الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1857 - مسألة : ولا يصح nindex.php?page=treesubj&link=11320_11319نكاح على شرط أصلا ، حاشا الصداق الموصوف في الذمة أو المدفوع ، أو المعين ، وعلى أن لا يضر بها في نفسها ومالها : إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان .
وأما بشرط هبة أو بيع أو أن لا يتسرى عليها ، أو أن لا يرحلها ، أو غير ذلك كله ، فإن اشترط ذلك في نفس العقد فهو عقد مفسوخ ، وإن اشترط ذلك بعد العقد فالعقد صحيح والشروط كلها باطل ، سواء عقدها بعتق أو بطلاق أو بأن أمرها بيدها ، أو أنها بالخيار كل ذلك باطل .
وكذلك إن تزوجها على حكمه ، أو على حكمها ، أو على حكم فلان ، فكل ذلك عقد فاسد - وقد أجاز بعض ذلك قوم - : روينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن أيوب عن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين : أن الأشعث تزوج امرأة على حكمها ثم طلقها قبل أن يتفقا على صداق ، فجعل لها nindex.php?page=showalam&ids=2عمر صداق امرأة من نسائها - وهذا منقطع عن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، لأن nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين لم يولد إلا بعد موت nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رضي الله عنه .
ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق عن nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أنه قال : فمن تزوج على حكمه : إنه ليس لها إلا ما حكم به الزوج .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، والأوزاعي : إن اتفقا على شيء إذا تزوجها على حكمها أو حكمه جاز ، فإن لم يتفقا قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، والأوزاعي : فلها مهر مثلها .
[ ص: 124 ] وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : يفسخ قبل الدخول ولها مهر مثلها بعد الدخول . قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا شرط فاسد ، لأنه مجهول ، قد يمكن أن تحتكم هي بجميع ما في العالم ، وقد يمكن أن يحتكم هو بلا شيء ، فما كان هكذا فهو شرط ليس في كتاب الله عز وجل فهو باطل ، والنكاح عليه باطل مفسوخ .
فأما إن اشترطا ذلك بعد عقد النكاح فالعقد صحيح ، ولها مهر مثلها ، إلا أن يتراضيا بأقل أو أكثر . وقول nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يفسخ النكاح إن لم يتفقا : خطأ ، لأنه فسخ نكاح صحيح بغير أمر من الله تعالى بذلك ولا من رسوله صلى الله عليه وسلم .
روينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري نا nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى عن زكريا - هو ابن أبي زائدة - عن محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن nindex.php?page=showalam&ids=12031أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=31418لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فإنما لها ما قدر لها } فمن اشترط ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو شرط باطل ، وإن عقد عليه نكاح فالنكاح باطل .
ومن ذلك أن لا يشترط لها أن لا يرحلها فاختلف الناس في ذلك - : فروينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد عن nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر عن nindex.php?page=showalam&ids=16345عبد الرحمن بن غنم : أنه شهد عند nindex.php?page=showalam&ids=2عمر رجل أتاه فأخبره أنه تزوج امرأة وشرط لها دارها ؟ فقال له nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : لها شرطها ، فقال له رجل عنده : هلكت الرجال إذ لا تشاء امرأة تطلق زوجها إلا طلقته ؟ فقال nindex.php?page=showalam&ids=2عمر : المسلمون على شروطهم عند مقاطع حقوقهم .
وبه إلى سعيد نا nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان - هو ابن عيينة - نا nindex.php?page=showalam&ids=16395عبد الكريم الجزري عن أبي عبيد : [ ص: 125 ] أن nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية أتي في ذلك فاستشار nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ؟ فقال : لها شرطها - وهو قول القاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=15959وسالم بن عبد الله ، nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد - وروي عن nindex.php?page=showalam&ids=16097شريح .
وقال آخرون بإبطال ذلك - : كما روينا من طريق nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور نا nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث عن كثير بن فرقد عن سعيد بن عبيد بن السباق أن رجلا تزوج على عهد nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فشرط لها أن لا يخرجها ، فوضع nindex.php?page=showalam&ids=2عمر عنه الشرط وقال : المرأة مع زوجها .
وبه إلى سفيان عن nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى عن nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو عن عباد عن nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب في nindex.php?page=treesubj&link=11323_11322_11320_11319الرجل يتزوج المرأة يشترط لها دارها ؟ فقال : شرط الله قبل شرطها .
ومن طريق nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور ، نا nindex.php?page=showalam&ids=17249هشيم نا مغيرة ، nindex.php?page=showalam&ids=17419ويونس ، قال مغيرة : عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم ، وقال nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس : عن الحسن ، قالا جميعا : يجوز النكاح ويبطل الشرط . قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك : يبطل الشرط إلا أن يكون معلقا بطلاق أو بعتاق ، أو بأن يكون أمرها بيدها أو بتخييرها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : هذا قول لم يأت عن أحد من الصحابة ، فهو خلاف لكل ما روي عنهم في ذلك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : احتج من قال بإلزام هذه الشروط - : بما رويناه من طريق أحمد بن شعيب نا عيسى بن حماد زغبة ، أخبرنا nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد عن nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر الجهني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=51282إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج } .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : هذا خبر صحيح ، ولا متعلق لهم به ، لأنهم لا يختلفون معنا ، ولا مسلم على ظهر الأرض : في أنه إن nindex.php?page=treesubj&link=11326_11325_11323_11322شرط لها أن تشرب الخمر ، أو أن تأكل لحم [ ص: 126 ] الخنزير ، أو أن تدع الصلاة ، أو أن تدع صوم رمضان ، أو أن يغني لها ، أو أن يزفن لها ، ونحو ذلك : أن كل ذلك كله باطل لا يلزمه .
فقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرد قط في هذا الخبر شرطا فيه تحريم حلال ، أو تحليل حرام ، أو إسقاط فرض ، أو إيجاب غير فرض ، لأن كل ذلك خلاف لأوامر الله تعالى ، ولأوامره عليه الصلاة والسلام .
nindex.php?page=treesubj&link=11317_11316واشتراط المرأة أن لا يتزوج ، أو أن لا يتسرى ، أو أن لا يغيب عنها أو أن لا يرحلها عن دارها - كل ذلك تحريم حلال ، وهو وتحليل الخنزير والميتة سواء ، في أن كل ذلك خلاف لحكم الله عز وجل .
فصح أنه عليه الصلاة والسلام إنما أراد شرط الصداق الجائز الذي أمرنا الله تعالى به ، وهو الذي استحل به الفرج لا ما سواه .
وأما تعليق ذلك كله بطلاق ، أو بعتاق ، أو تخييرها ، أو تمليكها أمرها فكل ذلك باطل لما ذكرنا في " كتاب الأيمان " من كتابنا هذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { nindex.php?page=hadith&LINKID=37127من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله } .
فصح أن من حلف بغير الله تعالى فليس حالفا ، ولا هي يمينا ، وهو باطل ليس فيه إلا استغفار الله تعالى والتوبة فقط ، ولما نذكره بعد هذا - إن شاء الله عز وجل - من أن تخيير الرجل امرأته ، أو تمليكه إياها أمرها : كل ذلك باطل ، لأن الله تعالى لم يوجب قط شيئا من ذلك ، ولا رسوله صلى الله عليه وسلم .
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : { nindex.php?page=hadith&LINKID=36820من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد } فكل ذلك باطل ، ولا يكون للمرأة خيار في فراق زوجها أو البقاء معه إلا حيث جعله الله تعالى في المعتقة ، ولا تملك المرأة أمر نفسها أبدا - فسقط كل ما ذكرنا - وبالله تعالى التوفيق .
ولا يجوز nindex.php?page=treesubj&link=11206_11402النكاح على أن يكون الصداق وصيفا غير موصوف ، أو خادما غير موصوفة ، أو بيتا غير موصوف ولا محدود ، وكل ذلك يبطل النكاح إن عقد عليه ، لأنه مجهول لا يعرف ما هو ، فلم يتفقا على صداق معروف ، بل على مالها أن تقول : قيمة كل ذلك ألف دينار ، ويقول هو : بل عشرة دنانير ، وإن تعاقدا ذلك بعد صحة النكاح ، [ ص: 127 ] فالنكاح صحيح ، والصداق فاسد ، ويقضي لها بمهر مثلها إن لم يتراضيا على أقل أو أكثر - : روينا إجازة ذلك عن nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي .
وصح عن nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة أنه قال : من تزوج على وصيف فإنه يقوم عربي وهندي ، وحبشي ، وتجمع القيم ويقضي لها بمثلها .
قال nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة : لها في الوصيف الأبيض خمسون مثقالا ، فإن أعطاها وصيفا يساوي خمسين دينارا من ذهب لم يكن لها غيره ، وإلا فيقضي عليه بتمام خمسين دينارا من ذهب ، ويقضي لها في البيت بأربعين دينارا من ذهب وفي الخادم بأربعين دينارا من ذهب .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064أبو محمد : في هذين القولين عجب يغني إيراده عن تكلف الرد عليه ، لما فيهما من التحكم البارد بالرأي الفاسد في دين الله تعالى .
وقال nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لها الوسط من ذلك .
قال nindex.php?page=showalam&ids=13064علي : وهذا عجب آخر ، وليت شعري كم هذا الوسط ؟ ومن الوصفاء ما يساوي خمسمائة دينار ، ومنهم من لا يساوي عشرين دينارا ، فظهر فساد هذه الآراء - والحمد لله رب العالمين .