الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 439 ) فصل : ومن شروط جواز المسح على العمامة ، أن تكون ساترة لجميع الرأس ، إلا ما جرت العادة بكشفه ، كمقدم الرأس والأذنين ، وشبههما من جوانب الرأس ، فإنه يعفى عنه ، بخلاف الخرق اليسير في الخف ، فإنه لا يعفى عنه ; لأن هذا الكشف جرت العادة به لمشقة التحرز عنه ، وإن كان تحت العمامة قلنسوة يظهر بعضها ، فالظاهر جواز المسح عليهما ; لأنهما صارا كالعمامة الواحدة .

                                                                                                                                            ومن شروط جواز المسح عليها ، أن تكون على صفة عمائم المسلمين ، بأن يكون تحت الحنك منها شيء ; لأن هذه عمائم العرب ، وهي أكثر سترا من غيرها ، ويشق نزعها ، فيجوز المسح عليها ، سواء كانت لها ذؤابة أو لم يكن . قاله القاضي .

                                                                                                                                            وسواء كانت صغيرة أو كبيرة وإن لم يكن تحت الحنك منها شيء ، ولا لها ذؤابة ، لم يجز المسح عليها ; لأنها على صفة عمائم أهل الذمة ولا يشق نزعها . وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم { أنه أمر بالتلحي ، ونهى عن الاقتعاط } . رواه أبو عبيد ، قال : والاقتعاط أن لا يكون تحت الحنك منها شيء . وروي أن عمر رضي الله عنه رأى رجلا ليس تحت حنكه من عمامته شيء ، فحنكه بكور منها ، وقال : ما هذه الفاسقية ؟ فامتنع المسح عليها للنهي عنها ، وسهولة نزعها .

                                                                                                                                            وإن كانت ذات ذؤابة ، ولم تكن محنكة ، ففي المسح عليها وجهان : أحدهما ، جوازه ; لأنه لا تشبه عمائم أهل الذمة ، إذ ليس من عادتهم الذؤابة . والثاني ، لا يجوز ; لأنها داخلة في عموم النهي ، ولا يشق نزعها .

                                                                                                                                            ( 440 ) فصل : وإذا كان بعض الرأس مكشوفا ، مما جرت العادة بكشفه ، استحب أن يمسح عليه مع العمامة . نص عليه أحمد ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته وناصيته ، في حديث المغيرة بن شعبة ، وهو حديث صحيح . قاله الترمذي . وهل الجمع بينهما واجب ؟ وقد توقف أحمد عنه ، فيخرج فيها وجهان : أحدهما ، وجوبه ; للخبر ; ولأن العمامة نابت عما استتر ، فبقي الباقي على مقتضى الأصل ، كالجبيرة .

                                                                                                                                            والثاني ، لا يجب ; لأن العمامة نابت عن الرأس ، فتعلق الحكم بها ، وانتقل الفرض إليها ، فلم يبق لما ظهر حكم ; ولأن وجوبهما معا يفضي إلى الجمع بين بدل ومبدل في عضو واحد ، فلم يجز من غير ضرورة كالخف . وعلى هذا تخرج الجبيرة . ولا خلاف في أن الأذنين لا يجب مسحهما ; لأنه لم ينقل ذلك ، وليسا من الرأس ، إلا على وجه التبع .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية