الشعر عن هيئته . } رواه أبو داود .

                                                                                                                                            وسئل أحمد كيف تمسح المرأة ؟ فقال : هكذا . ووضع يده على وسط رأسه ، ثم [ ص: 88 ] جرها إلى مقدمه ، ثم رفعها فوضعها حيث منه بدأ ، ثم جرها إلى مؤخره . وكيف مسح بعد استيعاب قدر الواجب أجزأه .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية