الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وجاز سواك كل النهار )

                                                                                                                            ش : ابن عرفة والسواك باليابس كل النهار وفيها ولو بل ويكره بالرطب خوف تحلله ابن حبيب إلا لعالم ثم قال الباجي في قوله إن جهل مج ما اجتمع من سواك الرطب فلا شيء عليه نظر ; لأنه يغير ريقه ففي عمده الكفارة وفي نسيانه وتأويله القضاء ، انتهى .

                                                                                                                            ( فائدة ) قال عليه السلام : { لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك } . الخلوف بضم الخاء المعجمة واللام وسكون الواو وفاء وقال بعضهم : بفتح الخاء فقيل : خطأ ، وقيل : لغة قليلة وهو تغيير رائحة الفم واختلف في معناه ; لأنه تعالى منزه عن استطابة الروائح الطيبة فقال المازري : مجاز ; لأنه جرت العادة بتقريب الروائح الطيبة هنا فاستعير ذلك لتقريب الصوم من الله فالمعنى أنه أطيب عند الله من المسك عندكم أي يقرب إليه أكثر من تقريب المسك إليكم وقيل : إن ذلك في حق الملائكة وإنهم يستطيبون ريح الخلوف أكثر مما يستطيبون ريح المسك

                                                                                                                            وقيل : المعنى أن الخلوف أكثر ثوابا من المسك المندوب إليه في الجمع والأعياد وصححه النووي ونقل القاضي حسين أن للطاعات يوم القيامة ريحا فرائحة الصيام بين العبادات كالمسك ( فرع ) قال النووي في شرح المهذب : وقع نزاع بين ابن الصلاح والشيخ ابن عبد السلام في أن هذا الطيب في الدنيا والآخرة أم في الآخرة خاصة ؟ فقال ابن عبد السلام : في الآخرة خاصة ; لأن في رواية مسلم أطيب عند الله من ريح المسك يوم القيامة وقال ابن الصلاح : هو عام في الدنيا والآخرة واستدل بأشياء منها ما في رواية ابن حبان لخلوف فم الصائم حين يخلف إلخ وروى الحسن بن سنين في مسنده { أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا قال : وأما الثانية فإنهم يمسون وخلوف أفواههم أطيب إلخ } حسنه السمعاني في أماليه وكل واحد من الحديثين صريح في أنه وقت وجود الخلوف في الدنيا يتحقق وصفه بكونه أطيب من ريح المسك قال : وقد قال العلماء شرقا وغربا معنى ما ذكره في تفسير الخطابي طيبه عند الله رضاه به وثناؤه ابن عبد البر معناه أزكى عند الله وأقرب إليه وأرفع عنده من ريح المسك البغوي معناه الثناء على الصائم والرضا بفعله القدوري الحنفي معناه أفضل عند الله من الرائحة الطيبة ومثله للبوني من قدماء المالكية وكذا قال الصابوني والسمعاني وابن الصفار الشافعيون وابن العربي المالكي فهؤلاء أئمة المسلمين لم يذكروا سوى ما ذكرته ولم يذكر أحد منهم وجها في تخصيصه بالآخرة مع أن كتبهم جامعة للمشهور والغريب ومع أن رواية يوم القيامة في الصحيح بل جزموا بأنه بمعنى الرضا والقبول لما هو ثابت في الدنيا والآخرة وأما ذكر يوم القيامة في تلك الرواية فلأنه يوم الجزاء وفيه يظهر رجحان الخلوف على المسك ، انتهى . من حاشية الموطإ للشيخ جلال الدين السيوطي وانظر العارضة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية