الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          243 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          ومن كان معه ماء يسير يكفيه للوضوء وهو جنب تيمم للجنابة وتوضأ بالماء ، لا يبالي أيهما قدم ، لا يجزيه غير ذلك ، لأنهما فرضان متغايران ، وإذ هما كذلك فلا ينوب أحد عن الآخر على ما قدمنا ، وهو قادر على أن يؤدي أحدهما بكماله بالماء ، فلا يجزيه إلا ذلك ، ويؤدي الآخر بالتيمم أيضا كما أمر .

                                                                                                                                                                                          244 - مسألة :

                                                                                                                                                                                          فلو فضل له من الماء يسير فلو استعمله في بعض أعضائه ذهب [ ص: 362 ] ولم يمكنه أن يعم به سائر أعضائه ، ففرضه غسل ما أمكنه والتيمم ، وقال الشافعي يغسل به أي أعضائه شاء ويتيمم .

                                                                                                                                                                                          قال علي : قال أصحابنا : وهذا خطأ ، لأنه غير عاجز عن سائر أعضائه .

                                                                                                                                                                                          بمنع منها فيجزيه تطهير بعضها : ولكنه عاجز عن تطهير ما أمر بتطهيره بالماء ، ومن هذه صفته فالفرض عليه التيمم ولا بد ، بتعويض الله تعالى الصعيد من الماء إذا لم يوجد . وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          قال أبو محمد : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم } وهذا مستطيع لأن يأتي ببعض وضوئه أو ببعض غسله ، غير مستطيع على باقيه ، ففرض عليه أن يأتي من الغسل بما يستطيع في الأول ، فالأول من أعضاء الوضوء وأعضاء الغسل حيث بلغ ، فإذا نفد لزمه التيمم لباقي أعضائه ولا بد ، لأنه غير واجد للماء في تطهيرها ، فالواجب عليه تعويض التراب كما أمره الله تعالى ، فلو كان بعض أعضائه ذاهبا أو لا يقدر على مسه الماء لجرح أو كسر سقط حكمه ، قل أو كثر ، وأجزأه غسل ما بقي ، لأنه واجد للماء عاجز عن تطهير الأعضاء ، وليس من أهل التيمم لوجوده الماء وسقط عنه ما عجز عنه لقول الله تعالى : { لا يكلف الله نفسا إلا وسعها } وبالله التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية