الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( وسهو الفعل ) أو الجهل بحرمته وإن عذر به ( كعمده ) وعلمه ( في الأصح ) فيبطل مع الكثرة أو الفحش لندرته فيها ولقطعه النظم بخلاف القول ومن ثم فرق بين سهوه وعمده ومشيه صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين يحتمل التوالي وعدمه فهي واقعة حال فعلية ( وتبطل بقليل الأكل ) أي المأكول أي بوصوله للجوف ولو مع إكراه لشدة منافاته لها مع ندرته أما المضغ نفسه فلا يبطل قليله كبقية الأفعال

                                                                                                                              ( تنبيه ) مقتضى تفسير الأكل بما ذكر أنه بضم الهمزة فليتنبه له .

                                                                                                                              ( قلت إلا أن يكون ناسيا ) للصلاة ( أو جاهلا تحريمه ) فيها وعذر بما مر فلا يبطل قطعا ( والله أعلم ) بخلاف كثيره عرفا ككثير الفعل وإنما لم يبطل الصوم لأنه لا هيئة تذكر ثم بخلافه هنا فكان التقصير هنا أتم وإذا تقرر أن يسير المأكول يضر تعمده لا نحو نسيانه فلا فرق بين أن يكون معه فعل قليل أو لا ( فلو كان بفمه سكرة ) فذابت ( فبلع ) بكسر اللازم ( ذوبها ) أو أمكنه مجه . [ ص: 156 ] فقصر في تركه كما لو كانت نزلت نخامة من رأسه إلى حد الظاهر من فمه نظير ما يأتي في الصوم ومن ثم اشترط هنا أن يكون عامدا عالما بالتحريم أو قصر في التعلم فتعبيره ببلع المشعر بالقصد والتعمد أولى من تعبير أصله بتسوغ وتذوب أي تنزل لجوفه بلا فعل لإيهامه البطلان ولو مع نحو النسيان ( بطلت ) صلاته ( في الأصح ) لما مر .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله بخلاف القول ) فيه أن كثير القول مبطل مع السهو والجهل أيضا كما تقدم فليتأمل إلا أن يقال كثير القول المبطل مطلقا غير كثير الفعل المبطل كذلك ( قوله بخلاف كثيره ) يفيد أن كثير المأكول يبطل ؛ لأنه [ ص: 156 ] فسر الأكل فيما سبق بالمأكول فلا يتوقف البطلان على الفعل المبطل م ر ( قوله نظير ما يأتي في الصوم ) يؤخذ منه أنه يأتي هنا نظير ما يأتي ثم فيما لو وضع نحو السكرة في فمه بلا حاجة فذابت ونزلت إلى جوفه فراجعه .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( وسهو الفعل ) أي المبطل نهاية ومغني ( قوله أو الجهل ) إلى التنبيه في النهاية والمغني قول المتن ( في الأصح ) والثاني واختاره في التحقيق أنه كعمد قليله واختاره السبكي وغيره نهاية ومغني ( قوله لندرته ) أي السهو مغني .

                                                                                                                              ( قوله بخلاف القول إلخ ) فيه أن كثير القول مبطل مع السهو والجهل أيضا كما تقدم إلا أن يقال كثير القول المبطل مطلقا غير كثير الفعل المبطل كذلك سم ( قوله فهي واقعة حال فعلية ) أي والاحتمال يبطلها ع ش وعبارة الرشيدي قضيته أن التوالي مبطل في هذه الواقعة ، وهو خلاف صريح كلامهم فإنهم نصوا على أن من تيقن بعد سلامه ترك شيء من الصلاة يعود إليها ويفعله ما لم يطل الفصل وإن تكلم بعد السلام أو خرج من المسجد أو استدبر القبلة فقولهم أو خرج من المسجد صادق بما إذا كان بفعل كثير بالنسبة للصلاة بل الخروج من المسجد لا يتأتى بدون ذلك خصوصا ولم يقيدوا ذلك بما إذا كان بقرب باب المسجد فليراجع وليحرر ا هـ . عبارة التحفة في مسألة تيقن ترك شيء بعد سلامه وإن مشى قليلا ا هـ وعبارة الكردي على شرح بافضل فيها قوله إن قصر زمنه قال الخطيب في شرح التنبيه وإن خرج من المسجد انتهى قال في الإيعاب أي من غير فعل كثير متوال كما هو ظاهر انتهى ا هـ وكل منهما صريح في عدم اغتفار الفعل الكثير في تلك المسألة والله أعلم قول المتن ( بقليل الأكل ) أي عرفا ولا يتقيد بنحو السمسمة ومثله ما لو وصل مفطر جوفه كباطن أذن وإن قل نهاية .

                                                                                                                              ( قوله أي المأكول ) أي والمشروب ولو من الريق المختلط بغيره شيخنا ( قوله للصلاة ) إلى قول المتن ذوبها في المغني وإلى التنبيه في النهاية ( قوله بما مر ) أي بقرب عهده بالإسلام أو بعده عن العلماء مغني ( قوله فلا تبطل إلخ ) أي بقليله ( قوله بخلاف كثيره إلخ ) أي ولو ناسيا أو جاهلا نهاية زاد المغني وشرح المنهج ولو مفرقا ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله لأنه لا هيئة إلخ ) هذا إنما يصلح فرقا للناسي دون الجاهل والفرق الصالح لذلك أن الصلاة ذات أفعال منظومة والفعل الكثير يقطع نظمها بخلاف الصوم فإنه كف مغني وشيخنا ( قوله لا نحو نسيانه ) أدخل بالنحو الجهل ( قوله بكسر اللازم ) وحكي فتحها نهاية ومغني ( قوله أو أمكنه إلخ ) عطف على قول المصنف فبلع إلخ وضمير مجه لذوبها ( قوله أو أمكنه مجه فقصر إلخ ) أي بخلاف ما إذا جرى ريقه بباقي الطعام بين أسنانه وعجزه عن تمييزه ومجه أو نزلت نخامة ولم يمكنه إمساكها نهاية قال ع ش قوله م ر وعجز عن تمييزه إلخ أي أما مجرد الطعم أو اللون الباقي بعد شرب نحو القهوة مما يغير لون ريقه أو طعمه فالأقرب أنه لا يضر ؛ لأن مجرد اللون يجوز أن يكون اكتسبه الريق من مجاورته للأسود أخذا مما قالوه في طهارة الماء إذا تغير بمجاور وقوله م ر ولم .

                                                                                                                              [ ص: 156 ] يمكنه إمساكها أي أو أمكنه ونسي كونه في صلاة أو جهل تحريم ابتلاعها ا هـ . ( قوله فقصر في تركه ) أي فنزل بنفسه إلى جوفه ( قوله نظير ما يأتي إلخ ) يؤخذ منه أنه يأتي هنا نظير ما يأتي ثم فيما لو وضع نحو السكرة في فمه بلا حاجة فذابت ونزلت إلى جوفه فراجعه سم عبارة شيخنا بدل قول الشارح المذكور إذ القاعدة أن كل ما أبطل الصوم أبطل الصلاة غالبا وخرج بقولنا غالبا ما لو أكل قليلا ناسيا فظن البطلان ثم أكل قليلا عامدا فإن ذلك يبطل الصوم ؛ لأنه كان من حقه الإمساك وإن ظن البطلان فلما أكل بطل صومه تغليظا عليه ولا يبطل الصلاة ؛ لأنه معذور بظنه البطلان ولا إمساك فيها وفي ع ش ما يوافقه ومعلوم أن محل ذلك ما إذا كان مجموع الآكلين قليلا ؛ لأن الأكل الكثير مبطل هنا مطلقا ( قوله أو قصر إلخ ) أي مقصرا فهو من عطف الفعل على الاسم المتضمن بمعناه كما في { فالق الإصباح وجعل الليل سكنا } . ( قوله لما مر ) أي من منافاته للصلاة مع ندرته




                                                                                                                              الخدمات العلمية