الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وإنما يحصل فضلها بركعة )

                                                                                                                            ش : قال ابن حبيب وحد إدراك الركعة أن يمكن يديه من ركبتيه قبل رفع الإمام قال في التوضيح وحكى ابن العربي وسند الإجماع على هذه المسألة ، قال بعضهم : وينبغي أن تفوت الركعة على القول بأن عقد الركعة بتمكين اليدين انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عرفة : ولا يثبت حكم الجماعة بأقل من إدراك ركعة سمع ابن القاسم حدها إمكان يديه بركبتيه قبل رفع إمامه أبو عمر قول أبي هريرة من أدرك القوم ركوعا يعتد بها لم يقله أحد من فقهاء الأمصار وروي معناه عن أشهب ( قلت ) لعله لازم قوله : عقد الركعة وضع اليدين على الركبتين .

                                                                                                                            ( قلت ) : لو زوحم عن سجود الأخيرة مدركها حتى سلم إمامه فأتى به في أحد قولي ابن القاسم ففي كونه فيها فذا أو جماعة قولان من قولي ابن القاسم وأشهب في مثله في جمعة يتمها ظهرا أو جماعة الصقلي وابن رشد يدرك فضلها بجزء قبل [ ص: 83 ] سلامه انتهى .

                                                                                                                            وقال في القوانين في الباب الثامن عشر من كتاب الصلاة : من ركع فمكن يديه من ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع - فقد أدرك الركعة عند الأربعة انتهى .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) تقدم عند قول المصنف في فصل النفل : وإن أقيمت الصبح ، وهو بمسجد لابن رشد أن فضلها يحصل بإدراك الجلوس ، وفي باب قضاء المأموم من النوادر قال : ومن المختصر ومن وجد الإمام في آخر صلاته جالسا فأحب إلينا أن يكبر ويجلس فإن وجده راكعا أو ساجدا كبر للإحرام وأخرى يركع بها ويسجد انتهى .

                                                                                                                            ، وقال في النوادر أيضا في باب الإمام : تفسد صلاته ومن المجموعة ، قال سحنون : ومن أدرك التشهد الآخر فضحك الإمام فأفسد فأحب إلي لمدرك التشهد أن يبتدئ احتياطا ، ألا تراه أنه قد عقد أول صلاته اتباعا له ، وكذلك من أدرك ركعة فاستخلفه الإمام فأتم بهم قام يقضي لنفسه فضحك فأحب إلي أن يعيد القوم احتياطا ، وكأنه لم يوجبه في المسألتين انتهى .

                                                                                                                            وبالأولى من المسألتين رد ابن عرفة على ابن رشد في قوله : بإدراك فضل الجماعة بالجلوس ونصه الصقلي وابن رشد يدرك فضلها بجزء قبل سلامه .

                                                                                                                            ( قلت ) : نقل الشيخ عن سحنون من أدرك التشهد فضحك الإمام فأفسد فأحب للمدرك أن يبتدئ صلاته احتياطا خلافه انتهى .

                                                                                                                            ويمكن أن يقال : هذا حكم الإمامة ، وإنما يحصل بإدراك ركعة ، وأما الفضل فيحصل لما ورد للاتفاق على أن لصلاته فضلا على صلاة المنفرد ، والله أعلم .

                                                                                                                            ويحتمل أن يكون رد ابن عرفة على ابن رشد بأن كلام النوادر هذا يقتضي أنه يدرك حكم الإمامة أيضا فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            وقد صرح ابن رشد بأن من لم يدرك من صلاة الجماعة ركعة ، ودخل معهم فحكمه حكم المنفرد ، قاله في شرح المسألة الثالثة والعشرين من سماع أشهب قال : إذا لم يدرك من الصلاة ما يدخل به في حكم الإمام انتهى .

                                                                                                                            وعلى هذا يمكن أن يقال : يؤتم به حينئذ في صلاته ، ويمكن أن يقال : لا يقتدى به فيها ; لأنه لا يقوم للقضاء إلا بعد سلام الإمام وانظر آخر السهو من التوضيح ( الثاني ) قال في النوادر إثر كلامه المتقدم : ومن أحرم بعد أن سلم الإمام ، ولم يعلم ثم علم فليتم صلاته ، ولا يبتدئها ثم إن ذكر الإمام سجود السهو قبل السلام بعد أن طال أو خرج من المسجد بطلت على الإمام ، ولم تبطل على هذا انتهى .

                                                                                                                            ( الثالث ) : قال الأقفهسي في شرح الرسالة : ومعنى فضلها أن يكون له سبع وعشرون درجة ، وانظر من فاته أولها اختيارا أو اضطرارا أما إذا منعه مانع فإنه يحصل له قال الحفيد مذهب مالك أنه لا يحصل له فضل الجماعة إلا بإدراك الركعة إلا إذا فاته باقيها لمانع ، وأما إذا فاته ذلك عن اختيار وتفريط ، فلا يحصل له فضل الجماعة إلا بإدراك الصلاة كلها ، وانظر ما قاله ، وقال أبو حنيفة : يحصل له فضل الجماعة ، وهو ظاهر كلام صاحب الرسالة ، ولكن ينظر ما قاله الحفيد وفاقا للمذهب انتهى .

                                                                                                                            وقال الشيخ زروق في شرح قول الرسالة ومن أدرك ركعة فأكثر فقد أدرك الجماعة يعني أدرك فضلها وحكمها فيكون له ثواب من حضرها من أولها كاملا ويجري عليه حكمه فيصح استخلافه ، ولا يعيد في جماعة ، ويسجد مع الإمام لسهوه قبل السلام وبعده ، وسلامه كسلام المأموم ويبني في الرعاف على خلاف فيه انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية